الزميلات والزملاء الأعزاء أساتذة وموظفي وعمال جامعة بيرزيت

أعزائي الطلبة،

يسعدني أن أخاطبكم اليوم لمناسبة بدء عملي كرئيس للجامعة، وكلي تفاؤل وثقة أنه من خلال الحوار البناء، والمشاركة في صنع القرار، والحفاظ على مصداقية المؤسسة، واحترام التعددية والتنوع، وحماية كرامة وحقوق كافة أفراد أسرة الجامعة، فإن بإمكاننا أن نجعل من جامعتنا نموذجاً لما نحب أن تكون عليه فلسطين التي نحلم بها.

إن مهمتنا الأساسية في هذه الجامعة، كما أراها، هي الاستثمار البناء بالأجيال المتعاقبة من شباب فلسطين. وقد أثبتت تجارب التحرر في مختلف أرجاء العالم، أن بناء جيل أكثر وعياً بواقعه وبحقوقه الوطنية والإنسانية، وأكثر ايماناً بالعدالة الاجتماعية، وأكثر قدرة على التفكير الخلاق، وأكثر استعداداً لتقبل التنوع؛ هو الطريق الأقصر لحرية الشعوب وازدهارها.

غني عن القول أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت مصدر إلهام لكثير من المفكرين والمبدعين والباحثين، وفي هذا الوقت بالذات، الذي يشهد فيه العالم تعاظماً في حركة التضامن مع كفاح شعبنا، فإن لدى جامعتنا فرصة عظيمة للمساهمة في أن نصبح مصدرا منتجا للمعرفة بدل ان نبقى مستهلكين لها فقط، وذلك بما يتسق مع دورنا الريادي المتعلق بالإنتاج الفكري والممارسة التحررية، وهذا يتطلب منا التشبيك والتعاون داخليّاً وخارجيّاً، والاستلهام من تجارب شعوب أخرى في العالم.

إن عودتي للوطن، ولجامعة بيرزيت تحديداً، التي عملتُ فيها وحافظت على تواصلي معها، نابع من رغبتي بالمساهمة معكم في مواجهة تحديات هذه المرحلة، التي تشهد تحولات أساسية في نموذج وطبيعة الصراع الجاري مع العدو الصهيوني، هذا التغير الذي يجب أن يعكس نفسه على طبيعة ونوعية مساهمة الجامعة في المهمات التربوية والمجتمعية والوطنية؛ إذ لم تعد المهمة المباشرة والوحيدة هي بناء أجهزة الدولة، بل أصبحت هناك حاجة أيضاً إلى تعزيز القدرة على مواجهة ممارسات الاستعمار الاستيطاني، الأمر الذي يملي على الجامعة مواءمة مساهماتها ومهماتها مع مثل هذا التغير.

الزملاء والطلبة الأعزاء،

لقد نجحت جامعة بيرزيت بالبقاء والتجذّر، وانتصرت على التحديات الوجودية الكثيرة، بالاستناد إلى مكامن قوتها التي يجب البناء عليها وتعزيزها، وهي تمسكها برسائلها الأساسية من تميز أكاديمي وخدمة مجتمعية والتزام وطني. 

لقد كنت في الأسابيع الأخيرة حاضراً في عدد وافر من الاجتماعات مع أساتذة وموظفين وهيئات إدارية وأخرى منتخبة، استمعت خلالها إلى نقاشات ومراجعات وتقييمات عززت لدي القناعة بإخلاص وانتماء أفراد أسرة الجامعة، وسوف أستمر في العمل على مأسسة الحوار ضمن ما تكفله قوانين وأنظمة الجامعة، والذي أعتقد أنه الطريق الأفضل لتحقيق الاستقرار الضروري لتقدم الجامعة وازدهارها.

وإنني أتطلع بتفاؤل وحماس إلى الأيام والسنوات المقبلة التي سنعمل خلالها سويا على المحافظة على جامعة بيرزيت ومتابعة الارتقاء بها، وكلي أمل أن نعود للحرم الجامعي والتعليم الوجاهي في بداية العام الأكاديمي المقبل، بكل ما ينطوي عليه ذلك من حياة جامعية زاخرة بالتفاعل البنّاء وبالعطاء العلمي والمجتمعي والوطني.

رئيس جامعة بيرزيت

د. بشارة دوماني

2-8-2021