صالح مشارقه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Saleh Masharqa (2011)
التعميم والتعتيم في قضايا النوع الاجتماعي
قراءة تحليلية في نماذج تغطية الصحافة الفلسطينية المكتوبة للقضايا النسوية
مقدمة:
في هذه الدراسة سيتم فحص لغة تعميم اخبار النوع الاجتماعي في الصحافة الفلسطينية المكتوبة والتي قد تتخذ قوالب إخبارية نمطية، قد تعيد إنتاج فوارق بين الرجل والمرأة في وسائل الإعلام الحديثة. ووسنحاول كشف مخاطر تعميم خطاب المرأة في طابع استهلاكي وعلاقات عامة مؤسساتية يومية، ووسنحلل القوالب الصحفية المستخدمة في التغطية، باستخدام الخطاب وادوات تحليل الخطاب لإيصال الرسالة من وجهة نظر النسوية كفكر اجتماعي بأدوات الإعلام كتخصص يتهرب من الانحياز لقضايا المرأة ويحاول ان يظل في منطق الحياد تحت شعارات المهنية. او تحت شعارات صحافة الخبر السائدة وليس صحافة الرأي التي يتحاشى الاعلام "العصري" التعامل بها.
مراجعة الأدبيات:
جاء تعريف تعميم النوع الاجتماعي من خلال وثيقة تقدمت بها الأمم المتحدة لمؤتمر المرأة في بكين عام 1995 وحسب الوثيقة فان التعريف كان كالتالي:
Mainstreaming a gender perspective is the process of assessing the implications for women and men of any planned action, including legislation, policies or programmes, in all areas and at all levels. It is a strategy for making women's as well as men's concerns and experiences an integral dimension of the design, implementation, monitoring and evaluation of policies and programmes in all political, economic and societal spheres so that women and men benefit equally and inequality is not perpetuated. The ultimate goal is to achieve gender equality.[1]
واسست مجموعة من المواثيق الدولية والتقارير الأممية ما اصبح خطابا كبيرا عن تعميم النوع الاجتماعي، استند هذا الخطاب على خطة عمل مؤتمر بكين وعلى تقارير وقرارات بكين +5 وبكين + 10 واتفاقية سيداو والعهد الدولي لحقوق الإنسان، وعلى خطابات مؤتمرات وورش عمل وإصدارات ودراسات ومحافل محلية واقليمية وعالمية. دفعت بتعميم النوع الاجتماعي إلى أعلى مستويات الترويج على مستوى البشرية.
وفي الامم المتحدة وعبر كافة اذرعها ومنظماتها تم تمثيل النوع الاجتماعي بمستويات مختلفة في المشاريع والمساعدات والبرامج. وصار النوع الاجتماعي وقضاياه ديباجة فكرية يتحدث فيها موظفو الأمم المتحدة من اصغر موظف إلى الأمين العام للأمم المتحدة. فنجد ان بان كي مون في خطابه لمناسبة الثامن من آذار للعام 2010 يقول:
يُعد كل من المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من الركائز الأساسية لاضطلاع الأمم المتحدة بمهمتها العالمية من أجل إرساء الحقوق المتساوية والكرامة من أجل الجميع. وتُعد هذه مسألة تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية، كما وردت في ميثاقنا التأسيسي والإعلان العالمي. وهي تُعد جزءا من هوية المنظمة ذاتها.
ولكن المساواة بالنسبة للنساء والفتيات تُعد أيضا حتمية اقتصادية واجتماعية. وحتى تتحرر النساء والفتيات من الفقر والظلم، - لم يقل الاحتلال مثلا- فإن جميع أهدافنا - السلام، والأمن، والتنمية المستدامة - تظل معرضة للمخاطر. وقد تعهدت الحكومات بتحقيق المساواة والتنمية والسلام لجميع النساء في كل مكان، وذلك منذ خمسة عشرة عاما مضت في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة. وكان لإعلان بيجين الذي يُعتبر نقطة تحول أثرا عميقا وواسع النطاق. فقد كان بمثابة الموجه لصنع السياسات وأوحى بإصدار قوانين وطنية جديدة. فقد بعث برسالة واضحة إلى النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم بأن المساواة والفرص المتاحة تُعتبر من حقوقهن غير القابلة للتصرف.[2]
وبان كي مون ليس وحده من يكرر هذا الخطاب، هناك حلفاء لهذا الخطاب في العالم، وداخل هؤلاء فرقاء في قضايا سياسية يجمعون على ترديد نفس الشعارات والمفردات. ولكنها لا تجرؤ على ذكر كلمات قد تمس سلطة الخطاب وهيمنته ولا تناقش فيه مفردات من قبيل حرية النساء او تحرير النساء من الاحتلالات.
ولعل اسرائيل والدول العربية نموذجا عن الانخراط في خطاب واحد رغم ما يجري من صراع فلسطيني اسرائيلي. فاسرائيل وهي دولة الاحتلال نشرت لافتات ضخمة على حواجزها العسكرية بين مدن الضفة تحمل نفس مفردات الامين العام للامم المتحدة، وحدث هذا في باية عام 2009 وكتب على اللافتات نداءات موجهة للجمهور الفلسطيني تحمل مفردات "التنمية والاستقرار والازدهار". وفي المقابل كانت الجهات الرسمية الفلسطينية ووسط معاناة الاحتلال وتداعيات الانتفاضة ونتائجها والانقلاب على السلطة في غزة تردد نفس المفردات مصحوبة بالمطالبة بالتحرر من الاحتلال.
ومنذ اعلان بكين 1995 أدرجت الأمم المتحدة ومنظماتها توجهات صدرت عن المؤتمر في أجندة عملها ضمن عناوين متعددة لتعميم النوع الاجتماعي مثل" تدريب المرأة، حقوق الإنسان المتعلقة بالمرأة، الآليات المؤسيسة للنهوض بالمرأة، العنف ضد المرأة، المرأة والصراع المسلح، المرأة والبيئة، المرأة والصحة، المرأة والفقر، المرأة والاقتصاد، المرأة ووسائل الإعلام، المرأة والتنمية الريفية، المرأة وأهداف الألفية الثالثة...."[3].
واستخدمت منظمات الامم المتحدة مثل الفاو والاسكوا واليونسكو والاسيسكو وسائل الإعلام المحلية والعالمية للترويج لمشاريعها تحت وطأة خطاب عالمي حول النوع الاجتماعي وقضاياه وتجلياته.
ونقلت وسائل الإعلام أجندة أممية وعممتها من خلال وسائل اتصال حديثة وسريعة تعمل بانهماك شديد في الوصول الى القراء والمشاهدين ولكن ضمن صحافة عالمية سائدة يهيمن عليها الطبع الخبري ويغيب عنها طابع الرأي. وضمن ثقافة محدودة غير مؤثرة للصحفيين العاملين في وسائل الاعلام "العصرية" في ظل انتاجات العولمة التي تعيشها "القرية" كما يفضل حاليا تسمية العالم الجديد من زاوية طريقة تجسيد تكنولوجيات الاتصال الحديثة للكرة الارضية وشعوبها وثقافاتها وجغرافيتها ودولها وحدودها.
المفهوم في رحلة متعددة الغايات في المنظمات الدولية
وعن التعريف السابق للنوع الاجتماعي الذي انطلق من الامم المتحدة ومؤتمرات المرأة انبثقت تعريفات وتفسيرات متعددة في وثائق المنظمات الدولية وأجندات العمل التنموي الدولي والإقليمي والمحلي. وأصبح لهذا المفهوم أشكال مختلفة في تنفيذه حسب المؤسسة التي اشتغلت في برامجها عليه.
وترى الكاتبتان Razavi & miller [4] في دراسة لهما عن جهود البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ان تعميم المفهوم ارتبط دائما بمنهج "WID" المعروف بانتماءه الى فكر نسوي غربي ليبرالي حول النساء في التنمية . وتقول الكاتبتان ان تعميم النوع الاجتماعي اخذ معان جديدة في نشاطات المؤسسات الثلاث، ولم يظل على تحديده الأصلي. فالمفهوم لدى سياسات وبرامج البنك الدولي اخذ طابعا اقتصاديا في البرامج والمساعدات والمنح ليس بعيدا عن تحقيق الربح، وفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعمل المفهوم لصالح التنمية البشرية وليس لصالح النساء فقط، وفي منظمة العمل الدولية ارتبط بتحسين ظروف التشغيل في العالم، ولكنه لم يكن خالصا لصالح قضايا المرأة وظل في سياسة عامة او استراتيجية لتنفيذ أجندات وأهداف متعددة.
وتقر الكاتبتان ان المفهوم وتطبيقاته في المؤسسات الدولية الثلاث اثر على العلاقة بين الرجال والنساء وعلى توزيع المنافع من المشاريع ولكنه لم يعمل مباشرة على تخقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وانه في ظل الحدود المؤسساتية للمنظمات الثلاث كان دائما يأتي من استشارات نسوية لا تشكل كل المشروع بل جزءا استشاريا منه وان القرار الإداري والمالي والتنفيذي كان خارج الاستشارة النسوية المفترض انها تعمل ضمن تعميم النوع الاجتماعي. وتقول الكاتبتان انه حتى الاستشارة النسوية او الحقوقية في المشروع، كانت تأتي من باب وظيفي ومهني وليس اقتناعا بالفكر النسوي. وأكثر من ذلك فان قياس تعميم النوع الاجتماعي كان دائما يقاس بمدى وصول النساء للبرامج والمشاريع وقدرتهن على التأثير على احتلال مناصب عليا او صناعة القرار ولكنه لم يقس في مدى انتشاره بين المجتمعات.
ترجمة المفهوم من الدولي الى المحلي
وفي سياق التنظير للمفهوم تدرج زهيرة كمال[5] جملة من أهداف الفكر النسوي في تفسيرها للمفهوم مثل العدالة في توزيع الفرص والمساواة بين الرجل والمرأة والشراكة في صناعة القرار وتربط تحقيق ذلك من خلال آليات وطنية تتخذها الدول- حسب اعلان بكين 1995- لضمان الوصول إلى تغيير واقع النساء في مجتمعاتهن.
"يعتبر مفهوم تعميم النوع الاجتماعي في المؤسسات أحد الوسائل المفضلة والضر ورية للمساعدة على التغيير، و هو يعني إضفاء الطابع الرسمي المؤسساتي على مبدأ أو توصية أو سياسة. انطلاقًا من هذا المفهوم، و لأجل الأهداف التي دعا المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة (بيجين 1995 ) إلى تحقيقها، أوصيت الحكومات بإنشاء الهياكل التي تهتم بالنهوض ب المرأة. فشكلت بعض البلدان هياكل ضمن مختلف الوزارات المختصة ب شؤون المرأة أو نوع الجنس أو بتحقيق تكافؤ في الفرص، وأنشأت بلدان أخرى لجانا وطنية للنهوض بالمرأة أو دوائر تعنى با لمرأة في مختلف الوزارات. كما اقترح اتخاذ إجراءات إيجابية من (quota) لتمكين المرأة من المشارك ة في الحياة السياسية وفي اتخاذ القرار عبر تخصيص ها بحصة محددة المقاعد في المجالس المحلية والبلدية، وفي البرلمان، وفي الوظائف على اختلاف مستوياتها. فإلى جانب إلى العمل على مراجعة القوانين القائمة وسن قوانين جديدة تضمن مشاركة المرأة وتلغي التمييز القائم ضدها، تقع هذه الإجراءات ضمن ما يسمى بعملية تعميم النوع الاجتماعي في المؤسسات".[6]
وترى الكاتبة ان نجاح عمليات تعميم النوع الاجتماعي بحاجة الى لجان وطنية رسمية وأهلية تنبثق عنها لجان توجيه ودوائر ووحدات وظيفية تنفذ التوجهات التعميمية، وتراقب وتشرف على تنفيذ السياسات العامة. ضمن مهام "سياساتية، تخطيطية، تنفيذية، إشرافية، ومهام ضغط ومناصرة". [7]
وحول علاقة ومهام الآلية او اللجنة الوطنية لتعميم النوع الاجتماعي في وسائل الإعلام ترى كمال ان هذه المهمات هي: "
(أ) إصدار نشرات تعريفية بالهيئة أو الآلية؛
(ب) إعداد تقارير دورية حول عمل الهيئة ومنجزاتها؛
(ج) إنشاء صفحة إلكترونية؛
(د) عقد لقاءات صحفية للإعلان عن منجزات العمل؛
(•) عقد مؤتمرات بحضور إعلاميين من الجنسين؛
(و) تنظيم حملات إعلامية دورية نصف سنوية أو سنوية حول قضايا محددة.[8]
نقد المفهوم:
تعرض المفهوم لانتقادات كثيرة من المدارس النسوية، منها ما حاولت اعادة تأهيله واطلاقه الى مراحل جديدة من العمل، ومنها من اعتبره خطابا رنانا ذهب باتجاهات سياسية واقتصادية لم تقدم شيئا للنساء بل كرس تمثلات جديدة لوضعية المرأة في التبعية والاضطهاد واللاعدالة.
وسنتعرض هنا لمجموعة من الادبيات التي تناولت المفهوم.
نقد ليبرالي
الكاتبة النسوية كارولين موزر المنظرة الأكثر حضورا في مدرسة النسوية الليبرالية ومعها اناليس موزر تعرضتا لتعميم النوع الاجتماعي في دراسة لهما بعنوان (Gender mainstreaming since Beijing: A review of success and limitations in international institutions)[9] وقدمتا تقيما لمفهوم تعميم النوع الاجتماعي في عقد من الزمن، منذ مؤتمر بكين 1995 وحتى 2005، ورأت الكاتبتان ان تعميم النوع الاجتماعي في عمل المنظمات الدولية كان سياسة مرافقة لبرامج هذه المنظمات، ولم يكن هدفا بحد ذاته يراد تحقيقه. وان المنظمات الدولية كانت تعتمد على تنفيذ تعميم النوع الاجتماعي فيها على استشارات لخبراء حقوقيين في النوع الاجتماعي، او من خلال إنشاء دوائر إدارية بيروقراطية للنوع الاجتماعي. وفي كلا الحالتين فان الآليتان تحملان عوامل نجاح وعوامل فشل.
ففي الية استشارة الخبير الحقوقي. فان الاستشارة ستظل في نطاق مهنة الخبير او المستشار، ولن تحمل بعدا نسويا مرتبطا بقضايا واحتياجات المرأة الملحة، وفي آلية تشكيل دوائر نوع اجتماعي إدارية في المنظمات والمشاريع والبرامج، فان هذه الدوائر ستقع في مطب البيروقراطية مع الوقت، وستكون في نطاق عمل (من أعلى إلى أسفل). وقد يتم تهميش رأي وأفكار هذه الدوائر من باقي دوائر العمل في المنظمات الدولية. تحت حجج إدارية وثقافية وسياسية. وربما أحيانا ستواجه دوائر النوع بثقافة ذكورية، تقاوم تنفيذ رؤاها وأفكارها في المشاريع والمساعدات والبرامج.
وحتى في المنظمات التي اعتمدت سياسة إشراك المرأة في كافة أعمالها، ترى الكاتبتان ان المشاركة ظلت محفوفة بمخاطر حول طبيعة وفعالية وكفاءة المرأة المشاركة، وهل هي قادرة على إحداث التغيير من خلال البرامج التي تدخل للعمل فيها ام لا؟.
