مركز التعليم المستمر ينظم منتدى آفاق الذكاء الاصطناعي

نظم مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت وبرعاية وزارة التربية والتعليم العالي، يوم الثلاثاء 4 شباط 2025، منتدى بعنوان: (آفاق الذكاء الاصطناعي: تطور منظومة التعليم العالي وتحديات مستقبل الأعمال)، وناقش أحدث التوجهات والابتكارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في المجال الأكاديمي والتعليمي مع استعراض كيفية تهيئة الطلبة والجامعات لمستقبل سريع التغير في سوق العمل.
جاء هذا الحدث المتميز بتنظيم من جامعة بيرزيت – مركز التعليم المستمر، وتحت رعاية وزارة التربية وبالشراكة مع جامعة الأزهر، جامعة بوليتكنيك فلسطين، وجامعة النجاح الوطنية، ضمن مشروع مشترك ممول من مركز بحوث التنمية الدولية (IDRC)، وبدعم حصري من مجموعة بنك فلسطين وصندوق الاستثمار الفلسطيني.
شهد المنتدى، حضورًا واسعًا لأكثر من 450 مشاركاً ومشاركة من ممثلي الجامعات الفلسطينية، والقطاع الخاص، والقطاع الحكومي، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات الداعمة، إلى جانب المهتمين بمواضيع الذكاء الاصطناعي والتعليم وسوق العمل. عكست هذه المشاركة الاهتمام المتزايد بضرورة تبني استراتيجيات وطنية تواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة وتعزز من تنافسية الخريجين الفلسطينيين في السوق العالمي. 
وقال وزير التربية والتعليم العالي أ. د. أمجد برهم إن الاحتلال قتل الآلاف من الطلبة والأكاديميين في غزة، بما فيهم أكثر من 100 من الكوادر الأكاديمية والعلمية الفلسطينية البارزة على مُستوى العالم، "لكن عندما نتحدث عن التعليم داخل فلسطين فإننا نتحدث عن الإرادة الصلبة والجهد المُتميز". 
وتابع: "استطعنا أن نعيد التعليم إلى قطاع غزة بفضل التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، إذ إن هناك مئات الآلاف ينتظمون في تعليمهم، وجامعات القطاع انتظم فيها أكثر من 80 ألف طالب من خلال التعليم الافتراضي".
وبين برهم أن الوزارة تبذل جهودها لتعزيز التطور التكنولوجي بما فيه الذكاء الاصطناعي في التعليم لمُواكبة التطور العالمي، "لأننا نمتلك العقول المبدعة التي تطلع إلى بناء المستقبل"
بدوره، قال رئيس جامعة بيرزيت بالوكالة د. عاصم خليل، إن انعقاد هذا المنتدى يأتي في وقت حاسم يشهد فيه العالم ثورة رقمية شاملة، يتقدمها الذكاء الاصطناعي الذي بات أحد أعمدة الاقتصاد الرقمي العالمي.
وأضاف، أن الفعالية تكتسب أهمية خاصة، إذ إنها تناقش موضوعاً استراتيجيا يؤثر في جميع مناحي حياتنا، من التعليم إلى سوق العمل، مروراً بالابتكار وريادة الأعمال.
وأردف، أن جامعة بيرزيت تواصل تعزيز دورها الريادي من خلال إطلاق برامج أكاديمية متقدمة، تُواكب التطورات العالمية وتلبي احتياجات سوق العمل المتغير. ومن بين هذه البرامج: برنامج الدكتوراه في علم الحاسوب، الذي يركز على الذكاء الاصطناعي وأنظمة البرمجيات، وبرنامج الماجستير في الأمن السيبراني، الذي يُعِدُّ مختصين قادرين على مواجهة التحديات الرقمية المتزايدة.
وطالب د. خليل بالعمل على توفير كل أشكال الدعم لأهلنا في غزة، سواء من خلال تعزيز الفرص التعليمية، أو توفير منصات للتكنولوجيا المتطورة التي تمكّنهم من الإبداع والتطوير رغم التحديات، لأن مستقبل التعليم في فلسطين لن يكتمل إلا بضمان تمكين كل أبناء شعبنا.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أحدث تحولات جذرية في طبيعة التعليم والعمل والبحث العلمي، وعلينا كمؤسسات تعليمية أن نكون في طليعة المستجيبين لهذه التحولات، من خلال تطوير مناهجنا وبرامجنا الأكاديمية، وتعزيز قدرات كوادرنا الأكاديمية والإدارية، والاستثمار في بنية تحتية تكنولوجية متطورة.
