الطالب حمزة عطاطرة يقاوم مرض السرطان، ويبدأ خطواته الأولى في جامعة بيرزيت

الطالب المتفوق أصيل المدني يختار إكمال رحلته الأكاديمية في جامعة بيرزيت

لم يمنع فقدان نعمة البصر محمد العملة من المضي قدما في تحقيق أحلامه، فالتحق بتخصص اللغة العربية المفضل لديه وأبدع به وقدم أداء مبهرا بشتى المواد، وأكد أن طموحه لن يقف عند هذا الحد، بل سيكمل دراسته العليا فور تخرجه.

خطأ طبي حرم العملة من نظره، فنقص الأكسجين عند عملية الولادة أتلف لديه شبكية العين، ولكنه لم يتلف أحلامه، بل على العكس، زاده إصرارا ورغبة على تحقيق أهدافه وأحلامه، وأكد أن الجامعة تساعده دائما بتوفير كتب بريل التي يحتاج إليها، وأظهر سعادته وارتياحه بأجواء الجامعة ومعاملة الطلبة والموظفين.

وتمنى العملة أن توفر له الجامعة طريقة ما لتسهيل تنقله بين الكليات بدلا من اعتماده على الطلبة المتطوعين، وأضاف أن تخصصه يحتاج دائما لبعض الكتب والمصادر الخارجية التي لا يتمكن من الوصول إليها، وتأمل أن تساعده الجامعة على توفيرها له بطريقة بريل، وكشف أنه يشارك أحيانا ببعض النشاطات اللامنهجية التي تنظمها الجامعة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل لعبة كرة الهدف الخاصة بالمكفوفين.

ونصح العملة جميع الطلبة بمواصلة سعيهم وراء أحلامهم وطموحاتهم بغض النظر عن الصعوبات التي يواجهونها، فالأحلام برأيه لا تعرف المستحيل، وأكد أنه لم يفقد الأمل نهائيا في إيجاد العلاج المناسب له، وإلى أن يحدث ذلك سيسعى دائما لمحاربة الصعوبات ليصل إلى كل ما يتمناه.

أما محمد الخطيب الذي فقد هو الآخر نعمة البصر، فلم يقتصر تفوقه على المجالات الأكاديمية فقط، وإنما امتد إبداعه ليشمل ميادين ومجالات متعددة داخل الجامعة وخارجها، فعمل كمقدم برامج وشارك بالعديد من الأعمال التطوعية وحصل على عدة جوائز في التطوع، ويُخطط الآن لإطلاق إذاعته الخاصة، ليشكل بذلك نموذجا يحتذي به جميع ذوي الاحتياجات الخاصة. 

وقال الخطيب إنه اختار بيرزيت لأنه يرى بها الجامعة الأمثل والوحيدة القادرة على مساعدته لتحقيق أحلامه والوصول لأهدافه، وأضاف أن الروح الاجتماعية الجميلة بين طلابها وموظفيها هو ما شجعه على الالتحاق بها، وأكد أن الجامعة تعمل حاليا على توفير الجو المناسب له، وتلبي جميع احتياجاته ومتطلباته، وعبر عن سعادته بتعامل المعلمين معه، الذين لا يشعرونه بالفرق بينه وبين زملائه.

وبيّن أنه يسعى دائما لأن يكون عضوا فاعلا بالمجتمع، وتأمل أن يتمكن من إكمال دراسته العليا في الجامعة بتخصص الدراسات الإسرائيلية، وأضاف أن الإنسان هو من يصنع إعاقته بأفكاره السلبية وهو الوحيد القادر على إنهاء وجودها بداخله. وشدد على ضرورة التأقلم مع الحياة بغض النظر عن الظروف المحيطة. 

