الحياة الأكاديمية في فلسطين

هذه فقرات من مقابلة مطولة مع الدكتور أحمد حمد في موقع حفريات، هنا تم اقتباس جزء من المقابلة يخص الحياة الأكاديمية في فلسطين وتحديداً عن تجربة د. حمد في جامعة بيرزيت

اختبرت الحياة الأكاديمية في بلاد عدة، وصولاً إلى جامعة بيرزيت. هلاّ قيّمت لنا واقع الحياة الأكاديمية في فلسطين حالياً؟

في الواقع أنّه يَصعب الحديث عن الحياة الأكاديمية في فلسطين، باعتبارها شيئاً واحداً، فهناك فرق بين جامعة وأخرى، وحتى بين منطقة جغرافية وأخرى.

عودتي لبيرزيت كانت حلماً يتعلق بالعودة لفلسطين، ويتعلق بالصورة العامة التي تراكمت لدي منذ كنتُ طفلاً يعيش خارج فلسطين، عن الجامعة ومناخها.

في تقييم الحياة الأكاديمية في فلسطين، هناك أمور مشتركة لا تختلف عن تطورات الحياة الأكاديمية عالمياً وعربياً، وهناك أمور خاصة بفلسطين، وهناك ما هو خاص أيضاً بجامعة دون أخرى.

لعبت الجامعات عموماً دوراً وطنياً تنويرياً في فلسطين، ولا زالت، وعندما أُقيّم تجربة بيرزيت مثلاً، مقارنة بما عرفته من تجارب جامعات عربية أخرى، أجد أنّ هناك سقفاً عالياً جداً من الحرية والتعددية، نعيشها في بيرزيت؛ فالعلاقات بين الإدارة من جهة ومجتمع الأكاديميين والإداريين من جهة، وبين الجامعة والطلاب، وبين الطلاب أنفسهم، فيها تقاليد ديمقراطية نادرة الوجود عربياً.

وهنا اسمحي لي أن أروي قصة صغيرة؛ في إحدى المرات التي أقفلت فيها الجامعة بسبب إضراب الطلاب احتجاجاً على رسوم الجامعة (والإضرابات للأسف شيء متكرر في بيرزيت)، وكنتُ ضمن ممثلي إدارة الجامعة للحديث مع الإعلام، وحوار الطلاب في الإعلام، قال أحد أفراد "خلية" الأزمة في اجتماع مصغر أنّ هناك مشكلات بين الطلاب، وقد تفتح الجامعة قريباً، لأنّ فريقاً من الطلاب يريد ذلك. رد رئيس الجامعة (وهو رئيس سابق الآن)، أن هناك خطين أحمرين، يجب عدم الاقتراب منهما؛ الأول السماح للأجهزة الأمنية بالتدخل في شأن جامعي، والثاني اللعب على أوتار خلافات الطلاب، وقال رئيس الجامعة: أعتقد أن الإضراب خطأ لكن هذه الممارسة جزء من تدريبنا وتعليمنا للطلاب، "هكذا يتعلمون ويستعدون للحياة".

تمتاز بيرزيت بأنّ أطراف مجتمعها يختلفون وينقسمون أيديولوجياً وسياسياً وإدارياً، ولكن مع وجود آلية لتنظيم هذا، ومع اتفاق أنّ القاسم المشترك هو الحفاظ على استقلالية الجامعة عن أي تدخل خارجي، يُساعِد في هذا حقيقة أنّ الجامعة لا تتلقى فعلياً تمويلاً حكومياً، وأنّها ليست ربحية. ومن هنا فاستقلالية الجامعات أمر مهم، ولكنه متفاوت بين جامعة وأخرى.

هناك حياة انتخابية ممتازة في بيرزيت، وبعض الجامعات الأخرى، سواء على صعيد الانتخابات الطلابية، أو النقابية، ولكن هذا مثلاً للأسف توقف في قطاع غزة، منذ سيطرت "حماس" على السلطة هناك، العام 2007. وهو ليس على نفس المستوى في كل الجامعات.

من هنا فالجو الجامعي مهم جداً ومتميز، وما لمسته منذ اللحظات الأولى في بير زيت، أنّ كثيراً من الأساتذة والعاملين، يتعاملون مع عملية مستوى الأداء الأكاديمي، باعتباره أمانة شخصية وعلمية ووطنية.

على المستوى الأكاديمي، تحاول الجامعات التميز قدر الإمكان، لكن هناك مشكلات أهمها الاحتلال؛ فمثلاً هذا العام منع الاحتلال تجديد إقامات عدد من الأساتذة أو إقامات عائلاتهم، وبالتالي حَرموا الجامعات، وخصوصاً بيرزيت، من عدد من الكوادر المهمة، منهم أجانب ومنهم فلسطينيون، هذا فضلاً عن منع الكثيرين من الدخول إلى فلسطين والتدريس والدراسة فيها. أضف لذلك الأزمة المالية المزمنة في فلسطين والجامعات، تؤدي لنزيف عقول بخروج أساتذة للعمل في التدريس بالخارج.

لكن عموماً بالقياس للظروف المختلفة: الجامعات الفلسطينية، ولا سيما بيرزيت، تحقق نتائج متميزة أكاديمياً، وتحقق نتائج أهم في إعداد الشخصية والتدريب للمستقبل.  

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.