نقد راديكالي
على النقيض من النسوية الليبرالية، توجه المدرسة النسوية الراديكالية نقدا حادا في كثير من الاحيان للحلول التي تقترحها مدارس الفكر النسوي والمنظمات الدولية لقضايا المرأة، وترمي بحلول جذرية متشددة لحل قضايا النساء كالانقطاع عن الرجل او ومحاربة النمط الأنثوي الناعم... وفي مدرسة ما بعد الحداثة النسوية القريبة من الراديكالية، نجد أفكارا جديدة على النسوية الراديكالية، تحمل منهج فكر ما بعد الحداثة، وتعتمد على تفكيك الخطاب وتفسير مدلولاته وكشف عيوبه وتحولاته التي تنتهي غالبا ليتحول الى سلطة. ومن هذه الزاوية نجد فكرا نسويا راديكاليا يناهض- او لنقل- ينتقد بشدة التطورات التاريخية التي وصل اليها الفكر النسوي. الذي صار احدى ادوات خطاب عالمي له مؤسسات ونخب تعتبر نفسها مالكة ارادة المعرفة النسوية، ولغة لم تحقق واقعا حقيقيا بل انتجت تمثلات لم تغير شيئا على واقع النساء في العالم.
وفي هذا السياق يعتبر ANDREA Cornwall & Karen Brock[10] ان خطاب التنمية العالمي الخاص بالقضايا النسوية مليء بكلمات رنانة وشعارات كبيرة براقة، بعيدة عن الواقع البائس في بلدان كثيرة في العالم. هذه الكلمات الرنانة في المرأة والتنمية من قبيل "التمكين او تخفيف الفقر او الشراكة" ويتبعها الشفافية والحكم الصالح،... تأتي من خطاب سوبر عالمي يصدر عن المؤسسات الدولية الكبرى، مثل الامم المتحدة ومنظماتها او البنك الدولي. ويرددها قادة ورؤساء الى درجة انها باتت تخلق عالما كاملا متخليا عن عالم سعيد ومرتب ومتسامح وساعي للخلاص من الفقر ويعمل ليل نهار على تحرير النساء. وبدون هذه الكلمات قد لا نجد تمثلات لهذا العالم الذي اوجده خطاب هيمن على مدى عقود في التنمية العالمية، ولكن في الواقع كان هذا الخطاب يؤدي دورا ويحقق أهدافا لكتل بشرية على حساب أخرى وأصبح سلطة عالمية يرددها كبار رؤساء مؤسسات التنمية الدولية بفرح شديد. اثناء حديثهم عن مشاريع التمويل والدعم في قضايا المرأة والقضايا السياسية والبيئية الاخرى.
ويكشف الكاتبان كيف ان هذا الخطاب اختار لنفسه مفردات ومصطلحات، مررت أجندات إيديولوجية مختلفة عبرها، وحاربت مفردات اخرى تخص ايدولوجيات أخرى. والحديث هنا عن محاولة فكرية من قبل كاتبين استخدما طريقة تحليل الخطاب استنادا الى مدرسة ما بعد الحداثة المتصلة بالفكر الماركسي التجديدي.
ويقول الكاتبان ان خطاب التنمية العالمي السائد مستمد من فكر ليبرالي غربي، يعمل على إنجاح الفردية ويحد من دور الدولة وينمي القطاع الخاص على حساب العام. عبر لغة ومفردات مثل " الشفافية، المحاسبة، الحكم الصالح، الديمقراطية، لكن هذا الخطاب تحاشى مفردات أخرى مثل "العدالة الاجتماعية، الحرية، إعادة التوزيع، التحرير، السيادة...". لأن كلمات من هذا القبيل، قد يتم التلاعب بها من قبل أطراف ودول خارج الاجماعات الدولية المتشكلة حول وداخل خطاب التنمية السائد والمهيمن، عبر مشاريع ومساعدات وبرامج تقدمها كتلة الاغنياء في العالم لكتلة فقراء العالم.
ويبين الكاتبان كيف ان خطاب النوع الاجتماعي والتنمية، خلق واقعا سياسيا بديلا لسيادة الدول الفقيرة. من خلال إدماج منظمات المجتمع المدني في الرقابة على الحكومات في تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية. ولكن تدخل المجتمع المدني هنا جاء بإشارة من المانحين الذين زودوا المجتمع المدني بالاستشارات القانونية والأدبيات التنموية التي تسلب العقول من شدة جمال شعاراتها وتوجهاتها. لتكون موجهة لمسائلة الدول عن برامج التطوير والتنمية.
ويحلل الكاتبان كيف أن "الكلمات الرنانة" كانت العمود الأساسي للترويج لحالة عالمية من التنمية تم الحديث فيها عن السلام والأمن وتوفير الاحتياجات للبشر. وتمثل ذلك في خطابات لقادة دوليين. وأفضت هذه الخطابات إلى حالة من الارتياح لهذه الكلمات وشعور بالأمان معها علما أنها كانت تمرر مقاصد سياسية واقتصادية لوكالات التنمية ولبعض الدول الغربية الغنية. دون أن توفر حلولا جذرية للمشكلات العالمية، كالفقر والمجاعات والكوارث والانهيارات الاقتصادية التي كانت تحدث في دول العالم الثالث، والذي كان متلقيا للخطاب ومقلدا له عبر حكومات ومنظمات غير حكومية نفذت خطاب عالمي وتجاهلت المحلي.
نقد عربي وفلسطيني
هناك أدبيات كثيرة نقدت المفهوم ومنها ما تعاملت معه بضدية كاملة تحت عنوان انه ثقافة غربية تفكك الأسرة والمجتمع (انظر كتاب الجندر المنشأ.. المدلول.. الأثر، لكاميليا حلمي ومثنى كردستاني إصدار جمعية دار العفاف، الأردن- 2004)، او مقالة ( الجندر: معول غربي جديد لهدم الأسرة المسلمة.مجلة الوعي الإسلامي الصادرة عن وزارة الأوقاف الكويت)[11].
لكن على مستوى الحكومات والدول العربية، فقد شكلت بعض الدول التي وقعت على المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة، شكلت وزارات لشؤون المرأة، ولجان وطنية لقضايا النوع الاجتماعي، ودوائر ووحدات وزارية خاصة بالمرأة. وأصبحت الموازنات السنوية للحكومات تراعي موازنات حساسة للنوع الاجتماعي، وترتب على هذه التغيرات مستويات جديدة من التعامل مع المرأة العربية ضمن نجاحات وإخفاقات ومسيرة عمل وتوجهات أصبحت سائدة في الواقع العربي اكثر من العقود الماضية[12].
وأصبحت تقارير الأمم المتحدة السنوية عن واقع المرأة العربية، آلية رقابية على التزام الحكومات العربية باتخاذ التدابير والسياسات لتغيير واقع النساء العربيات.
وهناك أدبيات عربية غير دينية انتقدت الخطاب العالمي حول تعميم النوع الاجتماعي من وجهات نظر فكرية فمنها من نقدته من مناظير فكرية نسوية كل حسب مدرسته، من ليبرالية إلى اشتراكية الى راديكالية.
ونجد في الأدبيات أيضا نقدا لأصول قيام مفهوم تعميم النوع الاجتماعي "Gender mainstreaming" والشرعيات التي استند عليها دوليا وتحديدا عن علاقة المفهوم مع وسائل الإعلام، وبالرغم ان المفهوم ارتكز على مواثيق دولية لإكسابه الشرعية في دول ومجتمعات العالم مثل خطة عمل مؤتمر بكين 1995 و(بكين +5) و(بكين + 10) واتفاقية سيداو والميثاق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية إلا ان انتقادات توجه لهذه المواثيق تقول أنها لا تنص بشكل كاف على حقوق المرأة آو تعميم قضايا النوع الاجتماعي في وسائل الإعلام.[13]
فلسطينيا، هناك أكثر من وجهة نظر حول تعميم النوع الاجتماعي منها المعارضة وتأتي ضمن أفكار ومبادئ أحزاب دينية وكتابات وإصدارات ونشرات مغمورة، ولكن على المستوى الرسمي فان السلطة الفلسطينية منذ اتفاقية اوسلو 1994، تعمل على تنفيذ كافة التوجهات الدولية والعالمية الخاصة بقضايا النوع الاجتماعي. وأكثر من ذلك فان غالبية المشاريع والبرامج المنفذة في الأراضي المحتلة تترجم سياسات وتوجهات الأمم المتحدة ومنظمات دولية متعددة. أكثر من دول عربية أخرى. وربما ذلك عائد إلى حالة اللادولة التي يعيشها الفلسطينيون تلك الحالة التي تستقطب اهتمامات واجندات عالمية مختلفة على شكل مشاريع ومساعدات للسلطة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي انتشرت بشكل كبير في العقدين الماضيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الحالة الفلسطينية نجد قضايا تعميم النوع الاجتماعي في مسارين عقب الانقسام الذي حدث بعد سيطرة حماس على السلطة في قطاع غزة في حزيران 2007، ففي حكومة تسير الأعمال برئاسة سلام فياض في رام الله تتضمن البرامج وخطط العمل تعميم النوع الاجتماعي بدرجات متفاوتة وظهر ذلك في برنامج الحكومة في لحظة التكليف الذي نص في إحدى بنوده على:
تحقيق مساواة المرأة بالرجل في كافة المجالات، والحفاظ على المكتسبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي حققتها، فالدور الهام والمتميز الذي لعبته المرأة الفلسطينية في النضال الوطني الفلسطيني يحتم على الحكومة تقديم كافة أشكال الدعم والتشجيع الكفيلة بتعزيز دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وفي هذا الإطار فإن الحكومة تدرك الدور الهام والمتنامي للأسرة الفلسطينية وأهمية النهوض بها وتوفير شروط البيئة الصالحة فيها لحماية وتنشأة الأطفال وتعزيز دور الأسرة التربوي وتمكينها من الاضطلاع بدور أكبر في بناء مجتمع صحي وسليم وخال من الأمراض الاجتماعية والثقافية.[14]
وبالطبع نرى هنا حجم التعلق بالشعار القادم من الخطاب العالمي ويتجلى ذلك في " تحقيق مساواة المرأة بالرجل في كافة المجالات" علما ان واقع النساء الفلسطينيات يشير الى عكس، ذلك اضافة الى ما قد يحمله الشعار من اجحاف بحق المرأة اذا تساوت مع الرجل على طريقة الشعار اعلاه. فهي هنا ستقوم بدورها التقليدي وستقوم بادوار جديدة اضافية حسب شعار المساواة وستخسر استحقاقات اختلافها كنوع اجتماعي.
وفي خطة حكومة فياض التي أعلنتها في آب 2009 "وثيقة فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"[15] نجد ترجمة كبيرة للتوجهات والأدبيات والمرجعيات الدولية، سواء من الأمم المتحدة او من المنظمات الدولية او الدول المانحة او من الشبكات الإقليمية الخاصة بتعميم النوع الاجتماعي، وتحت مهمات وأهداف وزارة شؤون المرأة في السلطة الفلسطينية نجد:
"ستعمل وزارة شؤون المرأة على تحقيق الأهداف التالية:
تمكين مشاركة المرأة في رسم السياسات وصنع القرار، وذلك من خلال:
•إقرار التشريعات اللازمة، ومتابعة تنفيذها، لضمان مشاركة المرأة بفاعلية.
•التأكد بأن السياسات والبرامج الحكومية المختلفة تراعي النوع الاجتماعي ومشاركة المرأة.
•تقديم الدعم والمساندة للمرأة للوصول إلى مراكز صنع القرار.
•محاورة الأحزاب السياسية الفلسطينية المختلفة لضمان تمثيل المرأة.
•تعزيز الشراكة مع القطاعين الأهلي والخاص في قضايا النوع الاجتماعي.
•تطوير وتنفيذ برامج للتوعية المجتمعية.
تقييم ومتابعة إلتزام الحكومة بقضايا في النوع الاجتماعي في سياساتها وقراراتها، وذلك من خلال:
•متابعة وتقييم الالتزام والتقدم في عمل الوزارات بخصوص قضايا النوع الاجتماعي.
•تطوير قدرات وحدات النوع الاجتماعي في مجال متابعة وتقييم عمل الوزارة من منظور النوع الاجتماعي.
•المشاركة في متابعة وتقييم تنفيذ المشروع الخاص بأهداف الألفية الإنمائية MDG.
تقليل وطأة الفقر على النساء، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، من خلال:
•إعداد إستراتيجية وطنية لرفع مشاركة المرأة في سوق العمل.
•مراجعة وتطوير السياسات الوطنية لرفع مشاركة المرأة في سوق العمل.
•العمل على تشجيع الفتيات لدخول مجال التعليم المهني والتقني.
•المساهمة في تطوير برامج توفر التمويل للنساء لإنشاء مشروعات صغيرة.
•تنسيق العمل مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتوفير المساعدات للعائلات المحتاجة التي ترأسها نساء.
محاربة العنف الموجه ضد النساء، وذلك من خلال:
•إقرار التشريعات اللازمة ومتابعة تنفيذها.
•إعداد إستراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد المرأة.
•تطوير وتنفيذ برامج للتوعية المجتمعية للحد من هذه الظاهرة.
•المساهمة في إعداد الخطط لتطوير مراكز لحماية النساء المعنّفات.[16]
وعلى مستوى أعلى من الحكومة تتجاوب السلطة الفلسطينية مع المرجعيات الدولية الخاصة بالنوع الاجتماعي، فقد وقع الرئيس الفلسطيني اتفاقية سيداو في الثامن من آذار 2009 ولكن لم يتم تطبيقها حتى اليوم ولم يتم تداول استحقاقاتها وما تتطلبه من تعديل في قوانين فلسطينية كثيرة.
وفي غزة ولدى حكومة حماس بعد خمسة أعوام على تشكيلها نجد ان متغيرات كثيرة حدثت في توجهاتها. فهي في معركة الانتخابات روجت خطابا انها ضد الشرعية الدولية باعتبارها ظالمة ومجحفة وتنتقص الفلسطينيين حقوقهم. وكان متحدثوها في المستويات السياسية والتنظيرية يرفضون السياق السياسي والثقافي العالمي. وفي القضايا النسوية كان لهم موقفهم الواضح المرتبط بالدين الإسلامي وكان شعار "الاسلام هو الحل" قانونا اساسيا لاي متحدث اسلامي في نقاش قضايا المرأة.
لكن الآن جرت مياه كثيرة في النهر، وعلى الموقع الالكتروني لوزارة شؤون المرأة التابعة لحكومة حماس في غزة.[17] الذي صادرته من وزارة شؤون المرأة في رام الله والتي أصبحت بلا موقع، نجد على الموقع في غزة أدبيات ومفاهيم ومفردات من صميم توجهات الخطاب الدولي عن تعميم قضايا النوع الاجتماعي. من خلال مراجعة القوانين والتشريعات من منظور النوع الاجتماعي. على سبيل المثال في خطة الوزارة لمهام الدائرة القانونية فيها:
- اقتراح التعديلات على القوانين والتشريعات المعمول لها.
- إجراء اللقاءات والورش لمناقشة الوضع القانوني للمرأة.
- التشبيك والتنسيق مع المؤسسات القانونية لصياغة مسودات القوانين وتشريعات تسرع عملية دمج المرأة في التنمية.
- رفع الوعي المجتمعي بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للنساء.
- تعميم المعاهدات والمواثيق الحقوقية الدولية والعربية.[18]
ونلاحظ في مواد الموقع الالكتروني لأول مرة لدى حماس استخدام لمفردات "النوع الاجتماعي" مثل "الجندر والمعاهدات الدولية" وفي سياقات أخرى يتم الحديث عن" تمكين، شراكة، تدريب..." وهي مفردات جديدة على أدبيات الحركة الإسلامية لطالما رفضتها في خطابها السياسي والحزبي قبل وصولها الى السلطة بالانتخابات، والاستيلاء لاحقا على مقاليد الأمور في محافظات غزة.
