عميرة هاس وجامعة بيرزيت

عميرة هاس هي صوت الحق في مؤسسة الباطل. إنها الصحفية المحترفة التي تعمل في صحيفة هآرتس منذ فترة طويلة وتعيش في رام الله وعاشت في مخيمات غزة عدة سنوات وتتكلم اللهجة الغزاوية وتكتب يومياً عن القمع والهمجية الصهيونية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وصاحبة عمود مشهور في صحيفة هآرتس خصصته للكتابة عن الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال، ولا يوجد لها مقال واحد تدافع فيه عن الاحتلال وممارساته في الأراضي الفلسطينية المحتلة. عميرة تشهر الآن بالخذلان والذل والعار، بل إن اليمين المتطرف في إسرائيل يلومها ويعيب عليها كل تاريخها التي قضته في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، فلم يشفع لها بالمكوث في حرم جامعة ومؤسسة وطنية فلسطينية. طالما كتبت عميرة عن ممارسات الاحتلال في جامعة بيرزيت وإغلاقها واقتحاماتها، كل هذا لم يكن إلا منقصة لها وعار عليها كما ينعتها الصهاينة الآن في إسرائيل. هل يعيب عميرة أنها تعمل في صحيفة هآرتس وتستغل كل وجودها ووظيفتها للدفاع عنا نحن الفلسطينيين ويقرأ لها كل أطياف المجتمع الإسرائيلي وتوصل الرسالة واضحة لا لبس فيها وصوتها مسموع كونها يهودية وتحسن التعبير واستخدام اللغة والمفردات. هل يوجد مقال واحد أو موقف واحد لعميرة تدافع فيه عن الصحيفة وتمجد صهيونيتها، أم أنها تستغل تلك الصحيفة للدفاع عن الحق والعدل، مثلها تماما مثل توفيق طوبي والدكتور أحمد الطيبي ومحمد بركة والقائمة تطول. كلهم لهم منا كل الحب والتقدير مناضلين وشرفاء في خط النار الأول. هم أعضاء كنيست إسرائيلي وهو مؤسسة صهيونية، ولكن كل هذا لا ينتقص من وطنيتهم وانتمائهم الفلسطيني.ما حدث لعميرة في جامعة بيرزيت حدث للمناضل محمد ميعاري رئيس الحركة التقدمية للسلام والمساواة وعضو كنيست عندما حضر إلى جامعة النجاح في العام ١٩٨٦ للتضامن مع الشعب الفلسطيني ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية والقى كلمة وطنية قال فيها لقد تعملنا أن المستحيل ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي، وانا أضيف المستحيل الرابع بأنه يستحيل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها وقائدها ياسر عرفات. كما أن هناك الكثيرين من المناضلين اليهود، وليس هنا المجال لذكرهم، يعانون من المؤسسة الصهيونية جراء مواقفهم البطولية تجاه الشعب الفلسطيني وعذاباته.إن طرد الصحفية المناضلة عميرة هاس من جامعة بيرزيت بحجة مقاومة التطبيع تتطلب التفحص. يجب التمييز بين من هو معنا ويدعمنا ويعاني من أجل ذلك وبين من يناصبنا العداء ويدافع عن المؤسسات الصهيونية. لا أحد مع اللقاء مع من يدعم المؤسسات الإسرائيلية ولكن يجب أن يتم اقتحام المجتمع الصهيوني بتشجيع الأصوات الحرة من أمثال عميرة هاس وإيلان بابيه وكل المناصرين للحق الفلسطيني، حتى نظهر لإسرائيل أننا شعب نميز بين من هو معنا ومن هو ضدنا ونحترم ونكافئ ونحتضن من يساندنا من كل الجنسيات والشعوب من أمثال عميرة وغيرها.أنا انصح من ساند ودافع عن طرد الصحفية أن يقرا كتابها Drinking the Sea at Gaza: Days and Nights in a Land under Siege الذي تصور فيه معاناة الأهل في غزة وتنشره للعالم كي يقرأ ويعي ما يعانونه من ويلات الحصار والتجويع والحرمان من أبسط حقوق الآدمية والبشرية والحياة.عميرة هي وأمثالها هم صوت الحق والضمير في ميدان الباطل والظلم فلا ينبغي أن نخسر هذا الصوت بالجهالة، فالحق أن التطرف جهالة.أتمنى أن نكون أكثر وعياً وإدراكاً لكل ما نقوم به ونستشعر عواقبه على من يساندنا ويدعمنا، لا أن نكون أسرى لمصطلحات يفسرها البعض كيفما يشاء وكيفما يريد.

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.