انا الطالبة "زينب شعابنة" من قرية الجيب ضواحي القدس، ابتدأت قصتي في عمر العشر سنوات، كان كل شيء طبيعي اركض واتمشى واصعد الدرج والعب مع الأصدقاء، أستطع فعل كل الأشياء التي اتمناها كأي طفل غيري، الى أن بدأت أعرج ثم أوقع أرضاً، استغرب أهلي الموضوع لتزايده المستمر الى أن بدأت الأمور تثير القلق.

"أول دكتور انعرضت عليه حكالي أعمل فحص ال cpk ونتيجة الفحص كانت عالية جداً وتبين أنه معي ضمور في العضلات، وحكوا الدكاترة لأهلي مشواري مع المرض كيف راح يكون ونهاية مطافي الكرسي المتحرك"

مع استمرار تراجع الوضع الصحي وقلق الاهل المستمر والدائم، ذهبنا الى المشفى ليتم إعادة الفحوصات جميعها، وبالفعل تم الطلب بناءاً على قرار دكتور المشفى بعمل عملية تشخيص، وبعد معاناة في أخذ موعد لبعد شهر كامل تمت وظهرت النتائج متطابقة لما أخبرنا به الطبيب الأول.

"وهكذا وضعي كان مع الايام يسوء، كنت أوقع وأقدر وأقوم بس انه ينمزع بنطلوني، مع الايام صرت ما أقدر أقوم لما أوقع وما أقدر أمسك حالي، وكنت دايماً اوقع على وجهي، هاد الحكي بالمدرسة الاساسية وكانت قريبة على بيتي، لما صرت بالمرحلة الثانوية صارت مدرستي أبعد والطريق أطول والمعاناة والتحديات أكبر، كانت الطريق لشخص توخذ 10 دقائق، أما أنا 35 دقيقة ومرات أكثر حسب درجة التعب"

بعد إصرار واقناع معلماتي لأهلي وعناد كبير مني قدرت أضل بمدرستي رغم الإرهاق والتعب الشديد، ما كان يهمني كل المصاعب، كان أهم شيء بالنسبة إلي أضل مستمرة بمسيرتي التعليمية، وأعيش حياة طبيعية رغم الاختلافات الي بتصير كل فترة وبتحطني أمام تحديات جديدة. ولله الحمد بعمر ١٧ سنة اجبرت على استخدام الكرسي المتحرك ولا بعمري تخيلت اني رح اوصله او استخدمه بس الحمد الله هذا من فضل الله عليَّ. ريحني كثير ع الاقل بطلت اوقع ع وجهي وتتضرر شفّتي اكثر مهي متضررة.

انهيت مرحلة الثانوية العامة بنجاح فقد حصلت على معدل 85 فرع علمي، ودخلت جامعة بيرزيت حيث يبدأ حلمي، لنبدأ رحلة التحديات الجديدة والتي لا تنتهي، كان أهمها المواصلات اليومية واستخدام الكرسي الكهربائي بالتنقل، وتم بفضل الله ومساعدة الجامعة من تجاوز كل هذه العقبات وما زلت اواجه واحاول إعطاء أفضل ما لدي لأحقق النجاح الذي اطمح اليه. وها أنا اليوم طالبة في جامعة بيرزيت بتخصص هندسة حاسوب سنة رابعة وما زلت أحارب لأصل حلمي.

انا الطالبة "شهد عماد الدين عبد الله ضمرة" من كفر الديك/ سلفيت، أدرس في جامعة بيرزيت تخصص انجليزي سنة ثالثة. نشأت في أسرة متوسطة الحال وأكتشف والدّي أنني كفيفة منذ ولادتي، ومع محاولات حل مشكلتي إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك.

وعند بلوغي سن الخامسة بدء والدي بالبحث عن روضة أو مدرسة خاصة حتى أستطيع اتمام حياتي، فعلم عن وجود مدرسة في مدينة البيرة وهي مدرسة القبس للإعاقة البصرية فالحقني بها، حيث ان هذه المدرسة توفر سكن للطلاب الذين يسكنون خارج محافظة رام الله والبيرة، فالتحقت بها وبالسكن الخاص بها لمدة ٧ سنوات.

