د. هنيدة غانم: الفلسطينيون في إسرائيل يعانون من نقص المواطنة ومن الاستثناء من المشروع الوطني الفلسطيني

اعتبرت المديرة العامة للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" والأستاذة المساعدة في برنامج الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت هنيدة غانم أن الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، يقفون على العتبة بين عدة حقول قومية ومدنية متشابكة ومتناقضة تجعل من دورهم في المشروع الوطني الفلسطيني دوراً مركباً ومعقداً. جاء ذلك خلال ندوة عامة نظمها برنامج الدراسات الإسرائيلية في الجامعة الأربعاء الماضي ضمن سلسلة الندوات التي ينظمها البرنامج بشكل دوري.

وقالت غانم إن الفلسطينيين في الداخل يتواجدون بين طرفين من دون أن يكونوا جزءاً كاملاً من أي منهما، ودون أن يكونوا قد تعرضوا للإقصاء بشكل كامل من أحد الطرفين، وبالتالي فهم يتموضعون على حافة العديد من الدوائر المتناقضة والمتشابكة. فمن جهة يوجد الفلسطينيون في الداخل ضمن المشروع الفلسطيني العام الذي تشكل خارج حدود فلسطين المنكوبة عام 1948، لكنهم ظلوا خارج المشروع التحرري والمخيال القومي، ومن جهة أخرى فهم يتواجدون ضمن الحيز المدني الإسرائيلي كمواطنين في دولة أقيمت على أنقاض وطنهم، وهي دولة تراهم جزءاً من عدوها القومي.

وحول آليات التأثير توضح غانم أن الفلسطينيين في الداخل تحولوا نحو خيار "العمل المدني\المواطني"، كخيار استراتيجي ضمن محدوديات الواقع السياسي، مروراً بالسعي نحو الاندماج، ووصولاً إلى الرغبة في تفكيك النظام الاستعماري من داخله.

من جهة ثانية اعتبرت هنيدة غانم أن النكبة التي حصلت للفلسطينيين عام 1948، لعبت دوراً مزدوجاً في بناء الهوية الفلسطينية الحديثة، إذ تشكل النكبة لحظة الانشطار والهدم للكل الفلسطيني الواحد، وتشتيته إلى أجزاء موزعة جيو-سياسياً من جهة، بينما تشكل من جهة أخرى عقدة الربط الأساسية التي تقع في صلب بناء الهوية القومية الجمعية، وبناء الكينونة الوطنية الفلسطينية للشعب كوحدة وجدانية واحدة.

لكن في مقابل الهوية الجامعة والسردية القومية الواحدة، كما تصفها غانم، استمرت حالة التشظي السياسي دون أطر جامعة لها، لذلك فقد تطور المشروع الوطني في الشتات دون أن يكون فلسطينيو الداخل ضمن هذا المشروع، الذين تحولوا للانخراط في منظومة الدولة الإسرائيلية على أساس مواطنتهم، وطوروا مشاريعهم السياسية ولغتهم الحقوقية وأدواتهم النضالية المختلفة ضمن علاقات القوة والسياقات الموضوعية التي يتفاعلون معها.

واختتمت غانم الندوة بالقول إن الطريقة الأمثل لتجاوز الشرذمة التي يعاني منها الفلسطينيون بشكل عام هي إيجاد أطر وطنية جامعة للتنسيق والتشبيك السياسي من جهة، وفي موازاة المشاريع السياسية للجماعات المختلفة مع التركيز على الاستثمار في الجامع الوطني من جهة أخرى. في إطار ذلك ترى غانم أن على المشروع الوطني الجامع أن يشمل الفلسطينيين في الداخل، ضمن خصوصية موقعهم المتوتر والمفتوح على كل الخيارات، وأن يشكلوا بيت القصيد في أي مشروع وطني مستقبلي.