تعميم قضايا النوع الاجتماعي في الإعلام الفلسطيني
ولم تكن وسائل الإعلام الفلسطينية بعيدة عن التأثر بالتوجه العالمي في قضايا المرأة، وأكثر من ذلك ولطبيعة هذا الإعلام الذي تمأسس بعد اسلو بقرب شديد من أجندة السلطة الفلسطينية السياسية، كانت هويته سواء في القطاع العام او الخاص اقرب إلى المشروع السياسي المنبثق عن اوسلو. حيث تعامل الإعلام الفلسطيني بانفتاح كامل على تعميم النوع الاجتماعي. ونادرا ما نجد ان لصحيفة او مجلة او إذاعة او تلفزيون تحفظ على تعميم قضايا النوع الاجتماعي. ويمكن القول ان هذا الإعلام كان صديقا لقضايا النوع، ولكنه لم يحمل محطات تحليلية او نقدية او تدقيق في كل القضايا التي تخص النوع الاجتماعي. بل مررها بشكل ميكانيكي دون ان يتأثر بمعان عميقة وتحليلية فيها، ودون ان يكون عارفا بكافة تفاصيل دخول التعميم. بل اكتفى باستضافة وتمرير المفاهيم الى الجمهور على اعتبار ان الموضوع مهني بحت.
وسلوك وسائل الإعلام هذا، لم يكن بعيدا عن سلوك المؤسسات الرسمية التي تعاملت مع قضايا النوع الاجتماعي، هذه المؤسسات انخرطت في خطاب عالمي حول قضايا النوع دون ان تتوقف لمعرفة التفاصيل. فمثلا عندما صادق الرئيس الفلسطيني في اذار 2009 على اتفاقية سيداو احتفل الإعلام الفلسطيني بالموضوع مع باقي المؤسسات الرسمية والنسوية بالتوقيع دون معرفة استحقاقات هذه المصادقة. فقط لان المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني كانت راضية عن الموضوع.
وأكثر من ذلك نشرت الصحف المحلية الخبر باهتمام كبير غير مرتبط بأهمية الموضوع، بل بأهمية أخبار الرئيس الفلسطيني التي تتصدر الصفحات الأولى بالصور وبالعناوين العريضة. ولعل هذه اللحظة الأكثر ملائمة لتحليل انتقال الخطاب العالمي الى الخطاب الفلسطيني وتظهر أدوات وأشخاص ومؤسسات واهداف هذا الانتقال. الذي يعمم العالمي في المحلي دون التوقف على ضرورات هذا التعميم، وتداعياته وإرهاصاته، ومدى ملائمته واختلافه وتطابقه مع المحلي، وما المطلوب تعديله ليكون بالمعنى المحلي مقبولا ويمكن البناء عليه وتطويره. وليس اللحاق به او تنفيذه بطريقة ميكانيكية، طالما ان الأمر متعلق بتطور بناء اجتماعي وليس بعملية استهلاك سريعة.
المفتي وافق والشاعر عاند والصحفية تطوعت ...
ولعل ما حدث في ورشة عمل[19] نظمتها وزارة الإعلام برام الله بتاريخ 24 ديسمبر 2009 حول المصادقة على اتفاقية سيداو، يعطي صورة دقيقة عن الطريقة التي دخل فيها الخطاب العالمي الى الخطاب المحلي بصورة سطحية وغير عميقة دون معرفة التفاصيل والاستحقاقات لهذا الدخول.
فالمتحدثون في الورشة والذين مثلوا أطراف الموقف الفلسطيني الرسمي والأهلي والإعلامي كانت أهم تعليقاتهم وأرائهم على النحو التالي:
- وكيل وزارة الإعلام الشاعر متوكل طه: اتفاقية 'سيداو' تحاول خلق فضاء أكثر معقولية للمرأة، ...الدين الإسلامي سبق جميع هذه الاتفاقيات بصون حقوق المرأة... ....الاحتلال المدعوم من الدول الغربية القوية سيفرض علينا قيما وثقافة وقوانين تفرغنا من محتوانا الوطني والاجتماعي والثقافي عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، 'USAID' والتي تفرض علينا بدورها قوانين يجب الالتزام بها'.
- المفتي الشيخ محمد حسين: قال:"الاتفاقية تتلاقى مع الشريعة الإسلامية، وعبر عن تأييده لحقوق المرأة بما يتلاءم والدين الإسلامي، ورفضه للتحفظ على بنود الاتفاقية بشكل عام، وأنه يجب تحديد موطن التحفظ. ... وطالب المسؤولين بصياغة قانون أحوال شخصية ينظم الحياة في الضفة والقدس والقطاع".
- وكيلة وزارة شؤون المرأة سلوى هديب: "الاتفاقية تحاول إلقاء كافة إشكال التمييز ضد المرأة، واسترداد حقوقها كاملة مساواة بالرجل...سيادة الرئيس محمود عباس وقع على الاتفاقية في الثامن من آذار من هذا العام بما ينسجم والقانون الأساسي... الاتفاقية تتألف من ثلاثين مادة تشكل مدوّنة دولية لحقوق المرأة، وهي تدعو إلى تساوي الرجل والمرأة وفي حق التمتع بجميع الحريات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية....أجزاء الاتفاقية تتكون من: تطور المرأة وتقدمها الكاملان لضمان حقوقها وحرياتها الأساسية، الحقوق السياسية والجنسية، حق التعليم والعمل، الأهلية القانونية، الهيكل الإداري، النفاذ والتوقيع والتحفظ.
- مستشار الرئيس للشؤون القانونية د.فريد جلاد: سيادة الرئيس محمود عباس مهتم بترسيخ حقوق المرأة التي جاءت نتيجة نضال مثمر، وهو يدعم حقوق المرأة من خلال هذه الاتفاقية... هناك نقاط لتحديد ماهية الرابط ما بين الاتفاقية والقانون الأساسي، والتي يترتب عليها بعض التحفظات التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار.
- الخبير التنموي نادر عزت سعيد: اختلف مع وكيل وزارة الاعلام الذي رحب بالتحفظات.. وقال: إذا بدأنا بخصوصيات لن ننتهي أبدا إلى المساواة ...
- ممثلة عن المؤسسات النسوية حليمة أبو صلب قالت: القانون الأساسي الفلسطيني في المادة 10 يلتزم بأخذ الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تتوافق مع حقوق الإنسان...والمرأة..
- ممثل عن المنظمات الحقوقية ناصر الريس: غالبية الأنظمة والقوانين التي تطبق في فلسطين لا تنسجم مع الاتفاقيات الدولية نظرا لطبيعة الفلسفة التي بنيت عليها هذه التشريعات والمبنية على ثقافة ذكورية بالأساس.... هنالك الكثير من المواد في القوانين الفلسطينية تتعارض مع اتفاقية سيداو خاصة قانون العقوبات وقضية الضرب والقدرة على تحريك دعوى قضائية ضد الجاني ( نص المادة 62 من قانون العقوبات) وتبني زواج الصغار (15 عاما) والعذر المحلل في قضايا الشرف وإنكار الشخصية القانونية للمراة تحد من قدرتها على عقد زواجها، هنالك العديد من البنود في القوانين المحلية التي تتعارض مع اتفاقية سيداو..
- الصحفية والباحثة جمان قنيص: استعرضت خطة إعلامية لترويج هذه الاتفاقية تأخذ بعين الاعتبار استخدام وسائل الإعلام الأكثر رواجا مع التأكيد على الترابط الوثيق مابين صانعي القرار (الرئيس ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي) وحددت اطراف التعميم:
- المؤثرون – المنظمات النسوية، أساتذة الجامعات، الوزارات وغيرهم
- الجمهور: الرسائل الإعلامية تبث في قوالب قصيرة وسهلة عبر سكيتشات إذاعية وتلفزيونية، تقارير إخبارية سريعة، مقابلات في البرامج الأكثر استماعا.
مما سبق نلاحظ ان تعميم قضايا النوع الاجتماعي اخذ شرعياته الاولى والاساسية من الخطاب العالمي والرئيس الفلسطيني ومن دعم مؤسسات فلسطينية رسمية وأهلية نخبوية. ولكل هؤلاء سلطات كبيرة. اما النساء صاحبات الشأن في الاتفاقية، فإنهن كن خارج لعبة التعميم بدون سلطة لا في القبول ولا في التحليل او او الموافقة او الاعتراض.
نلاحظ أيضا كيف أن المفتي ووكيلة شؤون المرأة والخبير التنموي كانوا في لحظة استعجال لقبول الاتفاقية، وربما هم محقون في رأيهم لكن تصوروا كم سيكونوا محبطين لو انه في وقت لاحق ظهرت حركة اجتماعية من اقرانهم التحديثيين ترفض الاتفاقية لعدم انسجام بعض بنودها مع واقع المرأة الفلسطينية.
الحقوقيان الجلاد والريس: الأول كانوا رأيه مرتبطا برغبات وتعليمات الرئيس الفلسطيني والثاني كان همه إنفاذ الاتفاقية بشرط إجراء تعديلات على الواقع القانوني المحلي وهو الوحيد في الورشة الذي رأى في العملية جانبها التنفيذي وإمكانية تطبيقها بشكل قانوني سلس. وتحدث عن المعيقات التي قد تواجهها.
الصحفية الزميلة جمان دفعت إلى الحضور اتوماتيكيا خطة لترويج الاتفاقية (كما ظهر في تغطية الصحف المحلية للورشة) دون أن يكون لها رأي في الاتفاقية، وبدل من ان تكون حارسة بوابة بالمعنى الإعلامي، فتحت باب اللعبة الإعلامية بسهولة على الجمهور والمسؤولين والقراء والصحفيين. دون أن تنتبه إلى أهمية اقتناع الصحفيين بالاتفاقية أو مدى معرفتهم ببنودها وإمكانية أن يكون لوسائل الإعلام المحلية شخصية ثقافية معارضة أو مساندة لقضايا النوع الاجتماعي. ودون ان تشير إلى رأي الجمهور في القضية برمتها.
ولدى حديثنا مع قنيص اشارت انها في بداية مداخلتها تحدثت عن سياقات كثيرة غير الخطة وانها طالبت بان يتم تقديمها لشرائح المجتمع والنخب والمؤسسات والافراد اولا قبل ان يتم ترويجها بشكل رسمي في وسائل الاعلام. وحديث جمان يثبت كيف ان المشهد الفلسطيني يتعامل مع الاعلام بشكل آلي على اعتبار ان وسائل الاعلام مرحلة استخدامية لتمرير الافكار والمشاريع وليس جزءا من عملية خلق المفاهيم او اعتماد القوانين او اطلاق عمليات التغيير. هذه النظرة الاستخدامية تتبدى في اللغة احيانا فنجد الكثير من المتحدثين في ورش العمل واللقاءات والمؤتمرات يقولون: "يجب وضع آلية اعلامية" او "الآلة الاعلامية" او " على وسائل الاعلام ان..." والدلالات هنا كلها تشير الى منطق استخدامي للاعلام دون ان يكون هناك اي حساب لرأي العاملين في الاعلام.
إستبطان الخطاب العالمي
المفكر الفلسطيني جوزف مسعد[20] وقبل فترة طويلة تناول في مقالتة بعنوان "Conceiving the masculine: Gender and Palestinian nationalism" تناول تأثر الفكر القومي الفلسطيني بالفكر القومي الأوروبي الذي انطلق من خطاب فلسفة التنوير والحداثة. واستعرض مسيرة عقود من الفكر القومي/ الوطني الفلسطيني في سنوات الثورة اخذ فيها هذا الفكر طابع العلمانية في تعامله مع قضايا المرأة، لكن القراءة التحليلية لهذا الفكر من جانب مسعد، اثبتت ان الفكر الوطني الفلسطيني واصل التعامل مع قضايا المرأة بنفس العقد التاريخية من بطريركية وذكورة سائدة واتباع للنساء، وظهر ذلك من خلال تحليل مسعد لخطاب منظمة التحرير في بياناتها وخطاب ابو عمار في الام المتحدة وفي الميثاق الوطني ووثيقة الاستقلال وفي نداءات وبيانات الانتفاضة. وكان المخاطب المتخيل دائما ذكرا فلسطينيا مناضلا " يدافع عن أمه فلسطين المغتصبة من الاحتلال الإسرائيلي الذكوري، وعندما كان الخطاب يتوجه للمرأة يصفها بـ حارسة النار/ مصنع الرجال او الأبطال..الخ".
ويظهر من تحليل مسعد ان القومية الأوروبية ذهبت في اتجاه بينما ذهبت القومية الفلسطينية في اتجاه آخر، لم يحمل جديدا على الثقافة الذكورية التي سيطرت على خطاب منظمة التحرير الوطني. وأعادت إنتاج صور ومواقع تبعية للنساء الفلسطينيات، بطقوس لغوية ومفردات ومعان وصور. لو دققنا تفكيكها سنجد انها جاءت من منطقة استخدامية وشعاراتية. في خضم جوقة اللغة والخطاب والموسيقى التي رافقت الثورة الفلسطينية.
أوردنا مسعد هنا للاستناد الى تحليله في تحليل تأثر خطاب الإعلام الفلسطيني بالخطاب الإعلامي العالمي، فالصحافة الفلسطينية تستبطن الخطاب العالمي فيما يخص قضايا النساء، وتعتبر ان كل ما في هذا الخطاب العالمي شرعي وكامل ويمكن البناء عليه محليا، والمراقب لمسيرة الإعلام الفلسطيني منذ اوسلو وحتى اليوم، يرى ان الصحافة الفلسطينية لم تغير الكثير في المفاهيم الاجتماعية. بل دائما كان محطة لاستقبال الرسائل وإعادة إرسالها إلى الجمهور الفلسطيني. دون الالتفات للأبعاد التحليلية او لأهمية الاختلاف او لمراعاة الخصوصية في قضايا النوع الاجتماعي.
وأكثر من ذلك لا زالت العقد التي تحدث عنها مسعد مستمرة في لغة الإعلام الفلسطيني وأضيف لها ملابسات جديدة مثل "ام الشهيد تزغرد أثناء عودة جثمانه للمنزل في مخيم...". أو " بدعم من منظمة كذا وكذا العالمية: ورشة عمل لنساء سلفيت على التجبين او الخياطة او العناية بالرضع...". وكأن نساء سلفيت لا ينقصهن سوى التدريب على أمور يعشن تفاصيلها يوميا ويقضين حياتهن فيها. ونحن هنا لا نتحدث عن نقل الأخبار كمهمة للصحافة ولكن عن استسلام وسائل الإعلام الفلسطينية لهكذا أخبار يوميا دون نشر ولو تقرير تحليلي واحد او تعليق نقدي او قصة صحفية تعالج اولويات النساء واحتياجاتهن بمعزل عن التدفق اليومي لأخبار المنظمات النسوية غير الحكومية على الصحف ووكالات الانباء المحلية والتي بدورها تنشرها دون تدخل او رأي او تعليق. وسنأتي لاحقا على محطات نحلل فيها نماذج التغطية الصحفية الفلسطينية لقضايا النوع الاجتماعي.
امكانية اقتراح التحليل الاعلام والمرأة على «نظام الخطاب»
قفزت مدارس النقد النسوي، قفزات مختلفة الاصول والنتائج، وارتبط هذا النقد بمراحل ايدولوجية احيانا، وبجغرافيا سياسية مرات اخرى، وبمذاهب فكرية ومناهج علمية، وباصول المدارس النسوية القائمة "لتقليدية "الاشتراكية، والليبرالية، والراديكالية"، وانتقلت الى مدارس ما بعد النسوية، وكان لمنظري ومنظرات النقد في هذه الخارطة الطويلة اتكاءات مختلفة، فبعضها قام على تحليل الممارسة وبعضها على تحليل النصوص، وبعضها على تحليل الاكاديميا النسوية، وآخرون على المرأة والاقتصاد، او المرأة والسينما، المرأة والحقوق، المرأة واللغة.. الخ[21] .
ووسط كل هذه التوجهات النقدية كانت تنجح ابحاث اعتمدت على تحليل الخطاب، الذي ارساه المفكر الفرنسي ميشيل فوكو (1926-1984) في سلسلة من مؤلفاته وتحديدا في كتابه نظام الخطاب الذي بدأ ينتشر في غالبية بحوث العلوم الاجتماعية والتخصصات الانسانية، وتم اقتراحه كمدرسة نقد وتحليل في النسوية وتحديدا في النسوية الراديكالية ونسوية ما بعد الحداثة وفي الاعلام وهو ما يهمنا بطبيعة الحال.
