حلم وقضية

١- حلم حلمت واستيقظت من حلمي غير مصدق! لقد حلمت أن ناديا من نوادي طلبة الجامعة قد دعى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو لإلقاء محاضرة حول تصوره لكيفية حل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الدائر مع إسرائيل منذ 66 عاما وأن نتانياهو قد قبل الدعوة!وساءلت نفسي هل يمكنني الحديث عن هذا الحلم وأصرح بأنني حلمت دون أن أحتاج إلى اسم مستعار أو لتأليف القصة على طريقة كليلة ودمنة لمؤلفه بيديا والإضافات عليه من عبد الله بن المقفع. وفي الحقيقة لا أجد جوابا على هذا السؤال. ولربما سيتهمني البعض بمحاولة إسقاط أحلامي على مجلس الطلبة، ولربما سيستخف البعض بهذا الحلم فينتهي من النقاش فيه بأنه أضغاث أحلام تصاحب العلاج الكيماوي الذي أخضع له حاليا.أيا كان الحال فهو مجرد حلم ولا أظن أن نتانياهو على قدر هذا التحدي كما أعتقد جازما أن أحدا من الطلبة لن يرسل له هذه الدعوة لأن نتانياهو لا يحمل رسالة سلام لنا إذ طالما حمل رسائل الدمار والقتل بحق شعبنا على طائراته ودباباته وصواريخه. كما لا أظن أن أحدا سيعتقلني بسبب هذا الحلم فحالات الاعتقال التي سمعت عنها لهذا السبب كانت قليلة مثل الحالة التي اعتقلت فيها سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي أحد طلبتي لأنه حلم أنه اجتمع مع مجموعة من الأشخاص ذوي الانتماءات السياسية، أو مثل الحالة التي اعتقلت فيها هذه السلطات الزميل تيسير العاروري ووضعته رهن الاعتقال الإداري سنوات طويلة لأن المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أنه فكّر في كذا وكذا!1فالاحتلال البغيض يحاسب الفلسطينيين على أحلامهم وأفكارهم. ولست خائفا من أن أحدا من طلبة الجامعة أو غيرهم سيحاسبني على التحدث علنا عن مجرد حلم. ولكن ماذا يجب علينا أن نفعل لو طلب أستاذ إسرائيلي إلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت عن الفصل العنصري؟ هل نرفض حضوره لمجرد كونه يهوديا إسرائيليا؟٢- الجامعةالجامعة هي مكان تزدهر فيه الأفكار وهي لربما المكان الوحيد الذي يحدث فيه جدل الآراء والأفكار. والأفكار كما العلم لا تتطور إلا بالجدل. وينبغي أن تكون حرية التفكير والتعبير في الجامعة مضمونة ومصانة للجميع فيها لأنه بدون ذلك ستكون الجامعة ورسالتها فارغة وبائسة. وبئس المحاضر الذي لا يسمح بالاختلاف معه، وبئست المحاضرة التي تسعى لتحريم الجدل واقتصاره على الأفكار الواردة فيها! ولا ينبغي أن نسمح بحدوث ذلك لأنه اعتداء صارخ على حرية الفكر والتعبير. فاحترام الرأي والرأي الآخر ينبغي أن لا يتم التفريط بهما لأن الأفكار والآراء لا تتطابق مع أفكار البعض وآرائه، بل على العكس فإن تنوع الأفكار والآراء هو صفة الجامعة لأنها جامعة لا تقوم على الإجماع الحزبي أو الطائفي أو المذهبي.I beg to differ ألح عليك أن تسمح لي بالاختلاف معك! هذا الاختلاف هام لأنه يتطلب منا بحث الفرضيات والبديهيات التي نؤمن بها والتفكير فيما يقوله الخصم. وكثيرون يعتقدون بأن إغلاق باب الاجتهاد كان واحدا من أهم العوامل التي أدت إلى تخلف الشرق وتقدم الغرب. أما آن لنا بعد ذلك أن نعيد الاعتبار لحرية التفكير والتعبير؟ ٣- أميرة هاس وغيرهاحادثة الطلب من أميرة هاس مغادرة الجامعة ليست الحادثة الأولى التي جرى فيها الجدل حول وجود شخص في الجامعة، وللأسف فإن الحالات الأخرى المشابهة لا تقل أهمية عن هذه الحادثة. ومع أنني أتفق على ضرورة التمييز بين من هو معنا ومن هو ضدنا كشعب فلسطيني كمعيار لاتخاذ قرار بخصوص دخول شخص ما للجامعة إلا أنني أحذر من أن هذا المعيار قد يصادر أو يمنع إمكانية دخول من لا نتفق معه في الراي، بينما تقتضي الشجاعة الأدبية أن نستمع للرأي وللرأي الآخر وأن ندخل في جدل مع الأفكار التي لا نتفق معها بدلا من محاربة أصحابها أو تحريم دخولهم لهذا المكان الحر. ولا أعتقد بأي حال من الأحوال أن تنتقص هذه الحرية من وطنية الجامعة أو من مواقفها الوطنية ومبادراتها ورعايتها لحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، بل إن القدرة على تقبل الآخر والاستماع إلى آرائه والجدل معه سيؤكد وطنيتها الحقة بامتياز. فالجامعة يجب أن تقف على مسافة محدودة من مجتمعها لتستطيع أن تطلق الأفكار الجديدة ولتقدم نموذجا لطريقة الجدل السلمي الذي يستند إلى العقل وقوته بدلا من العضلات والهراوات.لقد فرض الاحتلال الإسرائيلي البغيض علينا أن نعيش في سجن كبير وأحاطه بالأسوار الشاهقة والتي نسميها عن حق جدار الفصل العنصري، ولكننا نتناسى ذلك عند أول منعطف صغير؛ وضيق علينا العيش فأصبح بعضنا ضيق الأفق ويضيق ذرعا بكل ما هو آخر وكأن الآخر دائما جندي مدجج بالسلاح، وعنصري وصهيوني يبغي طردنا من أرضنا. وأخشى أن تكون هذه حالة عامة. ألا يعني رفض الآخر أننا نوافق وبأيدينا على تطبيق سياسة الفصل العنصري التي يريدها الاحتلال الإسرائيلي من بناء الجدار؟ ولقد علمتني سنوات السجن القليلة (1974-1978) أن أحلق بفكري بعيدا عن أسوار السجن، وأن أتحدى السجان بابتسامتي وغنائي، وأن أخرق قوانينه حتى لو أدى ذلك إلى وضعي في الحبس الانفرادي حيث التقيت بآخرين في زنازين الحبس الانفرادي لأرفع معنوياتهم بغنائي وحديثي معهم. وفوق ذلك فقد هزمت سجاني بإنسانيتي. وهذه هي الدروس التي تعلمتها من غاندي، وهي دروس أعتقد في جدواها من الهند إلى جنوب أفريقيا، وليست فلسطين بعاقر وبمقدروها أن تعيد للتاريخ جوهره، ولفلسطين وشعبها الكرامة التي يستحقها.٤- وللحلم والقضية بقيةآه! نسيت أن أخبركم أن للحلم بقية: فلقد نصب بعض الطلبة كمينا لنتانياهو وهو في طريقه للجامعة واعتقلوه وسلموه لمحكمة الجنايات الدولية بصفته مجرم حرب. أما بقية القضية فهي أعظم من أن تختصر بكلمات...nbsp;1 nbsp;تداعت آنذاك أوساط عديدة وبشكل خاص الفيزيائيون في العالم ومن بينهم فيزيائيون يهود إسرائيليون وغير إسرائيليين ومن حملة جائزة نوبل لإطلاق سراح تيسير العاروري باعتباره سجين رأي.

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.