د. إبراهيم أبو هشهش يترجم رواية «مالته لوريدز بريغه» لراينر ماريا ريلكه

قام أستاذ الأدب الحديث في جامعة بيرزيت إبراهيم أبو هشهش، ؛مؤخرا بترجمة رواية "مذكرات مالته لوريدز بريغه"، للألماني راينر ماريا ريلكه، والتي صدرت عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمان ورام الله، وهذه الرواية التي ترجمت إلى أكثر من لغة عالمية، ونقل وترجمة هذه الرواية إلى اللغة العربية يعد إنجازا مهما وإضافة نوعية للمكتبة العربية للإطلاع على العمل الروائي المهم.

يقول د. أبو هشهش في مقدمته للرواية: تعد رواية "مالته لوريدز بريغه"، واحدة من أهم الروايات الانطباعية في القرن العشرين، فقد مثلت انقطاعا عن التقاليد الروائية الألمانية الواقعية في القرن التاسع عشر، وكان لها تأثير كبير على الرواية الأوروبية الحديثة. مبينا أن أبرز سمة تميز هذه الرواية وتجعلها من الروايات الأولى التي مهدت الطريق للرواية الحديثة، هي غياب الحدث المركزي بوصفه نقطة الارتكاز الأساسية للسرد، واعتمادها بشكل واضح على تقنية المونولوغ وتيار الوعي التي بلغت ذروتها لاحقا على يدي مارسيل بروست وجيمس جويس، وانتهاجها الأسلوب المونتاجي الذي ميز على نحو خاص القسم الثالث من الرواية وأصبح من المبادئ التكوينية الأساسية التي منحت السرد شخصيته الخاصة، فالرواية لا تقوم على أحداث كرونولوجية يمكن للقارئ متابعتها وربط أجزائها معا، لأن المشاهد والمقاطع المتلاحقة لا رابط بينها سوى مشاعر السارد "مالته"، وتطور وعيه من خلال مشاهداته وانطباعاته وقراءاته التي يتابعها القارئ في واحد وسبعين مقطعا يمكن قراءتها منفصلة على أنها قصائد نثر قائمة بذاتها، ولكنها في الوقت نفسه هي ما يشكل المقولة السردية الكلية في الرواية، من خلال الربط الكنائي بين الموتيفات والثيمات والمواقف المتضادة أحيانا والمتناظرة أوالمتوازية أحيانا أخرى. وعلى الرغم من انحلال الأحداث وتفككها في الرواية، إلا أنها مع ذلك تتطور وتتقدم؛ فتقنية اليوميات أو المذكرات والمونتاج المتزامن تؤدي معا وظيفة الوصف السردي، ليس في تطور البطل وحسب، وإنما أيضا في مسار الرواية نفسها، وهذا ما يجعلها رواية وعي وليست رواية حدث، وعليه فإن رواية الوعي بهذا المعنى هي بداية الرواية الحديثة.

ويعتبر ريلكه (1885- 1926) أعظم شعراء ألمانيا في القرن العشرين، وبين كبار شعراء القرن العشرين. ولد في براغ وقضى معظم عقود حياته متجولاً في معظم أرجاء أوروبا، كما زار تونس ومصر، وأقام في سويسرا اعتباراً من سنة 1919. بين أهمّ أعماله: «كتاب الصور»، «قصص الإله الطيب»، «كتاب الساعات»، «مراثي دوينو»، وسونيتات إلى أورفيوس». وجدير بالذكر أنّ الشاعر والناقد العراقي كاظم جهاد أنجز ترجمة غالبية أشعار ريلكه إلى العربية.

جدير بالذكر أن د. أبو هشهش حاصل على دكتوراه في الأدب العربي (1992) من جامعة برلين في ألمانيا، ونشر عدداً من الدراسات في الأدب الحديث والأدب المقارن، وصدرت له عدة كتب مترجمة عن الألمانية في الفكر والأدب وكتب الأطفال. وفي هذا المضمار الأخير صدر له بالعربية كتاب "أول المطر: قراءة في مضامين كتابات أطفال فلسطين (1996- 2009)" - منشورات مؤسسة تامر، رام الله، 2011- وتناول فيه نصوصاً للأطفال وكتابات منشورة ضمن مسابقة  بعنوان "كتابي الأول" من حيث مضامينها وموضوعاتها انطلاقاً من أن ما تحويه هذه الكتب يعكس الواقع الفلسطيني بمختلف موضوعاته وهمومه من أعين الأطفال. ووفقاً لتحليله فقد برزت عدة موضوعات تشغل أفكار أطفال فلسطين، وتكشف عن قضايا من حياتهم اليومية كمواضيع النكبة، والعودة من الشتات، والانتفاضة الثانية، ولم تستثن كتابات الأطفال الحياة اليومية بتفاصيلها وقضاياها المتعدّدة التي تمس أطفال فلسطين أينما كانوا.