الحق للقوة والقوة بالاتحاد

”يجب الا تقف الصعوبات في وجه اتحاد أمة واحدة كالأمة العربية مرتبطة مع بعضها في اللغة وفي العادات والدين. يجب أن نستغل كنوزنا الطبيعية لمنفعتنا وليس لمنفعة غيرنا. ونسن شرائعنا وأنظمتنا لمصلحتنا وليس لمصلحة الأجنبي. ونعلم أولادنا كما نريد لا كما يريد الأخرون. نقاوة الدم ليست أمراً ضرورياً. وما ضرنا أن نطلق كلمة عربي على كل من يستعمل اللغة العربية كلغته البيتية. أنا هنا بالنيابة عن فلسطين لأبث شكوى هذا البلد العربي المسكين الذي ناضل كثيراً. وأشعر أن لا حياة لأهل فلسطين إلا كجزء من الأمة العربية. وأعتقد أن الأمة كلها سوف تهب لمعاضدة فلسطين الدامية“

كتبت نبيهة ناصر خطابها هذا مدافعة عن الوحدة العربية، وألقته خلال مؤتمر نسائي عربي عقد في القاهرة عام 1938 بعنوان: "المرأة العربية وقضية فلسطين"،  وتؤكد فيه إيمانها بأن الوحدة هي الطريق لمواجهة التهديدات التي كانت تعصف بفلسطين، ومازالت. ولا أدل على أهمية رسالتها من الاعتقاد الراسخ هذه الأيام، أن السبيل للانعتاق من الاحتلال لن يتحقق دون إنجاز الوحدة الفلسطينيين الغائبة.

الرائدة نبيهة ناصر، مديرة مدرسة بيرزيت العليا(جامعة بيرزيت حالياً)، ولها في مضمار الثقافة والتربية جهود لا تقل عن جهودها في الحركة النسائية

نبيهة ناصر المشاركة في تأسيس مدرسة بيرزيت -نواة جامعة بيرزيت بشكلها الحالي- تقدم في الخطاب وثيقة تاريخية هامة تستحق أن تُصان من الضياع وتنقل لأجيال لاحقة، لأهمية الأفكار التي يقدمها ورمزية الشخصية التي صاغتها وألقتها.

اليوم وبعد مضي 80 عاماً على الخطاب يمكن إعتباره وثيقة تاريخية تدافع قائلتها عن الوحدة العالمية كهدف مشترك للبشرية يتحقق عبر إزالة طباع الطمع والحسد والسيطرة، بالتربية والتعليم.

فتقول:

ولا شك أن الهدف الأعلى الذي يجب أن يسعى إليه البشر في هذه الدنيا هو اتحاد جميع أمم العالم، غير أن هذا الاتحاد أمر عسير ولا يمكن أن يتم الا بعد أن تتغير الأخلاق العامة..

ولابد من الإشارة إلى وقوف المرأة العربية والفلسطينية في مقدمة صفوف الدفاع عن فلسطين وحقوق الفلسطينيين، منذ تنكر بريطانيا للعهد التي قطعته للعرب بواسطة شريف مكة "الملك حسين" بإصدارها وعد بلفور الذي اعتُبِر تهديداً للعروبة بإدخال عنصر أجنبي للمنطقة يختلف في اللغة والعادات ويتشبع بميول اجتماعية تناقض ميول أهل المنطقة ومبادئهم.

لبحث خطورة هذه الخطوة ولأسباب وأهداف أخرى، عقد المؤتمر النسائي الشرقي في دار جمعية الاتحاد النسائي المصري خلال الفترة 15-18 تشرين أول 1938 في القاهرة، تحت عنوان: "المرأة العربية وقضية فلسطين"، لبحث أوضاع فلسطين بعد الوعد المشؤوم، ولمناشدة نساء العالم وعصبة الأمم، تأييد نساء فلسطين في قضية العرب القومية والدعوة إلى وقف الهجرة الصهيونية التي تقضي على العدالة بسلب أمة بأسرها حقها في الحياة.

ورد في أسباب الدعوة إلى عقد المؤتمر النسائي:

.. مسألة خطيرة اهتز لها العالم العربي والإسلامي في كل بقاع الأرض، الا وهي مشكلة فلسطين التي خلقها وعد بلفور بجعل فلسطين وطناً قومياً للصهيونيين والذي يفتح للهجرة اليهودية أبواب الشرق…

ولا تقل حقيقة أن المرأة الشرقية في ثلاثينيات القرن العشرين، بلغت من التحرر الاجتماعي والذكاء السياسي مبلغاً أهلها لتنظيم مؤتمر للنساء من مختلف الأقطار العربية، اتخذ جملة قرارات في سبيل نصرة المرأة الفلسطينية في الدفاع عن وطنها ومطالبة نساء العالم بمساندتها.