أحلى شجرة زيتون في العالم هي شجرة جامعة بيرزيت

أحب الزيتون، احبه شجرا وثمرا وعصيرا، وأحبه شعارا لبير زيت، بيرزيت المدينة التي لا يزعجها وصفها بالبلدة، لأنها تعرف حقيقتها وتحب نفسها كما هي، وبيرزيت الجامعة التي اختارت الزيتونة هوية بصرية لها، ولم تغضب حين اخذت منها البلدة ذات الشعار.

سأميل عن بيرزيت لاستذكر ما كتبته عن الزيتون ذات يوم في مستهل فيلم ترويجي، انه نور ونار وغذاء ودواء، وانه دليل على ديمومة الحياة، فقد حملت الحمامة غصنا منه وعادت الى سفينة سيدنا نوح، لتبث الطمأنينة التي بعثرها الطوفان، ومن ذلك استمدت الامم المتحدة شعارها. من جذوع واغصان واوراق ونوى الزيتون تصنع أجمل الحلي وأنفسها، فتصير عصيّا وصناديق مزخرفة واكاليل ومسابح واطواقا وتيجانا.

وسأرجع الى بير زيت لأقول ان من صمم شعار الزيتونة كان أحد مدرسيها الافاضل، انه الاستاذ الروسي علييف الظاهر في الصورة المأخوذة عام 1943 محاطا بتلميذاته. سنفورات ذلك العصر، يعجبني ان يستقبل طلبة بيرزيت الجدد بكل الرضى والانبساط وصفهم بالسنافر. فهم يعلمون ان مطلقي اللقب كانوا سنافر ايضا. لا فرق بين سنفور وسنفور الا بالأقدمية.

عدد المدرسين والطلبة الاجانب في تناقص بسبب تشديد الاحتلال لقبضته ضد الجامعة التي اسست وقادت حملة الحق في التعليم، هذا التناقص يتناقض مع رغبة الجامعة في ان تكون منوعة ومتعددة في كل شيء، ويظلمها في ترتيب التصنيفات العالمية والتي تعطي وزنا لهذا التنوع ضمن معاييرها.

يطمأن اهل البيت بوجود شجرتهم فمنها سيأكلون وفي ظلها سيستريحون ومنها سيصنعون الصابون، ومن جفتها سيتدفأون، ويطمأن اهل الجامعة الى المستقبل بوجود سياستهم التربوية الحكيمة والتي جسدتها ذات يوم كلمة الجامعة في استقبال طلبتها الجدد : " هنا، في جامعة بيرزيت، ستجدون كل شيء، عليكم فقط أن تتبعوا شغفكم. نحن نوفر الطرق، وعليكم فقط أن تسيروا فيها. ستتعلمون هنا كيف تكونون أفرادًا صالحين في مجتمعاتكم، عبر الانخراط في العمل التطوعي والأنشطة اللامنهجية، وستدركون أن لصوتكم معنى، لأنكم ستنتخبون ممثليكم في نوادي دوائركم وفي مجلس الطلبة للجامعة. أنتم فاعلون بالضرورة، فلا تفوتوا الفرصة. انخرطوا في الحياة الجامعية الغنية التي توفرها الجامعة، اقبلوا الاختلاف وتجنبوا الخلاف والتعصب، عيشوا أجواء التنوع والحرية الفريدة في جامعة بيرزيت فالتنوع هو الذي يضفي على الطبيعة جمالها ورونقها."

هذا كلام لا تقوله الجامعة دون ان تعنيه ودون ان تمارسه وتختبره، يشهد على ذلك رصيدها من الخريجين القياديين ويشهد عليه دورها المجتمعي ودورة حياتها الداخلية الديمقراطية وطريقتها المميزة في حل ازماتها وادارة خلافاتها. هذا كلام تعنيه الجامعة وكل ما عليكم ايها السنافر ان تختبروا مدى صدقها.

شخصيا لا احتاج الى نتائج أي تصنيف عالمي لأعرف ان جامعة بيرزيت هي الاولى فلسطينيا، فأنا اعتبرها كذلك منذ كنت أتلقى أخبارها والتقي خريجيها في المنفى، قبل ان اعرفها.

واما منذ عرفتها عن قرب وعملت فيها فقد اصبحت اعتبرها الاولى فلسطينيا كمؤسسة وليس فقط كجامعة.

قد يتقارب المستوى الأكاديمي للجامعات الفلسطينية وقد تغلب اَي منها بيرزيت في تخصص او تخصصين ولكن لم اشهد حتى الان مؤسسة تنافس بيرزيت في دورها المجتمعي، وفِي قدرتها على انتاج كادر وطني منفتح الأفق

 سيقول البعض ان الوضع في تراجع، هذا صحيح، الوضع في تراجع على كافة الصعد، والامل ان لا تتراجع بيرزيت ايضا، وهذا بحد ذاته تحدي كبير.

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.