كلمة رئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة في افتتاح معهد سميح دروزة للصيدلة الصناعية، 3 تشرين الأول 2015

الأخُ الدكتور حنا ناصر، رئيسَ مجلسِ أمناء الجامعة المحترم،
الأخواتُ والإخوةُ أعضاءَ مجلسِ الأمناءِ المحترمين،
حضرةَ السيد مازن دروزة، نجلِ الراحل سميح دروزة، المحترم،
الحضورُ الكريم،

أسعدَ اللهُ صباحَكم بكلِّ الخير، وأهلاً وسهلاً بكم في جامعةِ بيرزيت.

في البداية، أودُّ أن أهنئَ الجميعَ بعيدِ الأضحى المبارك، أعادهُ اللهُ علينا وقد تحققت أمانينا بالحريةِ والاستقلالِ وإقامةِ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلة، وعاصمتُها القدس.

لقد لعبت جامعةُ بيرزيت دورًا مركزيًّا في تأهيلِ وتنميةِ الكوادرِ البشرية، لتكونَ فاعلةً في المجتمعِ المحلي، وذلك عبر ما تقدمُه من برامجَ تعليميةٍ وبحثيةٍ وتدريبيةٍ متخصصةٍ في شتى الحقولِ العلميةِ والمعرفية، بالتوازي مع جهودِ معاهدِها ومراكزِها الموجودةِ داخلَ الحرمِ الجامعي وخارجَه.

وتشهدُ الجامعةُ حركةَ تطورٍ ملحوظة، لتلبيَ الاحتياجاتِ المتناميةَ للتعليمِ العالي في فلسطين، ولا تكادُ عمليةُ البناءِ والتوسعِ تتوقف، في سعيٍ حثيثٍ من إدارةِ الجامعةِ لتواكبَ أحدثَ الوسائلِ التعليميةِ والتدريبية، التي تسعى دومًا لتكونَ في متناولِ أكاديمييها وطلبتِها، بما يسهمُ في إبقاءِ جامعةِ بيرزيت رياديةً على المستوياتِ المحليةِ والعربيةِ والدولية.

وإضافةً إلى ذلك، تواصلُ المراكزُ والمعاهدُ المجتمعيةُ تعزيزَ وتطويرَ مهامِّها من خلالِ البحوثِ المكثفةِ التي تساعدُ على التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والإنسانيةِ في الوطن، وما لقاؤُنا اليومَ إلا تأكيدٌ على إدراكِ الجامعةِ للدورِ المنوطِ بها، إذ تدركُ أن عملَها لا يقتصرُ على حدودِها الجغرافيةِ فقط، بل تقدمُ نفسَها رافدًا مهمًّا لعمليةِ التنميةِ على المستوى الوطني، التي تحتاجُ إلى تضافرِ كلِّ الجهودِ للنهوضِ بها، من سياسةٍ واقتصادٍ وتربيةٍ وغيرِها.

الحضورُ الكريم،

نلتقي اليومَ لنفتتحَ معهدَ سميح دروزة للصيدلةِ الصناعية، الذي تبرع رجلُ الأعمالِ الفلسطينيُ الراحل السيد سميح دروزة بإقامتِه في حرمِ الجامعة، إضافةً لاستحداثِ مختبرٍ خاصٍّ للمصنع، مؤهلٍ ومجهزٍ ليدعمَ احتياجاتِ المصنعِ ويعززَ أهدافَه.

لقد آمنَ الراحلُ سميح دروزة بدورِ الجامعاتِ في بناءِ كادرٍ مؤهلٍ علميًّا وعمليًّا، وقادرٍ على مواجهةِ التحديات، وتبرعَ مشكورًا بإقامةِ هذا المشروعِ الطموحِ في جامعةِ بيرزيت، ليكونَ داعمًا لصناعةِ الأدويةِ الفلسطينية، وللجامعة أيضًا على المستوى التدريبي، كما طرح فكرةَ استحداثِ برنامجٍ متخصصٍ في الصناعةِ الدوائية، وأوفدَ متخصصين إقليميين ودوليين للمساعدةِ على استحداثِ برنامجِ ماجستير في تكنولوجيا الصناعةِ الدوائية تم اعتمادُه مؤخرًا من وزارةِ التربية والتعليم العالي، وقد بدأَ التدريسُ به مع بدايةِ العامِ الأكاديميِّ الحالي.

وحرصًا من الراحل سميح دروزة على أن يتمَّ إنجازُ العملِ في المعهدِ حسبَ المواصفاتِ العالمية، فقد زاره مرتين أثناءَ التنفيذِ والتشغيل. وحرِصَ على إيصالِ رؤيتِه لدورِ المعهدِ في المساهمةِ الفعالةِ في تطويرِ الصناعةِ الدوائيةِ في فلسطين.