ففي النسوية صار منهج فوكو منطبعا على مدرسة ما بعد الحداثة او مدرسة ما بعد النسوية، رغم ان فوكو لم يكن ما بعد حداثي، ولم يكن بنيويا ايضا، ولكن افكاره طغت على المدارس الفكرية في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي، فمدرسة نسوية ما بعد الحداثة رأت ان تحليل ادوار المرأة في وسائل الاعلام لم يكن كافيا، لانه لم يقدم الموقف الفلسفي للمرأة، واكتفى بتوجهات علمية موضوعية اعادت تصدير مناهج ذكورية تحت وطأة تكنولوجيا اتصالات حديثة ارتبطت بالاستهلاك والسرعة ولم تتوقف هذه البحوث لكشف التفاصيل المهمشة في القضايا الخاصة بالمرأة.[22]
وفي الدراسات الاعلامية التحليلية هناك مدارس تحليل متعددة دخلها مشروع فوكو، ومنحها آفاقا جديدة في تحليل النصوص والتصريحات والتعبيرات التي ترد في وسائل الاعلام التي تعد الرافع والناقل للخطابات ويرى الباحث محمد شومان ان مصطلح الخطاب اصلا انتشر فيما يعرف الاتجاه البنيوي في البحوث على طريقة الثقافة الغربية وضمن هذا الاتجاه كان هناك بنيوية انتروبولوجية - شتراوس، وبنيوية سيكولوجية - لاكان، وبنيوية ماركسية - ألتوسير، وبنيوية ثقافية - ثقافية[23].
لكن برنار هنري ليفي[24] في مقالة منشور له عام 1975 يتعارض مع مقولات تصنف فوكو ضمن البنيويين ولكن هذا ليس ضمن اهداف بحثنا، وانما نورد معارضته لوجود كم من الادبيات التي تضع فوكو في فكر ما بعد الحداثة.
نظام الخطاب
في كتابة «نظام الخطاب» يحدد فوكو الخطاب «DISCAURE» على انه "مصطلح لساني، يتميز عن نص وكلام وكتابة وغيرها بشكله لكل انتاج ذهني، سواء كان نثراً او شعراً، منطوقاً او مكتوباً، فردياً او جماعياً، ذاتياً او مؤسساتياً، في حين ان المصطلحات الاخرى تقتصر على جانب واحد، وللخطاب منطق داخلي وارتباطات مؤسسية، فهو ليس ناتجاً بالضرورة عن ذات فردية يعبر عنها او يحمل معناها او يحيل اليها، بل قد يكون خطاب مؤسسة او فترة زامنية او فرع معرفي ما"[25].
وورد التعريف السابق في هامش احدى صفحات كتاب فوكو نظام الخطاب، الذي القاه في محاضرة عام 1971. وفي مؤلفه يضع فوكو ثلاثة ابعاد تمس الخطاب هي «الممنوع، قسمة الحمق، وارادة الحقيقة»[26]. ويرى ان الخطاب له ارتباطات بالرغبة والسلطة، وله ادوات اخضاع ومهارات هيبة معرفية، ومبادئ ارغام ويحمل ارادة حقيقة قادمة من تاريخ الاستعمالات المادية والتقنية والادواتية للمعرفة، ويرى ان الخطاب لا مؤلف له او انه يعيش حالة «انمحاء اسماء المؤلفين» وعن موقع المؤلف تتولى ما اسماها فوكو "جمعيات الخطاب" القيام بمهمة التأليف وتجديد واعادة انتاج الخطاب[27].
ويشير فوكو الى ان الافراد موجودين في مجموعة من الخطابات التعليمية والاقتصادية والاخلاقية والمدنية لكنهم، لا يعرفون انهم غير احرار داخل هذا الخطاب وغير قادرين على التواجد خارج هذا الخطاب، واكثر من ذلك يعتبر فوكو ان الذات البشرية مشكلة ضمن مجموعة من الخطابات والممارسات المتعددة، وان قوة الذات تأتي من كونها داخل خطاب وداخل لغة الخطاب[28].
ويؤكد فوكو ان الخطاب يحافظ على نفسه من خلال اتكاءه اولا: على نصوص سابقة اسماها "محكيات كبرى" لتصبح مع الايام ثروة او مقدمات يصار الى الاعتماد عليها في اي تطور، مثل النصوص الدينية او النصوص القانونية.[29]
ثانيا: موت المؤلف "The other functionويعتبر فوكو انه من الصعب القول ان للخطاب مؤلف ومن الصعب ايضا الايمان بمنطق الصدفة في ولادة الخطاب[30].
ثالثا: نماء الفرع المعرفي داخل حدود الخطاب بنتائج عمليات الخطأ ونتائج عمليات الصواب. التي يستفيد منها الخطاب في تطوراته ويظل في " حالة بعث دائم للقواعد التي قام عليها. [31]
رابعا: تشكل جمعيات الخطاب والتي تكون مهمتها حماية الخطاب وانتاجه في دوائر مغلقة اما ما يتم نشره من الخطاب فيكون لذوات عادية تتداول وتستهلك جوانب من الخطاب ولكنه لا تؤثر فيه.[32]
كاتشب فوكو
خلال محاضرة في جامعة بير زيت لمساق عن " المدينة"، تذمرت أمام المحاضرة الدكتورة ليزا تراكي عميدة البحث العلمي في الجامعة، من حجم الابحاث والمداخلات الاكاديمية التي تعتمد على فوكو في التحليل، وبعدي مباشرة قال زميل لي من تخصص علم الاجتماع: "فوكو صار زي الكاتشب في الجامعة". وضحكنا جميعا ولكن من كان معنيا بالموضوع شعر بالم – انا وزميلي مراد- .
لطالما اقتنعت ان فوكو كان مفاجأة معرفية في القرن العشرين، وان مقولاته ستحررنا من كل ما هو سائد او تقليدي في البحث، ولكني كثيرا ما كنت اصل في نهاية الابحاث التي تعتمد على فوكو وافكار ما بعد الحداثة، الى حالة من العبث والعدم، وعدم اقتراح حلول.
ولكن: مع فوكو يبدو نظام الحل مختلفا، واقتراح حلول بالمعنى الاكاديمي لا يصار اليه في نهاية اي تحليل، لكن حالة مذهلة من التحرر في هذه الدراسات والابحاث من سطوة الخطابات، ستفتح افاقا لتفكيك النصوص والمعارف، افاق تسمح بصدور ابداع ما في لحظة ما من التحليل.
تقترح ادبيات كثيرة ادوات لتحليل الخطاب، وتختلف الامور الى حد عدم قدرتنا على التمييز بين ادوات هنا وهناك، وتنقسم طرق التحليل، حسب حقول الاختصاص الاكاديمي، وساعتمد في هذا البحث على مجموعات ادوات تحليل للنصوص والخطابات قدمتها د. ريما حمامي في محاضرة [33] بمعهد دراسات المرأة، لتكون مرجعا لي في تحليل نصوص في الصحافة الفلسطينية، اضافة الى مجموعة من المفاهيم التي حصلت عليها من خلال قرائتي لمؤلف ميشل فوكو "نظام الخطاب"، ومقالات مجموعة من المؤلفين في نفس الكتاب حول فوكو ومؤلفه، اضافة الى كتاب بعنوان " ميشيل فوكو- جاك دريدا، حوارات ونصوص"[34].
وستشمل ادوات التحليل على ما يلي:
1- المفارقة المتكررة والثنائيات القائمة في النص.
2- تأكيدات النص.
3- المصطلحات التي يعتمد عليها النص ومتفق عليها ومسلم بها.
4- نوع السلطة في النص.
5- الصمت الوارد في النص.
6- النقطة التي يخاطب فيها النص الذات القارئة.
7- المسافة التي يدفع النص فيها بعض القراء خارجه.
8-الوقوف على Active agent في النص، وكيف اظهره النص وكيف أخفاه.وهل هو الحل ام المشكلة.
9- التردد في النص.
10- كيف تناول النص حجة بديله او معارضه. وكيف طور النص حجته من خلال الرأي والرأي الاخر.
11- ما هو شكل وحجم صوت النص وما هي دوافعه.
وسأحاول ان تكون هذه الادوات مرجعيتي في مناقشة وتحليل نصوص صحفية منشورة في الصحافة الفلسطينية المكتوبة، بالاضافة الى ملاحظات عامة سأسوقها لدفع التحليل الى اقتراح انتقادات قد تكشف مواطن الخلل في النصوص التي يحللها البحث.
المؤسسة في العنوان والامهات الميتات في المتن
من المعروف ان عنوان الخبر في الصحافة المكتوبة يجب ان يحمل المعلومة الاكثر اهمية عبر استنتاج دقيق لاهم ذروة في الخبر او تطوراته لكن في ظل هيمنة المؤسسات وبياناتها اليومية وتقاريرها تصبح مصلحة المؤسسة الاساسية ترويجها نفسها كمؤسسة اكثر من العمل على القضايا التي تعمل عليها وفي المقابل وفي ظل العلاقات التجارية التي تقوم بين مؤسسات العمل المدني او الرسمي والصحف المحلية تؤثر المصالح المتبادلة بين الجهتين على مهنية الخبر او التغطية، وتتحول الى مجرد رسالة في اتجاه واحد ومن طرف واحد هو المؤسسة العاملة في القضايا النسوية. وتغيب ادوات الرسالة الاعلامية في توصيل خبر المؤسسة الذي يتحول الى قالب اخباري نمطي بخطاب مألوف وسائد ومكرر.
ولعل الخبر التالي المنشور في صحيفة الحياة الجديدة ووكالة وفا[35]، يوضح سيادة المؤسسة وهيمنة خطابها وتأثيره على اضعاف دور الصحافة وتحويلها من تخصص اجتماعي ينضج الأسئلة، الى اداة لتمرير رسائل اعلامية الى الجمهور، دون ان يكون له أي اثر في الرسالة.
وكان عنوان الخبر " الإدارة العامة لصحة وتنمية المرأة في وزارة الصحة تصدر تقريرها السنوي لعام 2009"، 12 كلمة بخط عريض، تتركز الأهمية فيها على اسم الدائرة الذي جاء اهم موقع في العنوان- في المقدمة-، وكأن وجود الدائرة معجزة، ثم يأتي اسم وزارة الصحة كجهة سلطة، وتاليا يأتي ذكر إصدار تقرير سنوي وكأن إصدار هذا التقرير إنجاز كبير، علما ان كل مؤسسات العمل تصدر تقريرا سنويا او تأرشفه. ويتوقع سياق الخبر/ النص ان القراء سيصرخون انبهارا من العنوان.. " يوجد لدينا ادارة عامة لصحة وتنمية المرأة.. يوجد لدينا وزارة صحة... الدائرة قامت بأحد واجباتها.. أصدرت تقريرا سنويا".
وفي المقابل نجد ان متن الخبر يحمل معلومات أكثر أهمية من العنوان، فالتقرير يتضمن "وفاة 19 أماً فلسطينية خلال 2009 دون ان يوضح التقرير سبب الوفاة، ترميم قسم الولادة في مستشفى رام الله، اعتماد مساق خاص بالأمراض النسائية في السنة الخامسة في كليات الطب. زيادة عدد النساء المراجعات لفحص سرطان عنق الرحم، تأهيل ممرضات للكشف عن أمراض سرطان عنق الرحم والثدي، وضع برتوكول للولادات الطارئة وتوحيدها في المستشفيات..."، كل هذه المعلومات تم إهمالها في عنوان الخبر الذي تحدث عن اسم المؤسسة وإنجازها "العظيم". من هنا نكتشف ان الخبر/ النص يريد ان يقول قبل كل شي ان المؤسسة هي الاهم من كل شيء، هي فاعل النص منها الحلول وبدونها سيكون هناك مشاكل كبيرة.
وفي المتن يستند الخبر/ النص على مجموعة من "جمعيات الخطاب" بالمعنى الفوكوي، هذه الجمعيات تستمد شرعياتها من مؤسسات دولية ومحلية حول تعميم قضايا النوع الاجتماعي، والجمعيات هي "صندوق الأمم المتحدة للسكان، اللجنة الوطنية لوفيات الأمهات، الخطة الوطنية لمواجهة سرطان الثدي، برتوكول طبي، كليات الطب في الجامعات، د. سوزان عبده مدير عام الإدارة العامة لصحية وتنمية المرأة"، ولا يوجد أي توسع في ذكر وضع النساء المريضات او طريقة معاناتهن او اثر المرض على صحة ألام والأطفال او على العلاقات الزوجية أو على الإنتاج...او ما هو المطلوب توفيره لهكذا أمهات مريضات من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية.
ونلاحظ من الخبر ان ثلاث مؤسسات "جمعيات خطاب" هي التي تحكمت بأدوات التغطية الخبرية "صندوق الأمم المتحدة للسكان، وزارة الصحة الفلسطينية، الإدارة العامة" وان الفرد المستهدف من النشاطات للمؤسسات الثلاث وهو ألام آو المرأة الفلسطينية مغيب (تم إبعاده) لصالح إعطاء مساحة للحديث عن "إنجازات" المشروع.
ان الخسارة الإعلامية في هكذا أخبار كبيرة، فالمراسل او المحرر كان مقيدا بسلطة خطاب المؤسسات وبالعلاقات المتبادلة بينها دون ان يكون لرأيه او تقييمه او تساؤلاته موضع ذكر في الرسالة. مع ان الصحافة بكل مدارسها تعنى بإنضاج الأسئلة الاجتماعية ودفعها للجمهور، لا ان تتحول الى قناة يمر بها الخبر او الرسالة دون أن تؤثر فيه.
وأكثر من ذلك فان من شأن هكذا خبر/ نص يحول القراء وهم جمهور الخطاب إلى مجرد متلقين غير مؤثرين بل وعلى المدى البعيد يصبح هؤلاء أيضا مساحة مفتوحة لخطابات مهيمنة، دون يكون لديهم أية قدرة على مسائلة المؤسسات او محاسبتها على افكارها او خدماتها. ان النص هنا يطردهم ويخفيهم لتظل مساحة الظهور لجمعية الخطاب / المؤسسة.
ولكم أن تتخيلوا كم سيكون مأثرا أن تتناول الصحيفة قصص موت الأمهات وليس إنجازات المؤسسة، أو ان تجري تحقيقا حول النواقص في احد المستشفيات وليس ما تم توفيره، أو أن تنشر مادة توعوية حول مرض سرطان عنق الرحم وطرق علاجه، وليس عن مؤسسة تردد في أخبارها مفردة النوع الاجتماعي مع ان الكلمة بالكاد صارت معروفة في أوساط المتعلمين والمهتمين الفلسطينيين، فما بالكم بالقراء العاديين.
اخبار تضحك على النساء
نشرت الحياة الجديدة[36] تغطية لاحتفال نظمه الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية تحدث فيه مسؤولون سياسيون، وفي العنوان الذي استنتجه المحرر الصحفي واعتبره الافضل لتصدر التغطية نجد: الوزير: المرأة كانت ولم تزل حارسة بقاء الثورة الفلسطينية ومرجعيتنا ونبراس طريقنا" ، ونحن نورد هذا المثال نتوقف في محطتين تحليليتين:
المحطة الاولى: الخطاب الفلسطيني الوطني لم ينفك منذ عقود يردد اوصاف شعاراتية عن المرأة. شعارات لا تعكس الواقع ولا تؤسس لتحولات في صورة المرأة الفلسطينية. ولم تعبر عن واقع حقيقي كانت فيه المرأة في الصفوف البعيدة في توزيع الادوار وفي صناعة القرار والحصول على الثروات والحصص والموارد. وكان صاحب الخطاب الفلسطيني او جهات إنتاج الخطاب الفلسطيني من قوى وحركات ثورية (مجموعات مذهبية)[37] كما يسميها فوكو، كان هؤلاء في ترويجهم لأنفسهم يخطبون ود جمهور النساء بخطب رنانة وشعارات كبيرة لجذب القطاعات الشعبية للعمل في الثورة ومساندتها. ويبدو أن الروح الوطنية استخدمت في هكذا خطاب كحجة خطابية كان الهدف منها الانتفاع من النساء في الثورة. والحجة هنا خبيثة الى درجة ان استخدامها الغى اي حجة خطاب تعاكسها، فحجة الوطن اكبر من حجة خيانة الوطن او التخلف عن ركب الوطن. او حجة بناء الذات بعيدا عن المجموع.
