برنامج الدكتوراة ينظم حفل إطلاق لكتاب "مفهمة فلسطين الحديثة: نماذج من المعرفة التحريرية"

نظم برنامج الدكتوراة في العلوم الاجتماعية وبالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، يوم الثلاثاء 22 آذار 20222، حفل إطلاق كتاب "مفهمة فلسطين الحديثة: نماذج من المعرفة التحريرية"، من إشراف وتحرير أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية والعربية في جامعة بيرزيت عبد الرحيم الشيخ، وشارك فيه سبعة مرشحين/ات في برنامج الدكتوراة في العلوم الاجتماعية، هم/ن: فيروز سالم، وخلود ناصر، وأشرف بدر، وقسم الحاج، وعلي موسى، وأسماء الشرباتي، وعبد الجواد عمر.

وتضمن حفل الاطلاق ندوة أدارتها رنا عناني ممثلة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وشارك بها كل من عميد الدراسات العليا د. عاصم خليل، و د. عبد الرحيم الشيخ وطالبي الدكتوراة أشرف بدر وخلود ناصر.

 وأوضحت عناني أن الكتاب هو إحدى ثمار التعاون ما بين المؤسسة والجامعة وهو نتاج شراكة معرفية أكاديمية ممتدة عبر سنوات طويلة بين هاتين المؤسستين.

وقالت: "يشتمل الكتاب على سبعة أبحاث أكاديمية تبحث عدة عناصر من الكلاسيكيات الكبرى للهوية الوطنية الفلسطينية: أرضاً، وناساً، وحكاية. وتشكّل فصول الكتاب، خطوة من داخل فلسطين المحتلة على طريق مفهمة فلسطين الحديثة من خلال مداخل حقلية ومنهجية متعددة تقارب فلسطين المذرَّرة جغرافياً وديموغرافياً، والمتعددة ثقافياً، بأدوات تراعي أصلية المواد في قيد البحث وأصلانية مناهج الباحثين التي تراوح بين دراسات ما بعد الاستعمار، والدراسات الأصلانية، والبحث المحارب. وقد أتاحت هذه التوجهات الحقلية والمنهجية للباحثين نقداً مزدوجاً للثبات الأيديولوجي لمشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، والتحوُّل الذي أصاب مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية."

فيما تحدث د. خليل عن عملية اعداد الكتاب ونشره قائلاً: "هذا الكتاب وعملية تحضيره تعطينا صورة عن ماهية الأكاديمي وبالتالي عن ماهية الجامعة، معتبرا أن الأكاديمي ينشر، ويبحث، ويسأل واختزال عمل الأكاديمي بأي من هذه المهام لا ينتقص من ماهية الأكاديمي فحسب بل ينفي عنه هذه الصفة، متابعا: الجامعة لن تكون جامعة إن لم تكن حاضنة للنشر والبحث والسؤال، فالجامعة ليست مكانا لتصدير مخرجات  النشر والمنافسة مع جامعات أخرى في عدد المنشورات ونسبة الاقتباسات، ولديها خطر اسمه تسليع التعليم، وهناك تحد للضغط على الجامعة بأن تتحول إلى مكان يصنع خريجين بشكل معين أو أن يقوم بالتركيز بالمنتج، لا يختلف في هذه الحالة عن أي مصنع أو شركة.

وأشار د. خليل إلى أن الأكاديمي يبحث، ليس فقط للنشر بل لإيجاد الأجوبة، وهذا يقتضي منه استخدام المناهج والوسائل التي تتيحها المعارف المتراكمة ليصل إلى أجوبة على أسئلة يطرحها، سواء وصلت إلى مرحلة النشر الأكاديمي أم لم تصل، ومن هنا الجامعة هي المكان، ويجب أن تبقى المكان الذي نصل فيها ومن خلالها لأجوبة مختلفة ليس فقط لكون مناهجنا في البحث وطرقنا مختلفة وإنما أيضاً للاعتراف بطبيعتنا البشرية المتعددة وأن هذا مصدر قوتنا وليس ضعفنا."