كانت في البداية تجربة صعبة علي كطفلة في الخامسة من عمرها وشكل أيضًا صعوبة على الوالدين ولكن بعد ذلك اعتدنا على هذا الامر واصبح امرا عاديا وهذه التجربة اعتقد انها اكسبتني الثقة بالنفس وبعد الصف السابع بقيت في نفس المدرسة ولكن خرجت من السكن وبعد الصف العاشر تخرجت من المدرسة وانتقلت الى المدارس الاعتيادية وواجهت الكثير من الصعوبات مثل تاخر الكتب المدرسية وصعوبة تقديم الامتحانات وغيرها

شاركت في مسابقة الخطابة والتحدث باللغة الفصحة وحصلت على المركز الاول على مستوى المحافظة وفي الثانوية العامة حصلت على معدل 84.2 .

التحقت بعدها في جامعة بيرزيت الجامعة التي احلم بها، فصلي الاول من الجامعة بجهودي وجهود مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة ومع المتابعة اليومية للأستاذة سهير النجار حصلت على معدل 84.6 وفي الفصل الثاني حصلت على معدل 84 .

صحيح انا كفيفة لكن الله وهبني العديد من النعم الجميلة والحمد لله "انا مبسوطة وراضية في هذه الحياة"

انا الطالب "ليث حسين علي حماد" من بيتونيا/ رام الله، طالب في جامعة بيرزيت كلية الحقوق والادارة العامة، تخصص ادارة عامة سنة ثالثة أبلغ من العمر 28 عام على وشك الدخول بعامي ال 29، أعاني من إعاقة حركية جزئية بسبب مرض أسمه "ضمور عضلات".

"نعم" العمر أكبر من سنتي الجامعية الثانية لكن أنا شخص من بداية إعاقتي الحركية وأنا مؤمن بقاعدة أن "العلم لا يعرف عمراً معين " من المهد الى اللحد"

بداية طريقي وبداية التحدي كانت في عام 2010 لم يحالفني الحظ أن أكمل مسيرتي التعليمية، بعد الثانوية العامة التحقت بمعهد واخدت شهادة دبلوم في تخصص "الجرافيك ديزاين"، ساعدوني الاهل والاخوة والاصدقاء مشكورين في هذه الخطوة، ومن الصعوبات الكبيرة كانت تنقلي في ذاك الوقت إلا أنني صممت على المضي قدماً لأنجز هذا الدبلوم وانتهيت.

طرح موضوع عملي على أحد المسؤولين من أجل وظيفة في أحد الشركات، وعرضَ عليّ من إحدى شركات الاتصالات الفلسطينية، وقدمت اوراقي وتم مقابلتي وقبولي هناك رغم مستواي التعليمي لكن طموحي واجتهادي من اجل العمل افتخروا به ودعموا اصراري للنجاح، وبعد سنوات من العمل ارتقى مستواي الوظيفي وأصبحت موظف في قسم الموارد البشرية لخبرتي ومحبة الناس والله ليّ.

حلت علينا جائحة كورونا في عام 2020 وأصبح العمل من المنزل، قررت حينها أن أسجل للثانوية بتشجيع من مديري وزملائي، وقمت فعلياً بالتسجيل واستغلال وضع الجائحة في الدراسة حتى انهيت الثانوية بنجاح، وتسابق حينها علي اهل الخير، لتهنئتي وتشجيعي على اكمال المسير وفعلاً قامت جهة بالتواصل مع الجامعة وتوفير منحة دراسية لي لأكمل مسيرتي التعليمية حيث كنت أتمنى وأحب جامعة بيرزيت حيث كان حلمي.