وأوصاف الخطاب الوطني الفلسطيني عن النساء والرجال كما رصدها مسعد[38] كثيرة، وكان منها " حارسة النار، مصنع الرجال ، شقيقة الابطال، زوجة الشهيد، واخت الجريح، وام الاسير...". ورغم كل هذه الديباجات المؤثرة شعاريا الا انه وفي اول انتخابات اجرتها السلطة الفلسطينية بعد اوسلو خسرت المرأة التمثيل السياسي المطلوب لها، وخسرت ايضا في مرحلة تأسيس السلطة الفرص في مواقع بناء المؤسسات وصناعة القرار فيها. وحاز الرجال على نصيب كبير من غنائم المرحلة سياسيا وادرايا وتحكموا بغالبية مخرجات المرحلة.
بينما عادت النساء المناضلات والقياديات الاجتماعيات والنساء العاديات الى الصفوف البعيدة عن واجهة المشهد، وتبخرت كل الشعارات والخطب الرنانة عن مساواة المرأة الذي لطالما تردد منذ عقود في الخطاب الفلسطيني.
وفي نفس صفحة الحياة الجديدة [39] نجد عضوة المجلس التشريعي نجاة ابو بكر تقول: المرأة على مر التاريخ ساندت الرجل في النضال فمنها القائدة والاسيرة والشهيدة..." ونحن نقول اذا كان الواقع كذلك، فلماذ خسرت النساء اغلب المواقع الجديدة في مرحلة تأسيس السلطة، واذا كانت المراة مساندة للرجل، والرجل استأثر بكل مواقع التمثيل والادوار والحصص، فلماذا تواصل نائبة في المجلس التشريعي ترديد ان المرأة تساند الرجل في وقت ان الرجل "يستخدمها كمساند" في الخطاب، ويتخلى عنها في الواقع او في الارباح الاجتماعية.
هنا يجدر القول ان خطاب الاوصاف الفلسطيني والشعارات الرنانة كان وعيا مزيفا، واللغة استخدمت فيه كأداة للضحك على ذقون النساء، لاستقطابهن وتحويلهن الى مستهلكات للخطاب وصامتات بصورة مزمنة عن المطالبة بالتغيير.
صحيح ان النساء الفلسطينيات في انتمائهن لفصائل منظمة التحرير خلال القرن الماضي، استطعن مغادرة مواقع تبعية تاريخية، وان الثورة والتمثيل السياسي في اطرها ولجانها كما تعتبر د.اصلاح جاد[40] في دراستها "من الصالون الى اللجان الشعبية"، لكن حركة التاريخ الفلسطيني والتطورات ما بعد اوسلو وتأسيس السلطة، اثبت ان الانخراط في الثورة لم ينتج الكثير للنساء الفلسطينيات، سوى دخول النساء في التعبئة والحشد والتمثيل السياسي والانتقال من الخاص الى العام لفترة محددة، هي فترة الثورة لكن في مرحلة ما بعد الثورة وجدت المرأة نفسها خارج المكتسبات، لان خطابا استمر لعقود من الثورة كان تحايليا على مشاركة النساء، ورغم دخولهن الثورة ومواقعها، لم يحصلن على مواقع جديدة. والحال استمر في اعادة انتاج عقد حدت من وصول النساء الى التمثيل والتوزيع.
حفلة اللغة المكررة في يوم المرأة العالمي
ويتجلى الخطاب الفلسطيني الرنان في بيانات وفعاليات الثامن من ايار يوم المرأة العالمي من كل عام، حيث تتصاعد الاوصاف التقليدية في احتفالات وبيانات موسمية. مستخدمة ذات اللغة المكرورة والمعادة منذ اجيال. وربما ان الاعادة هنا في التصريحات التي ترد في الخطاب، يريد منها اصحابها التمترس خلف اسناد مقولات الحاضر على مقولات الماضي والتلويح باصالة ما في المفردة (الخطاب هنا يستند الى سلطة التراث والهوية الوطنية). ففي نصف صفحة من الحياة الجديدة [41]والايام نجد بيانات الثامن من اذار، في حفلة لغة واوصاف شعائرية عجيبة غربية. وسنتوقف في المحطة الاولى هنا على اللغة المستخدمة في الاعلام الفلسطيني حول المرأة: وسنحلل ما ورد في بيانات الفلسطينيين التي نشرتها الصحيفة في يوم المرأة العالمي:
محمود العالول: حركة فتح تعتز وتفتخر بالمرأة الفلسطينية الشهيدة والاسيرة والجريحة والقائدة المعلمة المناضلة المربية داعمة دورها القيادي الريادي الطليعي في الثورة الفلسطينية وقيادتها لمؤسسات العهمل الجماهيري والمجتمعي وتبوئها لارفع المناصب الوظيفية في مختلف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
- يتحاشى التصريح/النص السابق التعرض للمرأة غير المتعلمة، او التابعة العادية، او المريضة او المعاقة... لانه يريد الاستناد على صفات مسلم بها انها الاحسن ولا يريد نسبة الاشياء الى الضعف، علما ان الضعف هو حال المرأة الفلسطينية.
عدنان الضميري: المرأة قدمت الشهداء والاسرى والجرحى وتخوض المواجهة اليومية مع الاحتلال وهي جزء اصيل وكبير ومميز في النضال اليومي في القدس وضد الجدار وتتبوأ اليوم مناصب هامة في مختلف المؤسسات الامنية والمدنية الى جانب الرجل.
- النص/ التصريح هنا يعتمد الحجة المثالية (الوطن)، وكأن النص يقول دون ان يدري ان المرأة خارج معادلة الوطن والثورة والمواجهة مع المحتل لا تستحق لا الاشادة ولا تبوء المناصب الهامة.
فاطمة البطمة: المرأة الفلسطينية لم ولن تكسر فهي من ربت أبنائها على الانتصار وبقوتها استطاعت ان تكون في طليعة النضال.
حسن ابو لبدة: المرأة عملت كمناضلة وحارسة للاستمرار لذلك من الاولى ان نطلق على هذا اليوم يوم المرأة الفلسطينية وبعد ذلك اليوم العالمي للمرأة.
- التصريح هنا يعتمد على مناكفة خفية لنساء العالم للقول للنساء الفلسطينيات: انتن احق بالثامن من اذار. وفي التعبير نوع من المديح غير الموفق.
دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير: المرأة الفلسطينية استشهدت واسرت وكانت أم الشهيد وأخت الأسير وإبنة الجريح وزوجة المناضل.
- في التصريح السابق تأكيد مفضوح للفاعل في النص، الذي هو الرجل والذي يتمربط الاشياء به لتأخذ مكانتها. ولم يكن اي رجل بل الجريح والشهيد والاسير والمناضل وكأن رجلا خارج الاوصاف السابقة لا يستحق الانتساب له.
محافظ الخليل: ان هذا التكريم يأتي انطلاقا من حرصنا وتأكيدنا على اهمية هذا اليوم للمرأة بصفة عامة وللمرأة الفلسطينية بصفة خاصة باعتبارها تشكل نصف المجتمع الفلسطيني وفاءً وعرفاناً بعظمة الدور الذي تلعبه المرأة الفلسطينية لما تحتله المرأة كأم وزوجة وأخت وإبنة وعاملة ومناضلة إضافة الى دورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع الفلسطيني.
بالطبع نفس التغطية تكررت في جريدة الايام[42] وباختلافات بسيطة لكنها كانت في نفس السياق سواء في تمرير الخطاب الرنان او طريقة اقتباس المقولات القادمة من البيانات والتصريحات الصحفية.
وواقع التغطية في الصحف، لا يختلف عن التغطية في وكالة الانباء الفلسطينية "وفا"، وحتى في المادة التي يكتبها مراسل الوكالة وليست دائرة علاقات في مؤسسة ما، والمراسل والمحرر ينضمان الى جوقة الخطاب الرنان عن المرأة، ويبدأ التقرير الصحفي هكذا وحرفيا:
صور من حياة نساء في يومهن
نابلس 8-3-2010 وفا- بدوية السامري
طالما كانت للمرأة الفلسطينية بصماتها في مجتمعها، فهي والدة الأسير، وزوجة الشهيد، وأخت الجريح، ومنها الأسيرة، والعاملة، والناشطة، التي أفنت حياتها في سبيل غيرها، ففكرة صمودها هي بذاتها إنجاز كبير لها.
ونساء نابلس كغيرهن من نساء الوطن صمدن، وتحدين الصعوبات، ووقفن إلى جانب الرجل، وتعلمن وأنجزن أيضاً.
ويتفق عدد من اللواتي كرسن حياتهن لخدمة المجتمع على أن على المرأة أن تقف إلى جانب المرأة لتصل إلى غاياتها.
وتمنت رئيسة قسم الإرشاد والتربية الخاصة في مديرية التربية والتعليم في نابلس مريم الشخشير، على المرأة الفلسطينية بأن تصبح صاحبة قرار، وتكون لها بصماتها واعتباراتها في فلسطين والعالم.
..........[43]
لاحظتم مسألة الوقوف الى جانب الرجل، كيف تكررت او كيف تم استخدام اللغة لربط المرأة بالرجل- (النص هنا يؤكد نفسه بشرعية وجود الرجل)- ولم تأت مستقلة ولو في تعبير واحد. وكيف ان الزميلة السامري استبطنت الخطاب الفلسطيني السياسي العام وجسدته رغم انها امرأة وصحفية، ومن المفترض ان لها ثقافتها وتوجهاتها الخاصة. وهذا يعيدنا الى سلطة الخطاب اذا ساد واستسلم العقل له. وكيف تصبح محططات التحليل او التوقف لمناقشة السائد دربا من الخروج على العام المليء بالمغالطات والسطحيات. ويصبح فيه السائد والمكرور واجهة يومية حتمية.
وبالطبع نحن هنا لسنا ضد الاعتراف بمكانة المرأة، ولسنا ضد تكريمهن، ولكن هذا الخطاب تكرر طويلا. ومسيرة التغيير ظلت تراوح في اللغة والمفردات، بينما تواصلت حالة بائسة من تبعية النساء متبدية في كل المواقع. ليس اقلها المساواة في فرص العمل بالاضافة الى مسلسل تمييز طويل في الحقوق والملكيات والحريات والفرص والموارد..... والاحتفال اللغوي الكبير هنا، الذي يتجلي في "اخت الرجل، زوجة الاسير، شقيقة المناضل، ... ما هو الا ديباجات فارغة من اي حصة او قسمة او حق للنساء الفلسطينيات.
والخوف هنا ان يظل الخطاب الرنان يحجب التفاصيل والظروف، وان يظل يجّمل واقعا يميز ضد النساء. وان تتحول فكرة التغيير الى واقع متخيل يعبر عنه باللغة، ولكنه كواقع غير موجود. (الواقع موجود فقط في اللغة فكرة ما بعد الحداثيين).
المحطة الثانية: سنقف على كيفية تعامل المراسلين والمحررين في الصحف مع بيانات الخطاب الفلسطيني في الثامن من اذار، ونجد ان الصحيفتين الحياة[44] والايام [45] اوردتا الخطاب الرنان السابق دون ان تتدخل بمهارت مراسليها او محرريها لتشذيب الخطاب، او تجديده او نقله الى مساحات جديدة او حتى شطب التقليدي منه والتركيز على المستجدات فيه، وهذه خسارة كبرى لمسؤولية الصحافة في اهم مهماتها الاجتماعية المعروفة في نظريات واكاديميا الاعلام والمسماة "حراسة البوابة" التي تحتم على الصحفيين والصحافة انضاج القضايا الاجتماعية، واعادة نسجها واعادتها للمجتمع ضمن مجموعة من المهارات المهنية الصحيحة، والتي يجب ان تراعي المسؤولية الاخلاقية عن المواد المنشورة. لتكون مقدمة لنضج اجتماعي مسؤول وليس اعادة انتاج الحدث الاخباري كما هو، كما تروج التوجهات الليبرالية الصحفية.
والصحف الفلسطينية الثلاث ومع كل مناسبة عامة مثل عيد العمال وعيد الام ويوم المرأة العالمي ويوم الطفل واليوم العالمي لحرية الصحافة"، تفرد هذه الصحف الثلاث صفحات كثيرة من اعدادها، لسيل من بيانات الخطاب السياسي والمؤسساتي. وتحت ضغط الاتصالات والمصالح بين الصحف والوزارات والاحزاب والمنظمات غير الحكومية، يمرر المراسلون والمحررون وادارات الصحف بيانات شعاراتية فضفاضة، تروج اول ما تروج للمؤسسة (جمعية الخطاب) التي ترسل البيان، والتي تعتبر لغة البيانات الصحفية جزء من حفلة العلاقات العامة التي تقيمها لنفسها واجنداتها البيروقراطية والمدفوعة سلفا من الممولين.
وتفقد الصحافة في هذه التجليات، دورها في اجراء التحقيقات او التقارير الميدانية التي تسلط الضوء على احتياجات وعوالم النساء في الميدان.
ويبدو ان تبعات مالية تقف وراء هذه التغطية الكسولة ايضا، فالصحف مع الوقت تعتاد على كسل طواقمها ورغبة ادراتها في تخصيص الموازنات لتوجهات الربح والاعلانات القادمة من المؤسسات والشركات والاحزاب، لان الصرف على مهمات مراسلين في تحقيقات وتقارير ميدانية، تتطلب موازنة اكبر من مجرد وصول بيان صحفي الى مقر المؤسسة عبر البريد الالكتروني او الفاكس.
الخبر عن المرأة والصورة للرجال
تنشر غالبية الصحف المحلية صوّرا للرجال في التغطيات الاخبارية الخاصة بالنساء، وغالباً ما تكون الصورة المنشورة لاي خبر نسوي وهي صورة المتحدثين الرسمين في فعاليات تشمل افتتاح مشاريع او تكريم نساء او انطلاق حملات.....
الغريب ان الصحف الفلسطينية الثلاث تنشر صورا على صفحاتها الملونة والظاهرة مثل الاخيرة، تنشر صورا لحسناوات الفن والموضة والمشاهير في العالم باحتفال تصميمي مبالغ فيه، فلماذا تضيق الصورة على النساء الفلسطينيات المحجبات وتنفتح على الغريبات اللواتي يلبسن ملابس قصيرة ويضعن مساحيق ويبدين في حالة اغراء كبيرة؟
سألت زميلا لي يعمل في ادارة التحرير عن ذلك، واعجبتني اجابته المصدومة من السؤال: صح والله.. وانا شو بعرفني" وعاد يقول : ولك لانو حرام ننشر صور نسائنا المحجبات ولأنو نسائنا ما بحبين ننشر صورهن" فقلت له: وهل حلال ان ننشر صور نساء عاريات، ضحك وقال: حل عني.
تقصدت إجراء هذا الحوار السريع مع زميلي، وتقصدت مفاجأته لاحصل على اجابة حقيقية، تبدت في غموض موقفه، الذي ينم عن شخصية مركبة ليست لزميلي فقط بل لكثير من الصحفيين الفلسطينيين. شخصية تحمل أطوارا كثيرة من اغتراب المواقف وتتجلى بحالة من التناقض واللااجابة. تماما كما ظهر من اجابة زميلي.
