كلية بيرزيت .. القَسم

قبل ما يزيد على الستين عاماً، قدم السيد موسى ناصر -رئيس كلية بيرزيت من 1947 حتى وفاته عام 1971- نصائح للطلبة الخريجين من كلية بيرزيت -في حينه- خلال حفل توزيع الشهادات، تعكس إيمانه بأهمية العلم ودوره في رفعة المجتمع وتطوره، وحقيقة أن العلم طاقة بيد أصحابه يوجهونها للخير أو الشر. وفيما يلي نص الخطاب كاملاً:

جرت العادة في مثل هذه المناسبة أن يوجه رؤساء المعاهد العلمية كلمة نصح أخيرة للمتخرجين. ومن المفروض بالطبع أن تكون هذه النصائح قد كررت مرارا عديدة على مسامع الطلبة أثناء دراستهم.

وقد رأيت في هذه السنة أن اقتبس شيئا من التقليد المتبع عندما يتخرج الأطباء والصيادلة في جامعاتهم. ولعلكم تعلمون جميعا أن هؤلاء يقسمون قبل تسلمهم شهادتهم بأن يمارسوا مهنهم بكل أمانة واستقامة.

ربما كانت مهنة الطب في سالف الزمن المهنة الوحيدة التي اعتبرت ذات مسؤولية تتطلب قسماً خاصاً من اللذين يمارسونها. ولكن من منا يجهل الآن أن العلم -مهما كان نوعه- يحمّل صاحبة مسؤوليات كبرى نحو المجتمع، تفوق في كثير من الأحيان مسؤوليات الأطباء.  فالطبيب إذا أخطأ أو أهمل واجبه يعرض حياة بعض الأفراد للخطر. ولكن المعلم مثلاً، إذا أهمل واجبه أو أخطأ في رسالته عرّض أمة بأسرها للشقاء أو ربما للفناء. ولا تسل عن الموظفين والحكام والنواب والوزراء وروساء الحكومات الذين يجب أن يصلوا إلى مناصبهم عن طريق العلم فهؤلاء جميعاً يتحملون نصيباً وافرا من المسؤولية في اسعاد الأمة واشقائها.

والحقيقة التي لا نستطيع انكارها هي أن العلم أصبح طاقة عظيمة بيد أصحابه يمكن توجيهها نحو الخير أو الشر.

أمامنا الآن نحو من خمسين شاباً وشابة أتموا المرحلة الأولى من دراساتهم العلمية. ونحن نحتفل بتخرجهم الآن احتراماً لما حصلوا عليه من العلم وادراكا للمسؤولية التي نأمل أنهم قد أصبحوا قادرين على تحملها نحو المجتمع. أفلا يحق  لنا والحالة كذلك أن نطلب اليهم أ ن يتعهدوا بأنهم سوف يسيرون في حياتهم بموجب المبادئ السامية التي تلقوها في مدارسهم وأن يستخدموا طاقة العلم التي حصلوا عليها لخير أمتهم وأني أطلب إلى جميع المتخرجين أن يصغوا باهتمام إلى التعهد الذي سأتلوه عليهم الآن وأن يعلنوا أمام حضراتكم موافقتهم على التقييد به.

كلية بيرزيت تحولت من مدرسة إلى كلية سنة 1942 وأصبحت جامعة عام 1972

أننا ندرك المسؤولية التي ألقاها على عاتقنا العلم نحو المجتمع. ونتعهد أن نبذل قصارى جهدنا لنكون مواطنين صالحين ولنجعل مصالحنا الشخصية أبدا خاضغة للمصلحة العامة. وكذلك نعد مخلصين أن نجعل الصدق رائدنا وأن نتحرى الحقيقة دائماً ونعالج جميع أمورنا بروح العلم المعرفة. ونتعهد أيضاً، أن نحافظ على النظام أينما كنا وأن نساعد الآخرين ونتعاون معهم في كل ما فيه للأمة.

وأخيراً نتعهد أن نتمم أعمالنا ونقوم بواجباتنا على أكمل وجه وبمنتهى الأمانة وأن نكون مستعدين لبذل أموالنا وأرواحنا في سبيل وطننا المقدس اذا ما دعت الحاجة يوماً إلى ذلك.

 

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.