شاءت الاقدار بعدم قدرتي على التنسيق بين الدراسة والعمل بسبب وضعي الصحي الصعب، ما جعلني أن أترك العمل واتفرغ للدراسة، والحمد لله وكلي فخر أنهيت سنتي الدراسية الاولى بمعدل 88% مما جعلني اتشجع أكثر للدراسة، وأتمنى أن أكون دوماً عند حسن ظن معلميّ والدكاترة الافاضل بي. وأتمنى أن تكون رسالتي قدوى لكل شخص لديه إعاقة ويمضي حيث مضيت أنا ولا يأس مع الحياة.

اسمي "يارا قواريق" منذ ولدتُ وأنا كفيفة كلياً وهذا هو السبب الرئيسي في نجاحي

مررتُ بالكثير من التحديات بمساعدة أهلي وخاصة أمي، فقد آمنت بقدراتي منذ البداية، حيث أنها سهرت الليالي لأجل أن تراني بأحسن الأوضاع، فكانت تقنعني دائماً بأهمية الدراسة وأهمية العلم وتحثني دائماً عليه، وكانت تقول: يارا انت بحاجة أن يكون معك شهادة تؤهلك وتجعلك لا تحتاجين أحداً إطلاقاً، وعلى هذا الحال استمرت حياتي، حيث كنت أدرس وأتعب من أجل الوصول إلى ذلك الهدف، فكان هدفي هو الشهرة لأني موهوبةٌ في الغناء، وكان هدف والدتي وهدفي من الشهرة أن تكون لدي إمكانيات مادية تجعلني لا أحتاج أحد إطلاقاً بسبب وضعي .

مرت والدتي بالكثير من التحديات في جميع مراحل حياتي، فقد كانت والدتي تحلمُ أن تنهي الدكتوراه وتعمل في مجال التدريب بحقوق الإنسان ومع ذلك تركت ذلك الحلم وكل ما يتعلق بالعمل وظلت مهتمة بأن أكون بأحسن حال، وكانت تقول: أنا أستثمر فيك لأراك أكبر فنانة في العالم.

كنتُ أعتبر نفسي سبباً في دمار عائلة بأكملها، حيث حرمت نفسها من الإنجاب، فقد أنجبت أختي فقط وبعدها لم تفكر في الإنجاب، شعرت دائما بتأنيب الضمير لأنني حرمتها من الكثير من الأمور من أجل أن أنجح وأنجز. وصلنا إلى مرحلة الثانوي، ففي الصف الحادي عشر كنتُ في غاية اليأس، كنتُ قد بدأتُ أدرسُ في مدارس الدمج بعد أن درستُ طوال عمري في مدارس خاصة بالمكفوفين، كانت هذه المرحلة في غاية الصعوبة، كنتُ أمر بحالة من اليأس في الصف العاشر الأساسي، وبعد أن أصبحتُ في الصف الحادي عشر كانت هناك معلمة للتاريخ والجغرافيا تحب كثيراً تخصصها، فكانت لا تلتزم بالمنهاج، حيث كانت تضيف الكثير من المواد الى المنهاج، الأمر الذي جعلني أتصعب من إنجاز مهمتي على أكمل وجه، مع أن والدتي كانت تساعدني إلا أنني لم أستطع استيعاب كل هذا الكم الهائل من المعلومات، حيث أن الكفيف صعب عليه أن يضع أسهم ويضيف على المواد الموجودة في الكتاب لاعتمادي على كتب بريل، كنتُ أضطر إلى نسخ الكتاب من بدايته وأضيف عليه الزيادة التي تضيفها المعلمة وكان ذلك سبباً في حقدي على مواد التاريخ والجغرافيا ؛ ما جعلني أكره الدراسة، فرسبتُ في الصف الحادي عشر   .