وحتى في التكريم لمناسبة يوم المرأة العالمي نجد ان الصورة المنشورة على الخبر السابق، تؤكد البطريركية في ثلاثة ابعاد الاول: هيمنة الرجال في الصورة والثاني: هيمنة الاعمار ايضا والثالث: هيمنة الصلاحيات والسلطات والمواقع والمناصب.
جريدة الايام[46] في خبر بعنوان " القدس: نقابة اطباء الاسنان تنظم احتفالاً لمناسبة يوم المرأة العالمي". نشرت صورة فيها رمزا البطريركية الدينية في الاراضي الفلسطينية وهما المفتي محمد حسين والمطران عطا الله حنا وشخص ثالث ظهر في الصورة غير معرف ولم يشر لاسماء الثلاثة في شرح الصورة.
وفي نص الخبر يرد 22 اسما ممن حضروا الاحتفال كلهم رجال ولا يوجد بينهم اسم امراة واحدة. واسماء الرجال في الخبر محموله على مناصب غاية في الاهمية " رئيس، امين، دكتور، مفتي، مطران، امين سر، مدير عام، مدير" في المقابل وفي الخبر هناك كلمة " المرأة ترد مرتين فقط واحدة في العنوان واخرى في مقدمة الخبر.
وفي الخبر مفاجأة مضحكة انه وفي خضم سرد اسماء الرجال المشاركين في الاحتفال بيوم المرأة العالمي، نجد كلمة في منطقة هامشية من الخبر على الشكل التالي".... وبحضور عدد كبير من اطباء وطبيبات الاسنان في محافظة القدس". لاحظوا انه ورد ذكر الاطباء اولاً والطبيبات ثانياً. في منطقة غير مهمة من الخبر. (النص يدفع المختلفين عنه خارجا).
والاكثر صدمة في هذا الخبر هو ان توزيع شهادات التقدير على المشاركين في الحفل ولمناسبة يوم المرأة العالمي يفترض ان التكريم هو للنساء ولنتفاجئ ان الشهادات وزعت على 17 رجلاً طبيباً. مرة أخرى (النص يدفع مرة اخرى المختلفين او لنقل المستهدفين خارجا).
في هذا الخبر، يمكن الوقوف على حالة صعبة من ظلم النساء من قبل الرجال، وهن هنا لسن في موقع التبعية حسب استخدام الفكر النسوي، بل في حالة افتراض انهن موجودات، وهي حالة اصعب واقسى، تشير الى الغاء كامل.
ولو دققنا اكثر سنجد ان منظمي الاحتفال، ومن كتب الخبر، دفعوا باتجاه الغاء المرأة بالكامل، عبر استغلال مناسبتها العالمية لاثبات حضورهم وتسجيل النساء في الغياب.
الغريب ان سجل نقابة الاطباء الاسنان في القدس يشتمل على قرابة الخمسين اسما لطبيبات اسنان[47]، ولم يتم تكريم ولو واحدة منهن.
اذن... صحيح ان الرجال يضحكون على ذقون النساء! بالفعالية التي اقاموها وبالخبر الذي كتب عن الفعالية.
الرجل يتحدث والمرأة تصغي وتتعلم منه
وفي نفس الصفحة[48] التي نشر فيها الخبر السابق الصادم، في اهم موقع من حيث التصميم فيها " اول خبر في راس الصفحة من اليميين". في نفس الصفحة نجد خبراً اخر عن النساء تحت عنوان " محاضرة في نابلس حول كيفية التعامل مع الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة". وفوق الخبر نشرت صورة يجلس فيها رجلان( وسط الصور) هما المتحدثان في المحاضرة، (هما فاعلا النص وفاعلا الصورة)، احدهما محاضر في جامعة النجاح والثاني رئيس الجمعية التي نظمت المحاضرة. وحولهما تتحلق نساء محجبات مصغيات باهتمام لما يقوله المحاضر.
وفي نص الخبر نجد ان الحديث مفرود بالكامل للرجلين، من اول الخبر الى اخره دون ان يكون لجمهور المشاركات اي رأي او تصريح او بيان.
نذكر في مناقشة هذا الخبر، بان مهمة رعاية المعاقين من الاطفال في الاسرة الفلسطينية توكل دائما للنساء " الامهات، الزوجات، الابنات، الممرضات المنزليات.." فلماذا يتحدث رجل (الفاعل في النص) عن هذا الدور؟ واكثر من ذلك نجد ان كتابة الخبر جاءت كنص من المؤسسة المنظمة للمحاضرة، واخذت بطريقة "قص ولصق" الى الصحيفة. دون تدخل من المراسل او المحرر.
ونذكر ايضا انه من غير المعقول ان المحاضرة جرت بهذه الطريقة: ان يتحدث فيها المحاضر ورئيس الجمعية طوال الوقت، وان النساء المشاركات كن في حالة صمت طوال المحاضرة. وعلى الاغلب انهن قدمن تساؤلات او استفسارات حول احتياجاتهن كامهات او اخوات لاطفال معاقين، لكن من كتب الخبر همش المهمش وتحدث عن ما يروج للمؤسسة من انها موجودة وفاعلة وجادة وتعمل وتنجز، فالمؤسسة كما جاء في الخبر، اهم من الجمهور، وخطاب المؤسسة يمر في الصحف الفلسطينية اكثر من الفرد، وان مر هذا الخطاب فانه لصالح الرجل والمرأة فيه مهمشة وملغاة علماً انه حول اصعب تفاصيل حياتها.
كما رأينا في خبر امهات الاطفال المعاقين اللواتي لم يأت الخبر على ذكرهن الا وهن صامتات ومصغيات ومستسلمات دون ان يكون لهن اي فاعلية او نشاط. وهذه صورة تنمط حضور النساء وادوارهن.
والصحافة هنا استخدمت استخداماً ادواتيا من المؤسستين المذكورتين في الخبرين، ولم تكن بوابة سليمة لاعطاء الحجوم المطلوبة للفاعلين الاجتماعيين في التغطية. ووسيلة الاعلام هنا كانت اداة في خطاب ومزاعم او ادعاءات عن المرأة وتعميم النوع الاجتماعي، مع ان العكس هو الذي حصل. او لنقل ان التعميم تحول الى تعتيم على قضايا النوع الاجتماعي.
متعة الرجل إثارة .... وشقاء المرأة مسكوت عنه
نشرت صحيفة القدس قصة إخبارية أخذتها عن وكالة (بي بي سي) تحت عنوان "غزاوي تزوج 11 امرأة ولدية 430 حفيدا " والقصة الإخبارية جاءت في قالب إثارة عال لا يتورع أي مراسل عن كتابته، ليلهب شغف القراء ويحقق لهم الإثارة.
ونحن هنا لسنا ضد هذا النوع من السلوك الصحفي الذي يحقق فوائد كثيرة لوسائل الإعلام والقراء والمشاهدين والمستمعين في إثارة و شغف وغرابة ومتعة. لكن نذكر بأن المسؤولية وحراسة البوابة الإعلامية تتطلب قدراً عالياً من احترام أخلاقيات المهنة، بالإضافة إلى مسؤولية عالية عن عدالة توزيع المنفعة على الأفراد، ففي القصة المنشورة تأخذ تصريحات المسن الغزاوي إلى درجة البطولة، ويكتب عن تفاصيل وسيرة حياته بإثارة عالية تحوله إلى نموذج اجتماعي فريد قد يتحول إلى قدوة لعديدين. وأكثر من ذلك تشير القصة إلى يشبه الاحتفال بعمليات جنسية وزيجات ومتعة رجل مع"إمرأة وكأن لعملياته هذه رد من نوع خاص على الاحتلال الإسرائيلي، وتبرر القصة ولغتها وأجوبة المسن الزيجات بتوفير نسل فلسطيني سيغلب الاحتلال في المعركة الوطنية، والرجل هنا – بمعنى او بأخر- يستخدم رحم زوجته لمقارعة الاحتلال، في مسلسل ظلم واضطهاد لهذا الرحم يترجمة بقوله " المرأة الظالمة تستحق أن يتزوج عليها زوجها ثمانين مرة" ومن كلامة يتبين سذاجة كتابة القصة وتبريراتها، فمرة تستخدم الزيجات الجنسية على أنها مقاومة للاحتلال ومرة لاضطهاد المرأة الظالمة، ومرة لمضاعفة "جيش أبو طلال" أو ما يعرف بالفلسطيني ب"العزوة" وهي كثرة عدد الذكور للعائلة، لاستخدامهم في الشجارات العائلية.
والقصة الإخبارية تأخذ تصريحين من زوجتين لابو طلال واحدة قالت أنه هجرها جنسياً، والأخرى راضية عنه وتدعو له بطول العمر.
قراءة القصة تحقق شغفاً عالياً، ولكن تحت هذا الشغف، صمت كبير وتعتيم على خسائر منها، إن قصة من هذا النوع ستشير في مجتمعات أخرى إلى حالة التخلف التي تعيشها الأسرة الفلسطينية، ومنها أن جيش أبو طلال "430 ابنا وحفيداً" كانوا مجرد ارقام وليسوا بشر فاعلين، ارقام تشبه إلى حد كبير أرقام الشهداء في غزة في العدوان 2009، والذين تم تداولهم كأرقام وليسوا كسير بشرية، وإن الزوجات ال 11 " هنا مغيبات لا نعرف عنهن شيئاً، ولم نعرف اي الظروف التي اجبرتهن على الزواج بهذه الحالة السوقية ولا كيف ربين أطفالهن وسهرن عليهن بينما كان الزوج في فراش إمرأة أخرى. والصمت هنا أيضاً استمر في عدم التعرض للمستوى التعليمي " لجيش أبو طلال". الذي يبدو من ظروف القصة كما كتبت، أنهم بلا تعليم ولا صحة وأنهم مجرد مواطنين عاديين غير مؤثرين وغير منتجين. لأنه لو كان لهم انتاج مميز، لكتب الصحفي عن ذلك.
وهذا النوع من الكتابة الصحفية يعود الى فكر قومي ذكوري تجلى في دعوات الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للفلسطينيين بانجاب المزيد من الاطفال، لـ "يحرورا فلسطين"، وعرفات في معركته، ليس بعيدا عن احمدي نجاد الرئيس الايراني الذي دعا الايرانيين في ايار 2010 الى انجاب الاطفال في ظل التهديدات الدولية بضرب ايران وانهاء مشروعها النووي. والحديث ايضا متصل بمشروع قانون تقدم به اليهودي المتطرف كهانا الى الكنيست في اسرائيل يشجع النساء الاسرائيليات على زيادة مواليدهن لرفع عدد اليهود في فلسطين والتغلب سكانيا على الفلسطينيين.
هذا المنطق من الدعوات انتهى الى غير رجعة مع تطور الادوات الحربية، ويكفي ان يقوم طيار واحد بالانتصار على مئات بقنبلة واحدة. ولن يكون جيش ابو طلال سوى وقود هزيمة جديدة وليس انتصارا قوميا او وطنيا. فلماذا مررت الصحافة هنا منطق مهزوم ويؤسس لهزائم تحت تبريرات تغطية الغرابة او الفرادة او التشويق؟
وهناك خسارة على مستوى صورة العربي او الفلسطيني في العالم، فالقارئ في الغرب او اميركا اللاتينية او الصين وفي اي مجتمع مختلف في تقاليده، سيظل يحمل صورة ذهنية عن العربي او الفلسطيني، محفوفة بالشهوانية وتعدد الزوجات والمغالاة في انجاب الاطفال واضطهاد النساء والتشبع بفكر قومي حربي والحياة في نمط تقليدي من العادات والاعراف.
نذكر هنا ان الصور النمطية عن العرب في الصحافة العالمية، معظمها يتم انتاجها بايد عربية، عن طريق مراسلين ومصورين يعملون في الاعلام الدولي، فمثلا يقوم مصور فلسطيني في غزة او الخليل او جنين بارسال صور عن اليوم الفلسطيني، ويقوم محرر الصور في الوكالة الاعلامية الدولية باختيار الاغرب او المغاير لنمط حياة قراءه، فمثلا يرسل المصور الفلسطيني من غزة صورا عن سيارات وعربات ومواطنين وشوارع وبنوك ومبان .. الخ، فيقوم محرر الصور الغربي باختيار صورة عربة يجرها حمار وتنتشر الصور في الصحف الغربية واختيار محرر الصور يتكرر دائما فتصبح الصور الذهنية للقارئ الغربي عن غزة انها تعج بالحمير والعربات والخيام.
وتغطية بطولة الحج ابو طلال التي نحللها ليست بعيدة عن مثال صور عربة يجرها حمار في الصحافة العالمية، ولن يكون مستبعد ان تتشكل صورة عن كل الرجال الفلسطينيين انهم ابو طلال وان كل النساء الفلسطينيات هن ام طلال وضراتها العشرة اللواتي تناوب ابو طلال على مضاجعتهن باستمرار لتأسيس جيش ابو طلال الفلسطيني الذي سينتصر على اليهود. (نتبين هنا ان الحجة من الزيجات هي الانتصار على اليهود، وهي حجة مضللة ولا يوجد رابط بين الزيجات والانتصارات).
والتغطية الصحفية هنا مررت تصريحا غريبا لابو طلال هو انه يقوم ببطولاته الزواجية لانه "اقوى من النساء" حسب كاتب القصة، ونحن هنا امام نمط قديم من البطريركية الذكورية التي تسيد الرجل وتجعل من المرأة تابعة ضعيفة، نمط متخلف يعاد انتاجه على ايدي صحفي متعلم ومثقف ويعمل في ال BBCدون ان يعرف مدى الخسارة التي ستلحقها كتابته بصورة المرأة وبتأبيد اوصاف اللامساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع المحلي.
والمؤلم حقا هنا ان الصحافة كاختصاص وهي مرتبطة باكبر الاختراعات العلمية من مطابع وشبكات انترنت وكاميرات وصحف ... كلها وسائل انتاج حديثة استخدمت لاعادة انتاج التخلف واشهار نماذج متخلفة من المجتمع على حساب ثقافة المجتمع وصورته وامكانية حدوث التحولات التقدمية فيه.
ردود صادمة تعليقا على نشر قصة ابو طلال
وعلى الصفحة الالكترونية لجريدة القدس، حصدت قصة أبو طلال مجموعة من التعليقات التي جاءت بنسبة عالية من رجال كتبوا بأسماء مستعارة، وعبرت ردودهم عن ثقافة منحطة، وحملت إيماءات عن فحش جنسي، وعبارات مشينة عن النساء العزباوات، وإساءة للرسول محمد، وعبارات تجهيل وتكفير في خلطة من الآراء الشعبية الرخيصة: نوردها دون تدخل وبأخطائها الإملائية كما وردت على الصفحة الالكترونية، على الشكل التالي: [49]
سعيد المانح: الرجل يستحق خمسة ملايين يورو من اموال المانحين .. حسب القوانين المالية للدول المانحه كعلاوة اولاد - اللى سرق فلوسه يرجعها له يرحمكم الله
سفيرة الاغوار كتب: صحه يعمي عيش وكتر كل واحد كر بمعتقداتو اكيد حل ازمة العوانس في غزه
زائرة كتبت: بارك الله له في عمره ونسله، ما فعله الحاج مليح ضروري لمحاربة الاستيطان،لكن اتمنى الا تنتشر العدوى
البهنساوى كتب: الى واحد من الناس - انت شو اللى جايبك لعنا.. روح اشنق حالك خللينا نرتاح منك واتكون عبره للمعقدين اللى زيك - هذا مكان المفرفشين بس لانك مع ابو الزلف
wa7ad mn elnas كتب: عالم فاضية و ولازمهم... ولازمهم شنق
الخليلى كتب: وينكم يا خلايله.. هذا الغزاوى فاز عليكم بنشافة المخ
سلاملك كتب: - انت قصدك السمك ام الفلفل. لان المقاولون الجدد لما استحموا ببحر غزه السمك هاجر ولا رجعش تانى - لما تشوفوا ابقى سلم لنا عليه
الاولمبى كتب: انا ارشحه لرئاسة المنتخب الاولمبى الفلسطينى... لانه حطم الرقم القياسى فى عدد الاهداف فى لعبة الديموقرافيا
البحرى كتب: اعتقد ان السمك مفعوله اقوى من الزعتر... عشان كده الغزازوه بيعملوا هيك والضفاويه ما بيعملوا هيك
حلاوه السكرى كتب: هذه وصفه للوقايه من مرض السكر فلو كان عنده مرض السكر لكانت واحده كثيره عليه خاصة اذا كانت عياره تردد ع الحامى والبارد يا الله
السكسى كتب: ارجوكم اكتبولى وصفة كيف تجهز الدقة الغزاويه فلولاها ما اظن انه كان قادرا على اشباع هذا العدد من النساء
مصراوى من جرجا كتب: ده لو استنسخوا منه الف واحد يصير عدد الفلسطينيين 40 مليون، بحسبه بسيطه ده لو استنسخوا منه الف واحد حيبقى عدد الفلسطينيه 40 مليون خلال عشر سنوات
ظهراوي كتب: صحيح إنك يا ابو طلال واحد مجرررررررررررررررم حرب والله شارون ما عمل عمايلك ما تخاف ربك 11 تتزوج ؟؟
زائر كتب : الحق مش علي ، الحق على النسوان اللي تزوجوووا...اصلا هو سبب الزيادة السكانية في قطاع غزة.