وأضاف: "يشكل الكتاب مساحة للبحث عن أجوبة. هذه المرة من قبل طلبة دكتوراه في العلوم الاجتماعية في جامعة بيرزيت. من قلب فلسطين عن فلسطين. وليس عن فلسطين من خارجها. ولا أقصد هنا الجغرافيا طبعاً. هذا الكتاب ليس عن فلسطين. هذا الكتاب رواية الفلسطينيين. هذا الكتاب عن فلسطين الفلسطينيين. وقد تم الجواب على الأسئلة من خلال مداخل عابرة للحقول. بالضبط كما يجب أن يكون التعليم الجامعي. ليس تعليما مجتزئ. فنحن لا نعمل في مصنع سيارات كل من العاملين فيها مطلوب منه تركيب برغي. المعرفة العابرة للحقول هي معرفة تقترب للشمولية وترفض التقوقع في حدود الحقول العلمية. فالمعرفة بطبيعتها عابرة للحقول. والتعليم الجامعي الذي يقيد هذا النوع من المعرفة باسم التخصص يساهم في بتر التعليم عن المعرفة. "

من جانبه تحدث د. الشيخ عن دور الجامعة في إنتاج معرفة عن فلسطين من داخل فلسطين، حيث أشار إلى أن "نظريات التربية اليوم تتمحور حول الطالب، وأن الفلسفة التربوية التي نؤمن بها هي التعامل مع الطلبة كأنداد وشركاء، لا كمتلقين سلبيين للمعرفة. وهذه الفلسفة، في مجال إنتاج معرفة عن فلسطين، تحكمها ثلاث مقولات معروفة: الأولى، أن الأستاذ هو قابلة، وهو، بذلك ليس الأب ولا الأم، لا يستحدث المعرفة في الطلبة، بل يولِّدها ويصقلها. والثانية، أن المعرفة لدى الطلبة هي كالتمثال في الصخرة، والعبرة فيمن يخرجه، لا فيمن يصنعه. والثالثة، أن الطلبة ليسوا مكاناً لإيداع المعرفة، بل يجري، عبر العملية التربوية، تحويلهم من قصبات شاغرة إلى قصبات شاعرة تنطق بالمعرفة".  

 

وأكد د. الشيخ أن البحث في جامعة بيرزيت، في الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، ينسجم مع رسالة الجامعة التي ترواح بين هذه المقولات الثلاث في إنتاج نماذج من المعرفة التحررية، والرسالة تستند إلى ثلاثة مكونات، هي: التدريب الأكاديمي، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع." وقد نوَّه د. الشيخ إلى أن تجربته البحثية مع الطلبة في جامعة بيرزيت "تبلورت من خلال تسعة مساقات تتمحور حول فلسطين، هي: "فلسطين الهوية والقضية" و"دفاتر السجن: الحركة الفلسطينية الأسيرة" و"دفاتر الفداء: الحركة الفلسطينية الشهيدة" و"دفاتر العودة: الحركة الفلسطينية اللَّاجئة" و"الدراسات الثقافية البصرية الفلسطينية" و"بروباغاندا: فلسطين الداخل-والخارج" على مستوى البكالوريوس. و"القومية العربية وسياسات الهوية" و"التربية على الديمقراطية وحقوق الإنسان" على مستوى الماجستير. و"مفهمة فلسطين الحديثة" على مستوى الدكتوراه." كما أشار إلى أن "النتاج البحثي المنشور، على شكل كتب محررة وملفات بحثية في مجلات أكاديمية محكَّمة، كانت ثمرة ورش كتابية في هذه المساقات، والتي تتضمن، أيضاً، مشروعين آخرين، قيد الإنجاز، هما: "مفهمة فلسطين 2" و"مدونة شهداء جامعة بيرزيت" التي تحظى بدعم من الجامعة وبخاصة لجنة البحث العلمي فيها."   

فيما تطرق بدر وناصر إلى الصعوبة التي يواجهها الأكاديمي في النشر، لأن الأمر ليس سهلا ومعقدا، وفي أوعية النشر الإجراءات طويلة أحيانا ومعقدة وما يتم رفضه أكثر مما يتم قبولها، وبين بدر أن الكتاب هو نتيجة تلاقح فكري، وجهد جماعي من المشرفين على البرنامج ومن الطلبة، فيما تحدث ناصر عن برنامج الدكتوراة في الجامعة مبينة أنه برنامج هام ويوسع الدائرة المعرفية بتعدد حقوله، وعمق الحس النقدي بتنوع مدارسه الفكرية.