ندوة لمركز التعليم المستمر تناقش التحديات المستقبلية التي سيعيشها العالم وأثرها على الطلبة والمجتمع

قرعت ندوة رقمية نظمها مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت، ناقوس الخطر بسبب عدم جاهزية الطلبة وعدم إدراكهم الكافي للتحديات والمخاطر التي ستسببها الثورة التكنولوجيا الجديدة، والاقتصاد الرقمي، والتغييرات المناخية، التي ستحدث عالم مختلف كلياً عن عالمنا اليوم، وما تتطلبه من مهارات وتوجهات مختلفة ومتطورة حتى يتمكن طلبة اليوم من الصمود في وجه هذه التحديات والاستفادة من الفرص الجديدة التي سيوفرها هذا المستقبل.

وأكد المتحدثون في الندوة التي عقدت يوم الثلاثاء 26 كانون الثاني2021، وجاءت بعنوان: "كيف سيبدو العالم في 2035؟  هل نحن شركاء في صناعة المستقبل أم متفرجون؟ هل طلبتنا جاهزون؟"، على الأهمية القصوى لعمل إصلاحات سريعة جداً على نظم التعليم الأساسي والعالي لتهيئ طلبتنا لهذا المستقبل ولتوعيتهم إلى ضرورة تحمل مسؤولية تعلُّمهم ومستقبلهم.

قدم هذه الندوة مدير مركز التعليم المستمر أ. مروان ترزي، حيث أثار النقاش مع ضيوفه بطرح أسئلة  تتعلق بالتوقعات المستقبلية في أربعة محاور رئيسية وأثرها على مستقبلنا خلال العقد أو العقدين القادمين، وهي التدهور البيئي، والتغيير في نوع وطبيعة الأشغال، والتغييرات المرتقبة على حياة الأفراد والمجتمعات بسبب التطورات التكنولوجية السريعة، وكيف ستؤثر كلها سياسياً على المنطقة .

فيما أشار د. مازن قمصيه، وهو أستاذ وباحث في جامعة بيت لحم وجامعة بيرزيت ومدير متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي، إلى أن التغيير المناخي هو خطر حقيقي على البشرية، وأن فلسطين ليست معزولة قطعياً عما يحدث حول الكرة الأرضية من اندثار 60٪ من الغابات في العالم والحيوانات وارتفاع درجات الحرارة والخطر النووي، واستخدم الكارثة البيئية والإنسانية التي تعيشها غزة كمثال حقيقي عن تدهور بيئي وتحول أكثر بقعة مزدحمة بالسكان في العالم إلى منطقة منكوبة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث أصبحت المياه الجوفية غير صالحة للشرب أو حتى الزراعة، والشواطئ ملوثة وبدون أسماك، ونسبة الفقر تصل إلى 70 %، ونسبة البطالة تصل إلى 50% .

وحذّر د. قمصيه بأن الضفة الغربية اليوم متجهة إلى وضع مشابه، وأن نظام التعليم يجب أن يدمج الوعي والمبادرات البيئية بشكل مفصل وعميق ويحث الطلبة والشباب إلى العودة للأرض والزراعة والمسؤولية والثقافة البيئية.

وبدوره أعرب د. إياد عليان، وهو أستاذ في علوم الحاسوب والذكاء الصناعي، بأن الثورة الصناعية أو ثورة البيانات بدأت بتغيير العالم الاقتصادي الذي نعيشه اليوم بشكل جذري، وأنها تتطور بتسارع كبير، وهو أمر مثير لكنه مرعب، لأن علوم البيانات والذكاء الصناعي بدأت بالقضاء على عدد متزايد من الأعمال التقليدية، وبدأت بخلق أعمال مختلفة كلياً عما نعرفه اليوم، وأضاف: "إن السعي لخلق وظائف جديدة  لن يكون بالأمر السهل ولن يتناسب مع حجم خسارة الوظائف وخصوصاً مع عدم جاهزية نظم التعليم الحالية نحو تهيئة الطلبة لمتطلبات العالم الجديد، وعدم وعي طلبتنا بما ينتظرهم من مستقبل وهذا سوف يخلق كمّاً هائلاً من البطالة والمشاكل الاجتماعية والسياسية، إن لم يتم التعامل مع الموضوع بشكل سريع وذكي".

من جهته بيَن د. علي رباعي وهو مختص أنثروبولوجيا علوم البيانات، أن العالم الحالي يعيش تغيراً دراماتيكياً يؤثر في حياة الفرد والمجتمعات، حيث دخلت التكنولوجيا في جميع نواحي حياتنا اليومية ووفرت تسهيلات وخدمات لا تحصى، ولكنها في الوقت ذاته بدأت بالقضاء على كم هائل من الوظائف وانتهاك خصوصية الفرد ومكّنت الحكومات والشركات العالمية من التجسس على المواطنين والأفراد والسيطرة عليهم. وأوضح أنه منذ بداية تاريخ البشرية كان للتطورات التكنولوجية أثر مباشر على سلوكيات الإنسان، وأن الإنسان عبر التاريخ  والمجتمعات أثبت قدرة عالية للتكيف مع التغييرات المحيطة به، وما يحصل اليوم هو غير مختلف، ولكن وتيرة التغيير سريعة جداً. مؤكداً على أهمية وجود نظم تعليم مناسبة وملائمة للتغييرات لأن أدوات التكيف اليوم، بحاجة إلى مهارات ومعارف عالية ومتطورة.

وعلى الصعيد السياسي، أشار د. باسم الزبيدي وهو أستاذ مشارك في دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، إلى أن السياسة هي ظل البشر فلا يمكن لأحد الاستغناء عن ظله أو إلغاءه،  مبيناً أن التحديات الناجمة عن التغيير في المناخ والتكنولوجيا والمجتمعات ستؤثر بشكل مباشر على فلسطين والعالم العربي، حيث لم تستطع الدول العربية اللحاق بركب التقدم التكنولوجي، بسبب ضعف المنظومة التعليمية، إضافة إلى وجود الاحتلال والصراعات الإقليمية والمحلية المدمرة.

وأكد د. الزبيدي أن التعامل مع هذه التحديات لا يمكن أن يتم ضمن المنظومة السياسية السائدة في العالم العربي اليوم، فالتنمية والحداثة تعني التباين في الأدوار والتحول المعرفي والديمقراطي، حتى يتمكن الجميع من التشارك في صناعة المستقبل بشكل مسؤول وأخلاقي، مؤكداً على ضرورة تطوير نظم التعليم حتى تعزز تلك القيم والمفاهيم في الأجيال الحالية والقادمة.

يمكنكم مشاهدة تسجيل الندوة أو الحصول على تفاصيل إضافية عن المتحدثين هنا.