قررت والدتي بعد ذلك أن تعمل على دعمي نفسياً وتقنعني بأن لا أتذوق طعم الرسوب مرة أخرى، فكان كل الناس يروا أني فاشلة بعد الرسوب ولا أنفع لشيء فقالت لي: يارا يجب عليك أن تتحدي نفسك وتثبتي لها أولا ثم للناس بأنك لست الشخص الفاشل الذي رؤوه ولستي الشخص الذي ييأس وأن المشكلة كانت بالمعلمة وبالمنظومة التعليمية الفاشلة وليست فيك، وكنتُ أقول لها طوال الوقت : أنا فاشلة ولا أستطيع الدراسة والناس محقين فيما قالوا عني والدلالة على ذلك فشلي، فقالت لي: سوف تكونين من المتفوقين الذين يحصلون على التسعينات في تلك المرحلة فقط أنت ساعديني وسترين أني سأصنعُ منك تلك القصة التي فشلت فتفوقت وأنا سأبقى إلى جانبك حتى تصلي إلى ما أسعى إليه .

وبقيتُ أدرسُ وأتعب على نفسي حتى أنهيتُ الثانوية العامة بعد عناء طويل، فكانت والدتي قد تحدت نفسها وجعلتني أتحدى نفسي.

وصلتُ في تلك المرحلة إلى الكثير من مراحل اليأس، حيث كنتُ أحياناً أرى أني غير قادرة وأقول لوالدتي: أتركيني لا يمكنني إنجاز تلك المهمة ولكنها رغم ألمها الشديد وإيمانها المطلق بقدراتي بقيت تشجعني على الإنجاز وتقول: لا تخافي سنحلها ومهما واجهتنا صعوبات سوف نتغلب عليها، ثقي بي وسأجعلك قصة نجاح يحكي فيها كل العالم، وفي يوم نتائج الثانوية العامة سيأتي اليك الكثير من الصحفيين ليتحدثوا عن أكبر قصة نجاح وتفوق بعد رسوب، وفعلاً بعد أن نجحتُ حصل ذلك، وكان تقول لي أيضاً: أنا أعلم وأيقن تماماً أنك تحبين تخصص الموسيقى وستبدعين به لأنكي موهوبة بالغناء وتخصص الموسيقى في الجامعة لا يحتاج إلى معدل عالي، ولكن يجب أن تثبتي لنفسك ولكل العالم أنك دخلتي التخصص الذي تحبينه ليس لأن معدلك متدني وإنما لأنك أردت ذلك فقط .

كنتُ عندما أشعر بالنعاس الشديد تأتي لي والدتي بماء مثلج تضعه بالفريزر فيتجمد وتأتي به إلي فتغسل به وجهي، وكنوع من الدعم كانت تقنعني بأنه يساعد البشرة ويجعلها أكثر نضارة وليونة، وكانت تغسل وجهها أيضاً لتشجعني على ذلك مع أن الماء كان مثلج ولكن كان يجب أن أكون في غاية الاستعداد للدراسة.

كانت مواد التاريخ والجغرافيا هي السبب الرئيس في رسوبي في الصف الحادي عشر، لذلك في مرحلة الثانوية العامة كانت لدي عقدة من هذه المواد ن فكانت والدتي تقول: يجب عليك أن تحصلي على معدل عالي بها حتى تفكي تلك العقدة من تلك المواد وقد اقتنعتُ بكلامها.

في يوم امتحان التاريخ تعبتُ كثيراً، حيث كنتُ مكتئبةً جداً من هذه المادة بالذات، وكنتُ لا أريدُ أن أدرسها، لأنني درستها 7 مرات قبل الامتحانات لكي تترسخ في ذاكرتي وترسخت في النهاية ولكنها كانت أصعب علي، فقد كان قبل الوزاري يومان، في اليوم الأول لم أدرس شيءً من الاكتئاب ولكن في اليوم الثاني درستُ وحدةً فقط من أصل 4 وحدات. وذهبتُ إلى الامتحان وأنا منهارةً جداً وخائفة، فكنتُ في السيارة أبكي ووالدتي تبكي على بكائي، وكنتُ أقول: إن أنهيتُ هذا الامتحان فلا خوف بعده فقد أنهيتُ جميع مرحلة الثانوية العامة.