رحمَ اللهُ ابنَ نابلس البارّ، الراحل سميح دروزة على هذا التبرعِ السخيّ، الذي نراه مفيدًا جدًّا للطلابِ بشكل أساسي، لا سيما من كليةِ التمريضِ والصيدلةِ والمهنِ الصحية، ومن دائرةِ الكيمياء أيضًا، الذين سيجمعون الجانبَ العمليَّ التطبيقيَّ مع الجانبِ الأكاديميِّ النظري، ليتخرجوا وهم مؤهلون لسوقِ العمل، كما أنه سيكونُ رافدًا مهمًّا للتدريبِ العمليِّ لطلبةِ ماجستير تكنولوجيا الصناعةِ الدوائية الذي اقترحه الراحل دروزة.

وسيسهمُ هذا المعهدُ في نقلِ التكنولوجيا الحديثة في التصنيعِ الدوائيِّ وتطبيقِ معاييرِ الجودةِ لفلسطين لتلبيةِ احتياجاتِ الصناعةِ الدوائية، كما سيلتزمُ بتقديمِ المشورةِ العلميةِ وإجراءِ الأبحاثِ الصيدلانيةِ والتدريبِ وتطويرِ مستحضراتٍ جديدةٍ للراغبين في التميزِ في قطاعِ التكنولوجيا الصيدلانية، وخلقِ بيئةٍ تعاونيةٍ مميزةٍ بين المعهدِ ومصانعِ الأدويةِ المحليةِ والإقليميةِ والمؤسساتِ ذات العلاقة، حيث يعززُ هذا التواصلُ الارتقاءَ بالبحثِ العلميِّ والصناعةِ الدوائية، ويساعدُ في إقامةِ دوراتٍ تدريبيةٍ وورشاتِ عملٍ في مجالِ العلومِ الصيدلانية المتقدمةِ لتلبيةِ احتياجاتِ العاملين في قطاعِ الصناعةِ الدوائيةِ والمؤسساتِ ذاتِ العلاقة والرفعِ من كفاءتِها.

الصديقُ العزيزُ مازن دروزة،

لقد كانَ الراحلُ سميح دروزة واحدًا من أقوى مئةِ شخصيةٍ عربيةٍ استطاعت التأثيرَ في مجتمعاتِها، وحصد أرفعَ جوائزِ رجالِ الأعمال العالمية، فهو ابنُ نابلس، التي تعلمَ من جبالِها السعيَ الدائمَ نحو الرفعة، وعاش طفولتَه في يافا، التي تعلمَ من بحرِها الحريةَ وأن الإبداعَ لا حدود له، وقد رحل عنّا قبلَ بضعةِ أشهر، وكم كان سيسعدُه لو رأى حلمَه حقيقةً في بيرزيت، لكن حضورَكم اليوم دلالةٌ على أن النهجَ الذي خطَّه الراحلُ ستظلُّ رايتُه عالية، بيدِ أبنائِه البررة، الذين يعتزون بفلسطينيتِهم، ولا يبخلون على بلدهم بعطائِهم، سواءٌ بمثلِ هذا المشروعِ المفيد، أو بغيرِه من المشاريعِ المستقبلية، التي نأملُ أن تكونوا شركاءَ لنا في تنفيذِها.

ولا بدَّ من الإشادةِ بكلِّ أصدقاءِ جامعةِ بيرزيت، الذين لا يترددونَ في دعمِها، في ظلِّ الأزماتِ الماليةِ التي تعاني منها كلُّ الجامعاتِ في الوطن، والتي بدأت تلقي بظلالِها في إضراباتٍ ستؤثرُ حتمًا على المسيرةِ التعليمية، وأودُّ أن أنتهزَ هذه الفرصةَ لأدعوَ وزارةَ التربيةِ والتعليمِ والتعليم العالي لصرفِ المستحقاتِ الماليةِ للجامعاتِ، والمقرةِ من مجلسِ الوزراء، حتى يتسنى للجامعاتِ القيامُ برسالتيْها الأكاديميةِ والوطنية، لأنَّ الأقساطَ التي يدفعُها الطلابُ لا تغطي التكلفةَ الكاملةَ لدراستِهم الجامعية، ومطلوبٌ من الجامعةِ أن توفرَ البقيةَ من مصادرَ مختلفة، مع العلمِ أن السلطةَ الوطنيةَ تساهمُ بشكلٍ محدود، وبأقلَّ مما تعهدت به، ما أثرَ على موازناتِ الجامعات، وأضعفَ قدرتَها على التعاملِ مع الأزماتِ الماليةِ التي تؤثرُ على كاملِ المسيرةِ الأكاديمية.

مرةً أخرى، الرحمةُ للراحلِ السيد سميح دروزة، والشكرُ موصولٌ لعائلِته الكريمة، والرجاءُ أن يكونَ هذا المعهدُ مفيدًا للمجتمعاتِ الأكاديميةِ والبحثيةِ والصناعية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.