مصراوى من دشنا كتب: اتصبح فى كلوت التشيكيه ولا تتصبحش فى وش هنيه واحد فلسطينى حكالى المثل ده أفيدونا عن صحة المثل أفادكم الله
واحد من جيرانه كتب: واحده عشيقه ممتعه اكثر من كل زوجاته/ فالمتعه فى العشق مو فى الزواج - ميعرفش حاجه بالسكس
مشهور الدولى كتب: بس هو ما غيرش الصنف...ربما تكون ممتعه اكثر لو كانوا من 11 دوله اما من نفس المكان ونفس الطعم !!!!!
Abu mhjob كتب: god for give him
ابو طاهر المسيار كتب: يجب دعم الرجال المزواجين... اطالب ابو مازن بتقديم دعم مادى للرجال المزواجين كدعم المرىة المنجبه فى الدول المتقدمه
دندش الحلوانى كتب: خطتى للثلاث سنوات القادمه شجعنى ابو طلال على الزواج ساتزوج عشرة مرات على الاقل فى خلال 3 سنوات القادمه
عتريس ابو الغنمات كتب: راجل ولاكل الرجال.. حسرتى على الرجال النعاج
ابو ادهم الاعرج كتب: التعدد مطلوب يالزواج اوبالمصادقه/ انا اعرف واحد تزوج 27 امراة ولا اريد ذكر اسمه
صحي مسلم كتب: النبي محمد تزوج 16... النبي محمد تزوج 16 فا عجب
طلال الرويلي كتب: هل هو مسلم ... الاسلام سمح بأ ربع زوجات وليس خمسه او اكثر الا اذا كانت واحده مطلقه فلا بأس.
April 30th كتب:
oh really, did they have Camera's in Gaza a long time ago, plus, I have seen this photo of the man taking the picture of these women a while ago, and at that time it was supposed to be for a Saudi guy !
ابو النور المقدسي كتب: الكفر بحد ذاته، مع احترام للحاج لكن هذا حسب الشرع لا يجوز لان الايات الكريمه واضحه.
الصحافة والصحفيون يرددون اخبار المؤسسات ولا يعرفون معناها
نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) الخبر المغلوط التالي:
ورشة عمل في الخليل توصي بتعديل القانون الخاص بالنساء
التاريخ: 22/3/2010 الوقت: 18:06
الخليل22-3-2010وفا- أوصى مشاركون في ورشة عمل بعنوان 'حقوق المرأة بين الواقع والطموح'، نظمها المركز الفلسطيني لاستقلال القضاء والمحاماة 'مساواة'، في مدينة الخليل، اليوم، بضرورة تعديل القانون الخاص بالنساء وإشراك المرأة في جميع المحافل السياسية ومراكز صنع القرار.
وقدمت منسقة برنامج مساواة ديما دويك، نبذة تاريخية عن مشروع مساواة، وأوضحت انه يهدف إلى تحقيق العدالة للنساء الكادحات في أماكن العمل والسكن من خلال التعاون مع المؤسسات المجتمعية، والجمعيات النسائية والاتحادات.
وتحدث الناشط الحقوقي من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إسلام الخطيب، عن جوهر الحقوق للمرأة في العمل والسلامة الشخصية الخاصة وحقها في الحياة، وتطرق إلى الاتفاقيات الخاصة بالمرأة مثل اتفاقية سيداو، وقرار مجلس الأمن 1325، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيرا إلى حق الشعوب تقرير مصيرها، وبالتالي حقها في النضال من أجل حريتها، وأن السلطة تعمل دون إبطا للانضمام إلى المحافل الدولية.
ووصفت منسقة برنامج مفتاح ميسون القواسمة، قرار1325 الاممي بالسهل الممتنع، وأشارت إلى انه ينص على مشاركة النساء في صنع القرار وحماية نفسها في أوقات الحرب والنزاعات، وتحدثت عن الصحة الإنجابية، وأنواع العنف الذي تتعرض له المرأة.
وقدمت مسؤولة وحدة النوع الاجتماعي في وزارة المرأة فاطمة ردايدة، نبذة عن وزارة شؤون المرأة وأقسامها ودورها في النهوض بالمرأة، مبينة أن تطوير الالتزام الحكومي يتم بالتنسيق مع الوزارات ذات العلاقة ودورها في التشبيك وبناء علاقات مع مؤسسات دولية ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحقيق أهداف تمكين المرأة.
ومن جهة أخرى، قدم مدير دائرة حماية الأسرة والطفل النقيب عطا جوابرة، نبذه عن قسم حماية الأسرة وواقع المرأة في محافظة الخليل، ودور مراكز الحماية في الشرطة، وما تتعرض له المرأة من ضغوطات اجتماعية ونفسية كثيرة.
وفي ختام الورشة قدمت السيدة هناء أبو هيكل إحدى سكان جبل الرحمة، قصة نجاحها وتحديها كل الصعوبات التي تواجهها كونها تعيش في محيط مستوطنة تل رميدة.[50]
أولا الخطأ الكبير الذي وقع فيه الخبر انه لا يوجد قانون اسمه "القانون الخاص بالنساء"، وكان المقصود ربما بنود ومواد في القوانين الفلسطينية تتعلق بقضايا المرأة. وهذا ما يستدل عليه من متن الخبر.
وثانيا ترد مفردات ومفاهيم في الخبر دون ان يوضح المعنى المراد منها فمثلا نرى كلمة تمكين ونجد اتفاقية سيداو دون تعريب، ونجد القرار الاممي 1325، الذي نجد له فهما مغلوطا من متحدثة في الورشة او لربما ان المراسل الصحفي لم يفهم عليها، او لربما ان المؤسسة نفسها هي من ارسلت الخبر، وهي بالطبع تعرف معاني ونصوص الكلمات والقرارات الدولية ويبدو انها منهمكة ومشغولة بهذه الكلمات والقرارات الى درجة انها تعتقد ان كل البشر يفهمونها. (او لنقل ان جمعية الخطاب ضمن مفارقة السر والنشر تحافظ على اسرارها ولا تنشرها حسب شكوك فوكو).
وهذا ينقلنا إلى طريقة عمل منظمات المجتمع المدني في المجالات النسوية التي نجد الكثير من صناعة قرارها يتم بشكل مكتبي مؤسساتي يحيط نفسه بحواجز كبيرة، ولا يسمح للآراء الشعبية إن تدخل نطاقه أو نظامه وهو عمل مستقل في الكثير من المشاريع عن جمهوره وغير ميداني، وفي الوقت نفسه يروج على انه قادر على تحديد احتياجات المرأة ومعرفة مصلحتها وحقوقها. والمجتمع المدني يمكن إن نطلق عليه جمعيات خطاب حسب مقولات فوكو التي تتبادل المعارف والسلطات والملكيات الاجتماعية للأفكار وتتحول إلى سلطات علمية وسياسية.[51] وتحتفظ بأسرار الخطاب ولا تنشرها أو لا تسمح لعدد كبير من الناس الدخول الى مركز إعادة إنتاج الخطاب.
كما أننا أمام خلطة كبيرة من القوانين الدولية، ونجد ان القانون الدولي لحقوق الإنسان والذي تم تفسيره في الخبر كأنه اساسي بالنسبة للفلسطينيين في تقرير المصير او التخلص من الاحتلال. وتم ربطه أيضا بإشارة الى ان السلطة تعمل دون ابطاء للانضمام إلى المحافل الدولية ولماذا المحافل الدولية؟ ويظهر هنا حجم إعطاء للخطاب قدرات سلطوية (للخطاب) من خلال القوانين الدولية ومن خلال السلطة الوطنية.
يعبر ورود هذا الخبر في وكالة انباء صحفية عن الحالة المحلية من فهم العالمي والجري وراءه بشتى السبل، الى درجة ان الموضوع تحول الى ترديد مشوه لخطاب عالمي على حساب اللغة المحلية. وجاء في سياق فهم رديء لخطاب مهيمن. ولكم ان تتصوروا أي قراء وأي نتائج وأي غموض مفاهيمي ستنتج هكذا أخطاء.
وهذا الخبر على أخطاءه، وصل الى الصحف المحلية، التي تنشر أخبارا نقلا عن الوكالة الرسمية، وخطأ او اخطاء مراسل ومحرر الوكالة، تكرر لدي محرر صحيفة الحياة الجديدة التي نشرت الخبر دون اي تعديل على إحدى صفحاتها. [52]
وخلال البحث وجدنا ايضا ان وكالة فلسطين برس نشرت الخبر بنفس الطريقة على طريقة copy and paste دون اية تغذية للخبر او تقديم للمفاهيم.[53]
ويشار هنا ان القرار 1325 يتناول في 18 بندا ضمن وثيقة مواضيع مختلفة حول حماية حقوق النساء والفتيات في اوقات النزاع اضافة الى انه يتطرق الى مشاركة النساء في صنع القرار والتدريب الجنسي في عمليات حفظ السلام وتعميم المنظور الجنسي في أنظمة الإبلاغ والتنفيذ في الأمم المتحدة.
تعميم خبر المؤسسة وليس اعادة كتابته او تحريره
وفي نفس السياق نشرت وكالتا وفا ومعا الاخباريتيين خبرا لمؤسسة مفتاح (المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي) ويبدو ان المؤسسة هي التي ارسلت الخبر عبر البريد الالكتروني للوكالتين اللتين نشرتا الخبر بدون اية تحرير او اضافات او تغذية او تفسير.
ونشر الخبر في وكالة معا على الشكل التالي:
اختتام ورشة عمل تدريبية في نابلس والخليل حول قرار مجلس الأمن 1325
التاريخ : 8/5/2010
الخليل 8-5-2010 وفا- اختتمت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية (مفتاح)، اليوم، في كل من الخليل ونابلس ورشة عمل تدريبية بعنوان تفعيل قرار مجلس الأمن 1325 على المستوى الفلسطيني.
وتأتي الورشة ضمن مشروع 'مكافحة العنف ضد المرأة من خلال تمكين مؤسسات المجتمع المحلي'، الذي يستمر على امتداد عام ونصف، وبدعم من الممثلية النمساوية، وبناءً على نتائج التواصل مع مؤسسات ائتلاف قرار 1325 بتحديد الاحتياجات والأولويات، وإعادة التقييم الدوري لعمل الائتلاف.
وناقشت الدورة التي استمرت على مدار ثلاثة أيام، في كل من المحافظتين نابلس والخليل، وعلى مدى 18 ساعة، قرار 1325 وربطه بواقع المرأة الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حيث تتحمل الكثير من المعاناة، كقضية الأسيرات ومعاناة النساء على حواجز الاحتلال الإسرائيلي، وجدار الفصل العنصري، وتنكيل المستوطنين في الأرض الفلسطينية (ما يسمى في مناطق c).
وتطرقت المدربة ميسون القواسمي إلى ضرورة مشاركة المرأة بفاعلية في قضية بناء السلام بين أفراد الشعب الفلسطيني وفي المفاوضات الخارجية والداخلية، وضرورة تبوء المرأة ومشاركتها في صنع القرار سواءً في الانتخابات أو على جميع المستويات جنباً إلى جنب مع الرجل.
يذكر أنه تم العمل على وضع خطة إعلامية للضغط باتجاه تفعيل القرار، وذلك ضمن التدريب على مهارات الضغط والمناصرة، وتم التخطيط لها من قبل المسؤولين في مؤسسات الائتلاف، الذين استهدفهم التدريب، وسيتم تنفيذها ابتداءً من شهر تموز 2010، بناء على طلب الفئة المتدربة والتي تم تحديد احتياجاتها في المراحل الأولى من المشروع.
كما تم التدريب على آليات توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية التي قدمها كل من عبد الرازق غزال في نابلس، وهشام شرباتي في الخليل.[54]
ونشر الخبر في وكالة وفا على الشكل التالي:
اختتام ورشة عمل تدريبية في نابلس والخليل حول قرار مجلس الأمن 1325
التاريخ : 8/5/2010 الوقت : 15:33
الخليل 8-5-2010 وفا- اختتمت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية (مفتاح)، اليوم، في كل من الخليل ونابلس ورشة عمل تدريبية بعنوان تفعيل قرار مجلس الأمن 1325 على المستوى الفلسطيني.
وتأتي الورشة ضمن مشروع 'مكافحة العنف ضد المرأة من خلال تمكين مؤسسات المجتمع المحلي'، الذي يستمر على امتداد عام ونصف، وبدعم من الممثلية النمساوية، وبناءً على نتائج التواصل مع مؤسسات ائتلاف قرار 1325 بتحديد الاحتياجات والأولويات، وإعادة التقييم الدوري لعمل الائتلاف.
وناقشت الدورة التي استمرت على مدار ثلاثة أيام، في كل من المحافظتين نابلس والخليل، وعلى مدى 18 ساعة، قرار 1325 وربطه بواقع المرأة الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حيث تتحمل الكثير من المعاناة، كقضية الأسيرات ومعاناة النساء على حواجز الاحتلال الإسرائيلي، وجدار الفصل العنصري، وتنكيل المستوطنين في الأرض الفلسطينية (ما يسمى في مناطق c).
وتطرقت المدربة ميسون القواسمي إلى ضرورة مشاركة المرأة بفاعلية في قضية بناء السلام بين أفراد الشعب الفلسطيني وفي المفاوضات الخارجية والداخلية، وضرورة تبوء المرأة ومشاركتها في صنع القرار سواءً في الانتخابات أو على جميع المستويات جنباً إلى جنب مع الرجل.
يذكر أنه تم العمل على وضع خطة إعلامية للضغط باتجاه تفعيل القرار، وذلك ضمن التدريب على مهارات الضغط والمناصرة، وتم التخطيط لها من قبل المسؤولين في مؤسسات الائتلاف، الذين استهدفهم التدريب، وسيتم تنفيذها ابتداءً من شهر تموز 2010، بناء على طلب الفئة المتدربة والتي تم تحديد احتياجاتها في المراحل الأولى من المشروع.
كما تم التدريب على آليات توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية التي قدمها كل من عبد الرازق غزال في نابلس، وهشام شرباتي في الخليل.[55]
وفي نفس اليوم نشرت جريدة القدس الخبر على موقعها الالكتروني قبل يوم من طباعة الخبر في الجريدة الورقية، بالطريقة المشابهة التالية:
"مفتاح" تختتم ورشة حول تفعيل قرار مجلس الأمن( 1325)
السبت مايو 8 2010
رام الله – من علي سمودي
اختتمت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية " مفتاح"، اليوم, في كل من الخليل ونابلس ورشة عمل تدريبية بعنوان" تفعيل قرار مجلس الأمن"- 1325 -على المستوى الفلسطيني، وياتي ذلك ضمن مشروع "مكافحة العنف ضد المرأة من خلال تمكين مؤسسات المجتمع المحلي" والذي يستمر على امتداد سنة ونصف، وبدعم من "الممثلية النمساوية"، وبناءً على نتائج التواصل مع مؤسسات ائتلاف قرار( 1325 )بتحديد الاحتياجات والأولويات، وإعادة التقييم الدوري لعمل الائتلاف.
