العلم الفلسطيني

اقتحمت سلطات الاحتلال فجر أمس حرم جامعة بيرزيت، ومن بين ما قامت به خلال تفتيش مرافق الجامعة إنزال العلَم الفلسطيني من ساريته في مدخل الجامعة.
لقد استباحت قوات الاحتلال حرمة الجامعة في عملية الاقتحام، وهو أمر مدان حسب المواثيق الدولية التي تشدد على الحفاظ على حرمة المؤسسات التعليمية.

ولكن إنزال العلَم ليس مُداناً فقط بل هو إجراء دنيء. فالاحتلال لا يدرك ما معنى العلَم للفلسطينيين، ليس للطلبة والأساتذة في الجامعة فحسب، ولكن لملايين الفلسطينيين في كل بقعة من أرض فلسطين المقدسة. وهم لا يعرفون ماذا يمثل العلَم بالنسبة للفلسطينيين في المهجر. العلَم رمز الكينونة للفلسطينيين أينما كانوا، وكل فلسطيني هو علَم وسارية يسير في الشارع مزهواً ويقول للناس: أنا فلسطيني، بكل فخر واعتزاز.


قبل أكثر من خمسين عاماً، وكنت حينها رئيساً لكلية بيرزيت في حرمها الصغير في وسط بلدة بيرزيت  - ولم يكن عدد الطلبة حينذاك يزيد على مائتين، حصل اقتحام لباحة الجامعة، وعندما هم جنود الاحتلال بالمغادرة، وجدوا أن طالباً رسم العلم الفلسطيني بما لا يزيد على حجم طابع بريد على بوابة الكلية من الداخل. وقرر الضابط الإسرائيلي حينها أنه لن يسمح للطلبة بالخروج من حرم الكلية إلا بعد أن يعرف من رسم العلم. وحاولت جهدي إقناع الضابط بأنه لن يحصل على مثل هذه المعلومة لأن كل طالب "سيعترف" أنه هو الذي رسمها. وبالتالي لا يمكنه تحديد هوية طالب محدد. وبعد ساعات من الجدل "اقتنع" الضابط وغادر وقواته المكان وتمكن الطلبة من العودة إلى بيوتهم.
الفلسطيني متعلق بعلَمه إلى أبعد الحدود. ترى الجيل الثاني والثالث والرابع من الفلسطينيين في الغربة وهم يلبسون قمصاناً عليها العلم الفلسطيني. الطلبة الجامعيون في الخارج يضعون في أماكن سكنهم العلَم الفلسطيني. العلَم الفلسطيني ليس مجرد قطعة قماش ملونة. العلَم الفلسطيني هو فلسطين ذاتها، هو رمز الحرية، هو رمز جلاء الاحتلال، هو رمز النضال، هو رمز كل شيء نصبو إليه في المستقبل.
 وجامعة بيرزيت رفعت اليوم مرة أخرى العلَم الفلسطيني على سارية أعلى من السابق. وهكذا ستبقى جامعة بيرزيت – مكاناً آمناً للطلبة، والأساتذة والعاملين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية أو الحزبية. يتلاقون ويختلفون في آرائهم وأحياناً يتعاركون حولها، ولكنهم جميعاً متفقون بأن أحداً لن يمس علمهم الفلسطيني.

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.