كانت هناك مادة تدعى الأدب الشعبي الفلسطيني، فهذه المادة كان قبلها يوم واحد فقط، لذلك لم يكن لدي وقت كافي حتى للأكل فكنتُ أشرب العصائر فقط لكيلا يتعب جسمي وكانت والدتي رغم تعبها تدعمني وتساعدني كثيراً. وبعد كل هذا العناء الطويل الذي قل فيه نومي وأكلي أنهيتُ هذه المرحلة بمعدل 90,8 وهذا ما جعلني أفخر بنفسي وأخرج من الثانوية وعقدة الجغرافيا والتاريخ قد ذهبت من قلبي.

لقد شعرت والدتي أنها أنجزت كثيراً، حيث أني الآن متفوقة في الجامعة وقد حصلتُ على مراتب عليا، وكل فصل كنتُ أكون على لائحة الشرف، فأنا الآن أولى دفعتي من دون مساعدة والدتي ولدي شعبية عالية في الجامعة، فكثير من الناس يحبونني ويحترمون إصراري، وأنا الآن أساعد الكثير من الطلاب في تخصصي، فكل من استعصى عليه أمر يرسله الدكاترة لي لكي أساعده.

وأحمد الله أن والدتي دعمتني وأحمد الله على كف البصر الذي جعلني مميزة وشغوفة وجعل شخصيتي أكثر قوة، فأنا الآن يعتبرني دكاترة التخصص من الشغوفين والعباقرة في التخصص، ولدي أملٌ بأنني سأحقق لوالدتي ما تريد، حيث أنها تريد أن تراني مشهورةً ومرتاحة مادية ومعنوية، وسأعمل على ذلك وأتدرب على جعل صوتي أكثر قوة؛ حتى أغني وأرفع اسم فلسطين إلى أعلى المراتب، ولأجعل والدتي تفتخر بأنها تعبت علي وصقلت شخصيتي وجعلتني اكثر ثقة في نفسي ولم تشرعني بالنقص يوما.

تم اكتشاف موهبتي في الغناء وانا في الثالثة من عمري حيث كان اهلي يسمعونني في البيت وانا اردد أغاني للعمالقة مثل أم كلثوم، حيث انني لم اكن اسمع أغاني الأطفال العادية، وانما كنت اسمع أغاني تصقل موهبتي بالشكل الصحيح، حيث كانت أول اغنية سمعتها ورددتها لأم كلثوم وهي دارت الأيام، وقد اكتشفت والدتي بعد سماعها ادائي انني موهوبة في الغناء فقررت ان تنمي هذه الموهبة عندي، فأرسلتني لمعهد الكمنجاتي للموسيقى في رام الله لأتعلم العزف على آلة البيانو، ووجد الأستاذة هناك ان لدي اذن موسيقية عالية حيث أنني كنت استوعب الأمور من أول مرة، وكانت والدتي من خبرتها في تخصصها تعلم أن الكفيف غالبا ما يكون لديه أذن موسيقية لأن سمعه قوي، فكانت تؤمن تماما بقدراتي وتهتم دائما بموهبتي.

كنت طفلة كسولة نوعا ما فلم اتدرب بالشكل الكافي لذلك قررت والدتي ان تخرجني من المعهد لأنني لا اتدرب ولأنني أيضا كنت مشغولة بدراستي وكانت تقول لي عندما ترين نفسك جاهزة لإتمام دراسة الموسيقى وقادرة على الالتزام بالتدريب فسأعيدك الى المعهد ولكن يجب ان يكون هذا القرار نابع من داخلك.