وناقشت الدورة التي استمرت على مدار ثلاثة أيام )في كل من المحافظتين نابلس والخليل)، وعلى مدى 18 ساعة، قرار 1325 وربطه بواقع المرأة الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حيث تتحمل الكثير من المعاناة، كقضية الأسيرات ومعاناة النساء على حواجز الاحتلال الإسرائيلي، وجدار الفصل العنصري، وتنكيل المستوطنين في الأراضي الفلسطينية (ما يسمى في مناطق c)، حيث تطرقت المدربة ميسون القواسمي إلى ضرورة مشاركة المرأة بفاعلية في قضية بناء السلام بين أفراد الشعب الفلسطيني وفي المفاوضات الخارجية والداخلية، وضرورة تبوء المرأة ومشاركتها في صنع القرار سواءً في الانتخابات أو على جميع المستويات جنباً إلى جنب مع الرجل.
والجدير بالذكر أنه تم العمل على وضع خطة إعلامية للضغط باتجاه تفعيل القرار، وذلك ضمن التدريب على مهارات الضغط والمناصرة؛ وتم التخطيط لها من قبل المسؤولين في مؤسسات الائتلاف، الذين استهدفهم التدريب، وسيتم تنفيذها ابتداءً من شهر تموز 2010، وذلك بناء على طلب الفئة المتدربة والتي تم تحديد احتياجاتها في المراحل الأولى من المشروع، كما وتم التدريب على آليات توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية التي قدمها كل من عبد الرازق غزال في نابلس، وهشام شرباتي في الخليل.
وتسعى "مفتاح" عبر مشروع مكافحة العنف ضد النساء الفلسطينيات ومن خلال تمكين مؤسسات المجتمع المحلي، إلى المساهمة في تخفيف العنف المبني على النوع الاجتماعي وتعزيز مبدأ المساواة بين الجنسين عن طريق تمكين مؤسسات المجتمع المحلي في المحافظتين (نابلس والخليل)، ودعم قضايا المرأة الفلسطينية المتعلقة بالعنف والتمييز، وتأييد زيادة تمثيلها ومشاركتها في صناعة القرار، كما تسعى "مفتاح" إلى تقوية الائتلاف في المحافظتين من خلال مد جسور التعاون والتنسيق بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية حيث تم ترتيب لقاء بين عدد من المؤسسات الفاعلة ضمن الائتلاف ووزيرة الشؤون الاجتماعية السيدة ماجدة المصري، التي وعدت بالإيعاز إلى مديريات وزارة الشؤون الاجتماعية في نابلس والخليل بالتعاون مع مؤسسات الائتلاف هناك.[56]
خلاصة:
- رغم أن خطاب النوع الاجتماعي انبعث من فكر نسوي إلا انه تحول مع الوقت إلى فكر مؤسسات ومجموعات ودول كرسته في خطط وسياسات وعمليات تنمية انعكس في مشاريع ومساعدات جاءت من أعلى إلى أسفل، وفي وصوله للحالة الفلسطينية جاء على شكل خطاب عالمي ووجد له مجموعاته المحلية التي نشرته أيضا بصورة مؤسساتية ومن أعلى إلى أسفل ولم يتأصل في روح المجتمعات.
- الإعلام الفلسطيني المكتوب لم يكن صحافة رأي بل كان صحافة خبر، امتثل بصورة ميكانيكية أو أدواتية لطروحات خطاب النوع الاجتماعي، وهو بهذه الحالة لم يكن مفيدا في اتجاهين: لا في اتجاه دعم تعميم النوع الاجتماعي، ولا في اتجاه دعم أدواته لمواكبة دخول الخطاب.
- المطالبة بتعميم النوع الاجتماعي من خلال وسائل الإعلام، يجب ان تأخذ بالاعتبار دراسة حالة وسائل الأعلام وقدراتها على النهوض بالأدوار المتوقعة لعمليات التعميم. وتتطلب أيضا دراسة أنماط العمل في هذه الوسائل وفاعلية الأشخاص العاملين فيها. ضمن قدراتهم ومهاراتهم ومعارفهم وأرائهم وليس ضمن قدراتهم الفنية والتقنية.
- أنماط وقوالب المأسسة في النوع الاجتماعي والإعلام، تتجلى في "ورش عمل، لقاءات، ندوات" تنقل إعلاميا بقوالب " الأخبار، التقارير، التصريحات"، هذا الأنماط والقوالب المؤسساتية، تغلق الباب أمام الإبداع سواء في الفكر النسوي أو في الرأي الإعلامي.
- اسلوب تحليل الخطاب وادواته تعطي البحث الخاص بقضايا المرأة والاعلام صورة جديدة من دراسات المرأة ودراسات تحليل الاعلام، وتوصل الباحث الى لحظة حرية اكثر في التناول وتقديم وجبة نقد غير معهودة، تساءل النصوص وتكشف عن الفاعلين والغائبين واللغة والتعبيرات وعقد السلطة في اكثر من اتجاه.
- الحركة النسوية الفلسطينية والإعلام الفلسطيني المكتوب الى درجة كبيرة موجدان في المجال العام، بينما النساء الفلسطينيات بغالبية كبيرة موجودات في المجال الخاص.. إلا يشكل هذا تحديا للنتائج المتوقعة من التعميم؟
- خطاب تعميم النوع الاجتماعي العالمي بجمعياته وأدواته ولغته وهيمنته.. الكلمة الأخيرة فيه ليست فيه وليست له، كما أنها ليست للنساء. كذلك: تعميم قضايا النوع الاجتماعي الفلسطيني ليست فيه وليست له، كما أنها ليست للنساء الفلسطينيات، اذن أين المشكلة؟ الجواب: ما هي مشكلة المرأة في العالم (سؤال باذخ) وما هي مشكلة المرأة الفلسطينية(سؤال يمكن احتماله)؟
- انتهى-
قائمة المصادروالمراجع:
المراجع والمصادر العربية:
1- بعلي، حفناوي (2009)، مدخل في نظرية النقد النسوي وما بعد النسوية، بيروت، منشورات الاختلاف.
2- شومان، محمد (2007)، تحليل الخطاب الاعلامي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية.
3- فوكو، ميشيل (2007) نظام الخطاب، ترجمة محمد سابيلا، بيروت، دار الفارابي، ص 6.
4- كمال. زهيرة (2007) مبادئ توجيهية من أجل تعميم قضايا النوع الاجتماعي وتعزيز فعالية آليات النهوض بالمرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). الامم المتحدة. نيويورك.
5- (د. م) (ميشل فوكو- جاك دريدا: حوارات ونصوص)،(2006)، ترجمة محمد ميلاد، اللاذقية، دار الحوار للنشر والتوزيع.
المراجع الاجنبية:
1- Cornwall. A & Brock. K. (2005) "What Do Buzzwords Do for Development Policy (2005), Third World Quarterly, Vol. 26,No. 7,pp1043-1060.
2- Jad, Islah, "From the Salon Ladies to Popular Committees: Palestinian Women, 1919-1989" In Nassar and Heacoch. "Intifada: Palestine at the crossroads". New York.1999.pp 125-134.
3- Massad, Joseph, "Conceiving The Masculine: Gender and Palestinian Nationalism", Middle East Journal. Vol.49 (3).summer 1995
4- Moser, C & Moser, A, "Gender mainstreaming since Beijing: A review of success and limitations in international institutions", In (www.eldis.org/go/topics/resource-guides/gender/gender-mainstresming/in-organizations&id=17835&type=document).
5- Razavi.sh & Miller. S, (1995). Gender Mainstreaming: A Study of Efforts by the UNDP, the World Bank and the ILO to Institutionalize Gender Issues.
6- United Nations, "Report of the Economic and Social Council for 1997", A/52/3.18 September 1997
الصحف ووكالات انباء:
1- صحيفة الايام، ، الثلاثاء، 9/3/2010، ص 11.
2- صحيفة الايام، الخميس 11/3/2010، ص19.
3- صحيفة الحياة الجديدة بتاريخ (2/2/2010) ص 17
4- صحيفة الحياة الجديدة، 9/3/ 2010، عدد 5156، ص 10.
5- صحيفة الحياة الجديدة، 10/3/ 2010، عدد 5156، ص 13.
6- صحيفة الحياة الجديدة، الاربعاء 10/3/2010، عدد 5156 ص 16.
7- صحيفة الحياة الجديدة، الثلاثاء ، 23/3/2010، ص 10.
8- صحيفة القدس الخميس 29/4/2010.
9- صحيفة القدس السبت 8/5/2010.
10- وكالة فلسطين برس بتاريخ 23/3/2010.
11- وكالة معا بتاريخ 8/5/2010.
12- وكالة وفا بتاريخ 1/2/2010.
13- وكالة وفا، بتاريخ 8/3/2010.
14- وكالة وفا بتاريخ 22/3/2010.
15- وكالة وفا بتاريخ 8/5/2010.
محاضرات واجندات:
1- محاضرة جامعية للدكتورة ريما حمامي في معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت بتاريخ 5/11/2009.
2- اجندة اطباء الاسنان السنوية للعام 2010.
ورش عمل:
1- فعاليات ورشة عمل في وزارة الاعلام الفلسطينية حول اتفاقية سيداو بتاريخ 24 /11/2009.
مواقع الكترونية:
1- موقع وزارة شؤون المرأة في غزة ( www.mowa.gov.ps).
2- موقع منظمة الامم المتحدة باللغة العربية (www.un.org).
3- موقع منظمة الاسكوا www.escwa.un.org)).
4- موقع مجلة الوعي ((www.alwaei.com.
[1] United Nations. "Report of the Economic and Social Council for 1997". A/52/3.18 September 1997
[2] http://www.escwa.un.org/arabic/divisions/ecw.asp?division=ecw
[3] انظر المرقع الرسمي للامم المتحدة باللغة العربية (www.un.org).
[4] Razavi.sh & Miller. S, (1995). Gender mainstreaming: A study of efforts by the UNDP, the world Bank and the ILO to Institutionalize Gender Issues.
[5] كمال. زهيرة (2007) مبادئ توجيهية من أجل تعميم قضايا النوع الاجتماعي وتعزيز فعالية آليات النهوض بالمرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). الامم المتحدة. نيويورك.
[6] المصدر نفسه
[7] المصدر نفسه
[8] المصدر نفسه
[9] www.eldis.org/go/topics/resource-guides/gender/gender-mainstresming/in-organizations&id=17835&type=document.
[10] Cornwall. A & Brock. K. (2005)what do buzzwords do for development policy (2005)what do buzzwords do for development policy, third world quarterly, vol 26,No. 7,pp1043-1060>
[11] http://alwaei.com/topics/view/article_new.php?sdd=834&issue=474
[12] كمال. زهيرة (2007) مبادئ توجيهية من أجل تعميم قضايا النوع الاجتماعي وتعزيز فعالية آليات النهوض بالمرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). الامم المتحدة. نيويورك.
[13] انظر اعمال ورشة حول دور الجندر في الإعلام على الرابط الالكتروني http://www.nesasy.org/content/view/4338/96/1/2/
[14] برنامج حكومة تسيير الاعمال برئاسة سلام فياض في رام الله بتاريخ 13/7/2007.
[15] برنامج الحكومة الثالثة عشرة: ( فلسطين:إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة) رام الله- اب 2009.
[16] المصدر السابق.
[18] نفس المصدر
[19] فعاليات ورشة عمل في وزارة الاعلام برام الله بتاريخ 24/ ديسمبر 2009
[20] Massad, Joseph, "Conceiving the masculine: Gender and Palestinian nationalism", Middle East Journal. Vol.49 (3).Summer 1995.
[21] بعلي، حفناوي (2009)، مدخل في نظرية النقد النسوي وما بعد النسوية، منشورات الاختلاف، بيروت.
[22] بعلي، حفناوي (2009)، مدخل في نظرية النقد النسوي وما بعد النسوية، منشورات الاختلاف، بيروت.
ص 295.
[23] شومان، محمد (2007)، تحليل الخطاب الاعلامي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، ص 49-56 ص117)
[24] ليفي، برنار هنري، فوكو، ميشيل (2007) نظام الخطاب، ترجمة محمد سابيلا، بيروت، دار الفارابي، ص 59-72.
[25] فوكو، ميشيل (2007) نظام الخطاب، ترجمة محمد سابيلا، بيروت، دار الفارابي، ص 6.
[26] المصدر السابق: ص 15.
[27] المصدر نفسه: ص 5-85.
[28] محاضرة جامعية للدكتورة ريما حمامي في معهد دراسات المرأة بجامعة بير زيت بتاريخ 5/11/2009.
[29] فوكو، ميشيل (2007) نظام الخطاب، ترجمة محمد سابيلا، بيروت، دار الفارابي، ص 17.
[30] المصدر السابق: ص 20-23.
[31] المصدر نفسه: ص23-27.
[32] المصدر نفسه، ص 30-33.
[33] محاضرة جامعية للدكتورة ريما حمامي في معهد دراسات المرأة بجامعة بير زيت بتاريخ 5/11/2009.
[34] (ميشل فوكو- جاك دريدا: حوارات ونصوص)،(2006)، ترجمة محمد ميلاد، اللاذقية، دار الحوار للنشر والتوزيع.
[35] وكالة وفا بتاريخ (1/2/2010) والحياة الجديدة بتاريخ (2/2/2010) ص 17.
[36] الحياة الجديدة، الاربعاء / 10/3/2010، عدد 5156 ص 16
[37] فوكو، ميشيل (2007) نظام الخطاب، ترجمة محمد سابيلا، بيروت، دار الفارابي، ص 33.
[38] Massad, Joseph, "Conceiving the masculine: Gender and Palestinian nationalism", Middle East Journal. Vol.49 (3).summer 1995
[39] الحياة الجديدة، 10/3/ 2010، عدد 5156، ص 13.
[40] Islah Jad "From the salon ladies to popular committees: Palestinian women,1919-1989" In nassar and heacoch. Intifada: Palestine at the crossroads. New york.1999.pp 125-134.
[41] الحياة الجديدة، 9/3/ 2010، عدد 5156، ص 10.
[42] الايام، ، الثلاثاء، 9/3/2010، ص 11.
[43] وكالة وفا، تقرير منشور بتاريخ 8/3/2010.
[44] الحياة الجديدة، 9/3/ 2010، عدد 5156، ص 10.
[45] الايام، الثلاثاء 9/3/ 2010، ص 11.
[46] الايام، الخميس 11/3/2010، ص19.
[47] اجندة نقابة اطباء الاسنان للعام 2010.
[48] الايام، الخميس 11/3/2010، ص19.
[49] انظر جريدة القدس على الرابط http://www.alquds.com/node/254539
[50] وكالة وفا، 22/3/2010.
[51] فوكو ميشيل،(2007)، نظام الخطاب، ترجمة محمد سبيلا، دار الفارابي بيروت، ص30.
[52] الحياة الجديدة، الثلاثاء ، 23/3/2010، ص 10.
[53] انظر رابط الوكالة ( http://www.palpress.ps/arabic//writers.php?maa=ReadStory&ChannelID=71386)
[54] انظر رابط وكالة معا (http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=282686).
[55] انظر رابط وكالة وفا (http://arabic.wafa.ps/arabic/index.php?action=detail&id=73363).
[56] انظر رابط الموقع الالكتروني لجريدة القدس (http://www.alquds.com/node/256842).