على الفيسبوك: أنت لست أنت 

 نعم هذه حقيقة، وقد يستغربك حتى أقرب المقربين اليك حين يقارنون بين ما تكتب وما انت عليه فعليا. ولو تمعنت في سلوكك لوجدت أنك مستعد لعمل أشياء لعينة من اجل الحصول على حفنة لايكات.   

وانت كما الآخرين تحب ان تكون محبوبا ومقدرا من الغالبية، هذا سيدفعك دون ان تدري الى ان تكون جزء من الحشد، ولو كحمار وحشي مخطط بين حمير اعتيادية او العكس.  

انت كما الاخرين تبحث عن عدد الإعجابات، قد تبحث عن اسم وازن او اسمين، ولكن العدد الاكبر سيجعلك راضيا، حتى لو كان من اناس مجاملين او غير واعين لما كتبته وقصدته. 

أنت على الفيسبوك، مجامل أكثر منك على ارض الواقع، تستطيع ان تعطي محاضرات في الفرق الكبير بين المجاملة والنفاق، ستدعّي ان لا مصلحة لك في مدح فلان، والحقيقة ان هناك مصلحة زرقاء افتراضية.  

انت صاحب رصيد من المواقف والمعجبين ولا تريد المغامرة بفقدان هذا الجزء من المعجبين ستغض الطرف عن أي موقف يجعلك تغامر بفقدانهم. 

* انت على الفيسبوك رئيس تحرير ولكن غير مُحلف  

نعم فامتلاكك لمنصة النشر هذه، يجعل منك رئيس تحرير يفتح البوابة بمقدار، وقد يغلقها، وقد يفتح بابا او شباكا آخر ليحرف الانظار . 

انت كما الآخرين ستستسهل السطو على ممتلكات الآخرين ان لم يكن نصا او صورة فربما فكرة تعيد انتاجها بطريقتك الخاصة، وقد تشعر مع المدة انك صاحبها. 

انت مثالي، وحين لا تكون مثاليا، تجد مبررا قويا لعدم مثاليتك، وانت قوي وجريء، وتشعر ان لوحة الحروف امامك منصة لإطلاق الصواريخ، ولكنك قد لا تجرؤ على قول بوستاتك مشافهة للآخرين.    

انت شمولي لديك معرفة وموقف من كل شيء، ستشعر بالحاجة الى اثارة قصة ان لم تجد قصة مثارة. 

انت تمارس التحريض على مواقف الآخرين، ومن حيث تدري او لا تدري، ستصبح جزءا فاعلا في حملات التحفيل التي ستطال آخرين، ستجد من المبررات ما يعطيك شعورا مخادعا بالرضى عن النفس، قد تفعل ذلك إيحاء وليس جهرا، وقد تفعله عبر الانبوكس.  

انت لا تمتلك قوى كافية المحاربة اغراء القاء نكتة حتى لو كان فيها تنمر على آخرين، او ايحاءات عنصرية او تمييزية او مناطقية، ستجتهد في جعل نكتك مخفية ولا تحمل أي دليل ادانة. 

لن تشعر بتأنيب ضمير ان استفدت بشكل شخصي مجانب للنزاهة من بعض الرواد الآخرين على الفيسبوك فهم اصدقاء.  

* على الفيسبوك، انت فضولي لدرجة لا تحتمل 

 تريد معرفة كل شيء عن الآخرين، انت كما الآخرين تهوى الفضائح، سواء نشرتها ام لم تنشرها، ترغب في معرفة تفاصيلها، والاحاطة بكل ما له صلة بها وحولها.  

انت تبدي اهتماما كبيرا بالجنس الآخر، واهتماما أكبر بعدد ممن تكرههم وتبحث عن اخطائهم بشكل دائم.  

على الفيسبوك تشعر بالخفة، وكأن عمرك أصغر بعشر سنوات، وتصبح كوميديا كاسماعيل ياسين، رغم أنك في الواقع اشبه ما تكون بتوفيق الذقن. او تصبحين ماري منيب رغم انك في الواقع انعام سالوسة.  

* انت مؤثر مفترض  

انت تعتقد ان الفيسبوك عالم ليس افتراضيا طالما انت جالس اليه، ولكن اذا ابتعدت قليلا عنه ستجد انك ستنسى شخصيا، وان آرائك العظيمة لم تناقش في الصباح مع ذات الاشخاص الذين احتفلوا بها عبر الشاشة امس، وستجد انك لست انت.  

وستُكثر من استخدام عبارة: "لقد كتبت ذلك في منشور" او لقد استخدمت هاشتاغ حول هذا الموضوع" !!!.  

ومع ذلك وبعد كل ذلك، الفيسبوك جميل ويمكنه ان يكون أجمل، ومفيد وتستطيع ان تجعله اكثر إفادة لك وللآخرين، ولكنه لن يكون ذا أثر على الأرض الا حين تتركه لتهبط الى الارض.  

الفيسبوك نصفين؛ نصفٌ يفهم حرية الرأي غلط، ونصفٌ يفهم الغلط حرية رأي!!!. 

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.