ففي المدرسة كانت هناك معلمة موسيقى سمعت صوتي ورأت أنى لدي إمكانيات عالية فقررت ان تعمل على ادخالي في الجوقة وجعلتني قائدة الجوقة وانا عمري 7 سنوات، وقد كان اول عرض موسيقي لي في القصر الثقافي في رام الله.

وفي الجامعة تخصصت بالموسيقى العربية فأصبح كل اهتمامي هو الموسيقى وفهمها بشكل أوسع وعميق، فتطورت موهبتي في تلك المرحلة، حيث أصبحت لدي شهرة عالية في رام الله بالإضافة إلى الشعبية في الجامعة التي ساعدتني على إتمام مهمتي والاهتمام بموهبتي.

انا الطالب "يزن سالم" من بيت لحم، طالب في جامعة بيرزيت سنة رابعة تخصص انجليزي، عمري 21 سنة كفيف كلياً، عندما ولدت الى هذه الحياة كان لديّ القليل من البصر وأراد والدي علاج المشكلة فأقنعه الطبيب بإجراء عدة عمليات جراحية أولها كان عمري ٢٥ يوماً، أصبح نظري جيداً حتى سن السادسة من عمري، من بعدها فقدته بالكامل بعد العديد من العمليات

وبدأت الدراسة في مدرسة خاصة للمكفوفين في رام الله وكنت اعود لرؤية أهلي كل أسبوعين، أكملت فيها الى الصف التاسع ثم انتقلت الى مدرسة حكومية في بلدتي لاكمل الى مرحلة الثانوية العامة، واجهت العديد من الصعاب منها صعوبة توفير الكتب بطريقة بريل وصعوبة فهم المعلمين لحالتي وطريقة التعامل معي. لكن وبحمد الله تغلبت على كل التحديات والصعوبات واستطعت انهاء الثانوية العامة والالتحاق بجامعة بيرزيت.

أعشق جامعة بيرزيت كثيراً، فقد كان طلبتها يقومون بزيارة لنا في مدرسة المكفوفين التي كنت فيها، وكانوا يقومون بالعديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة التي رسمت للجامعة صورة جميلة وزاهية كما كنت اسمع عنها في الإذاعات ومحطات الاخبار والتي تحدثت عن اجوائها الانتخابية والديمقراطية والتي جعلتني اتخطى كل التحديات لأستطيع الالتحاق بها.

واجهت الكثير من التحديات بعد الانتهاء من الثانوية منها رفض الاهل لبعد المسافة التي تفصلها عن مكان سكني حيث انني مضطر للذهاب والعودة من بيت لحم الى رام الله ثم بيرزيت كل يوم، وكانوا يريدون تسجيلي في جامعات اخرى في بيت لحم ولكني اصررت على موقفي، وعند تسجيلي في الجامعة بحثت عن سكن فلم أجد والى الان ما زلت اذهب وأعود كل يوم الى الجامعة وانا سعيد جداً. ورغم كل التعب اشعر بالفرح والحماس والطاقة الايجابية والمعنويات العالية بـأنني في جامعة بيرزيت التي كنت أحلم أن اكون طالباً فيها، ولا ننسى فضل مساعدة مكتب ومجموعة ذوي الاحتياجات الخاصة التي تجعلنا جزءاً فعالاً ومشاركاً في الجامعة.

وعندما حدثت جائحة كورونا ارتبكت كثيرا بسبب التعليم الالكتروني الذي لم نكن مستعدين له وكنت اعمل لوحدي على برامج التعليم التي لم يسبق لي وان استعملتها ولم اجد احد يساعدني في منطقتي بسبب عدم معرفتهم وكانت مرحلة صعبة وبحمد الله تجاوزنا هذه المرحلة وعدنا الى حياتنا الجامعية والى التعليم الوجاهي وعادت اجواء الفرح في جامعة بيرزيت وها نحن نمضي بكل جهد واجتهاد عسى ان ننهي مرحلة البكالوريوس لكي نكمل مرحلة الدراسات العليا بكل تفوق باذن الله “