د. دوماني يناقش في "ندوات بيرزيتية" الحرية الأكاديمية

عقد مكتب نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في جامعة بيرزيت، يوم الثلاثاء 12 تشرين الأول 2021، الندوة الأولى ضمن سلسلة ندوات بيرزيتية، والتي قدمها رئيس الجامعة د. بشارة دوماني بعنوان: "الحرية الأكاديمية".

وتحدث د. دوماني عن مفهوم الحرية الأكاديمية والذي لا يبدو واضحاً بشكل كامل ويخضع لسياقات ثقافية واجتماعية مختلفة حول العالم، وقدم د. دوماني تسلسلا زمنيا لتطور هذا المفهوم الذي أثار جدلاً واسعاً بين أوساط المهتمين بالشأن العام الجامعي، وقدم قراءة لمفهوم الحرية الأكاديمية بما يشمل الاختلافات حوله، وإبراز مساحات الاتفاق العامة، مبيناً المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والإعلانات ذات الصلة عالمياً وإقليمياً، مثل إعلانات ليما وكمبالا وإعلان الحرية الأكاديمية عام 2005.

وبين د. دوماني أنه ومع دخول العالم مرحلة التسعينيات من القرن الماضي وما شاهده العالم من تطور هائل وغير مسبوق في العلوم والتكنولوجيا والأمراض وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد إلى آخره من طفرات هائلة جدا في العلم، تجذّر الوعي بأهمية الحريات الأكاديمية المنتجة. فنجد حاليا العديد من المواقع التي تعتني بالحريات الاكاديمية وما يتعرض له الأكاديميون من ضغوط وتشرد وتصفيات في البلدان الفاقدة لحريات الانسان. 

وقال دوماني أن الحرية الأكاديمية ترتبط بحرية الفكر والتعبير، وهو حق يتمتع به أعضاء هيئة التدريس والطلبة والعاملين بمؤسسات التعليم العالي، ويشتمل على حجرية البحث والنشر والتدريس والابتكار، بهدف خلق المعرفة وتطويرها، وبالتالي فإن الانتهاكات التي تستهدف أعضاء المجتمع الأكاديمي بغية تقييد حريتهم في العمل الأكاديمي تندرج في نطاق الحرية الأكاديمية.

وتحدث د. دوماني عن تجربة عمله في عدد من الجامعات الأمريكية، وما فرض من قيود على الحرية الأكاديمية بعد 11 سبتمبر، وأبرزها محاولة التيار اليميني في الولايات المتحدة استغلال هذه الأحداث لتمرير قانون يهدف إلى وضع الدراسات الدولية التي يجري تمويلها بأموال فيدرالية حكومية تحت وصاية الكونجرس الأمريكي، وذلك بحجة أن الدراسات الدولية، وفي مقدمتها دراسات الشرق الأوسط لا تخدم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، وقد نجحت جهودهم في إقناع مجلس النواب الأمريكي في أكتوبر 2002 بتعديل قانون تمويل البحوث الجامعية.

وبين د. دوماني أن فرض قانون مكافحة الإرهاب على الجامعات، أدى إلى تعاون وثيق بين الجامعات وأجهزة الأمن وإمدادها بكل ما تطلبه من معلومات، فقد نص على أن تقوم الجامعات بتقديم الملف الخاص بأي طالب بكل ما يحتويه هذا الملف من معلومات إذا ما طلبته أجهزة الأمن، دون إخطار الطالب، بل يسمح القانون لأجهزة الأمن بأن تقوم بمراقبة الاتصالات الإلكترونية الخاصة بالجامعات، وهو ما ينطبق بالضرورة ليس فقط على الطلبة وإنما على كل من يعمل في الجامعة، ويتعامل معها.

وفي فلسطين وبالتحديد في جامعة بيرزيت، تحدث دوماني عن قيود وممارسات الاحتلال التي تعيق حرية التعليم، فقال: "كانت إحدى أكثر المحاولات لتقييد الجامعات الفلسطينية إصدار الأمر العسكري 854 الخاص بالتعليم العالي في العام ١٩٨٠ الذي ينص على اعتماد القانون الأردني فيما يخص التعليم، وفي هذه الحالة كان يعني إخضاع التعليم العالي بشكل كامل للحكم العسكري، وتحديداً إخضاع قبول الطلبة والتوظيف والمناهج الدراسية لرقابة الاحتلال، وكذلك اشتراط حصول الأساتذة الدوليين على تصاريح عمل بالتوقيع على نموذج طلب تصريح يتضمن بندا يدين وينبذ منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها منظمة إرهابية."

وأضاف: "بقي الأمر عسكري لمدة سنتين تقريباً غير مطبق، ولكن في العام ١٩٨٢ أصرت الإدارة المدنية الإسرائيلية على التوقيع على الوثيقة، حيث رفض أكاديميو وإدارة جامعة بيرزيت هذا الأمر، وهنا بدأت عمليات الإبعاد التي شملت أساتذة من جامعة بيرزيت وجامعات فلسطينية أخرى، وحتى هذا اليوم يعاني أساتذة جامعة بيرزيت الأجانب من سياسة الإبعاد التي يمارسها الاحتلال ورفض إصدار الفيزا الخاصة بهم للقدوم إلى فلسطين والتدريس في الجامعة."

يذكر أن "ندوات بيرزيتية" هي سلسلة ندوات شهرية ينظمها مكتب نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، تسلط الضوء على قضايا معاصرة للأكاديميا وعلى التحولات التي تشهدها في ضوء التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات، وتعاظم أهمية المقاربات بينية-الحقول وتلك العابرة للحقول في انتاج المعرفة وبلورة فهم أفضل للعلاقة بين المجتمع والتكنولوجيا والبيئة.