وأكد أهمية التكامل بين القطاع الأكاديمي والقطاع الخاص، لتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تخدم احتياجات وطننا وتدفع عجلة التنمية، والخروج برؤية موحدة تعزز مستقبل التعليم العالي في فلسطين، وتسهم في تهيئة أجيال قادرة على قيادة التغيير وتحقيق التنمية المستدامة.
من ناحيته، قال ممثل بنك فلسطين سليم هودلي، إنه يمكن للذكاء الاصطناعي التأثير في جميع القطاعات، والمساعدة على تقديم المطلوب بشكل أسرع وأكثر تكاملية.
وأضاف، أن البنك عمل على رقمنة خدمات البنك والاستثمار في البنية التحتية لتبنّي الأفكار الريادية، والمساهمة في إقراض المشاريع المستدامة التي تُعنى بالتطور التكنولوجي. 
إلى ذلك، قال مدير مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت أسامة الميمي، إن المركز يسعى منذ تأسيسه إلى تعزيز الابتكار والتطوير وربط المعرفة الأكاديمية باحتياجات المجتمع. وأضاف، أن المركز يعمل على عملية التعليم والتعلم، والريادة ودعم الرياديين ودعم المنشآت الصغيرة، وبناء القدرات المهنية لطلبة الجامعات والخرجين الجدد والعاملين في المؤسسات.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي له دور كبير في موضوع تطوير المجالات كافة، مشددا على ضرورة تبنّي سياسات تعليم جريئة تسائل المسلمات وتحتضن الذكاء الاصطناعي.
وتحدث البروفيسور "V. Juggy Jagannathan" من جامعة وست فرجينيا في كلمة عبر تطبيق زوم عن مستقبل الذكاء الاصطناعي والآفاق التي يفتحها في مجالات التعليم والعمل والبحث العلمي، وكيفية توظيف هذه التقنية لإحداث تغيير إيجابي في عالمنا.
وقد تناول المنتدى عدة محاور أساسية، حيث انطلقت فعالياته بحلقة النقاش الأولى بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم العالي"، التي ناقشت الفرص والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي ودوره في تشكيل مستقبل التعليم، وأدار الجلسة د. يحيى السلقان، بمشاركة المتحدث الرئيسي د. محمد الخطيب، إلى جانب د. بصري صالح وكيل التعليم العالي، ود. زهير خليف من جامعة النجاح، بالإضافة إلى مشاركة باحثين مختصين.
تبع ذلك حلقة النقاش الثانية بعنوان "خارطة طريق لتحول الجامعات نحو العصر الرقمي"، التي استعرضت استراتيجيات تحويل الجامعات إلى مؤسسات رقمية متقدمة، وأدارها السيد سعيد زيدان، وشارك فيها متحدثان رئيسيان، Hazel Farell من إيرلندا وSabine Seufert من سويسرا، إلى جانب د. دانا القيمري من جامعة بيرزيت وباحثين متخصصين.
وفي الجلسة الثالثة، التي جاءت تحت عنوان "إعداد الطلاب لمستقبل الأعمال"، تمت مناقشة كيفية تجهيز الطلاب لمهن ووظائف جديدة في ظل التحول الرقمي وثورة التكنولوجيا، وأدار الجلسة عمر الساحلي، بمشاركة المتحدثة الرئيسية Deborah Webster، إلى جانب كل من السيد صخر النمري من بنك فلسطين، ود. أيمن الحروب من شركة Orion، بالإضافة إلى مشاركة عدد من الباحثين.
اختُتم المنتدى بجلسة تلخيصية أدارها د. رضوان طهبوب، نائب رئيس جامعة بوليتيكنيك فلسطين لتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، وبمشاركة كل من السيدة رانيا القاسم، مسؤول وحدة التطوير المهني وبناء المؤسسات في مركز التعليم المستمر - جامعة بيرزيت، والسيد سعيد زيدان، الرئيس التنفيذي لشركة ULTIMIT، ود. أمين نواهضة مدير عام التطوير والبحث العلمي في وزارة التربية والتعليم العالي.
وشهدت الجلسة استعراضًا لأبرز النقاشات والمخرجات، بالإضافة إلى الإعلان عن الخطوات المستقبلية لمتابعة تنفيذ التوصيات. وأجمع المتحدثون على أهمية بناء شراكات استراتيجية بين الجامعات والقطاع الخاص لدمج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية، وتطوير برامج تدريبية مرنة تحاكي متطلبات سوق العمل المتغيرة، مع ضرورة وضع سياسات حوكمة واضحة تضمن الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنيات.
وغادر المشاركون المنتدى برؤية معمقة حول الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل قطاع التعليم وتعزيز التنمية الاقتصادية. كما أعربوا عن تقديرهم للجهة المنظمة، مشددين على ضرورة استمرار مثل هذه المبادرات لدعم التحول الرقمي في فلسطين والاستفادة من الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.