دائرة الهندسة المعمارية تناقش التغيرات المعمارية والحضرية في مدينة غزة

عقدت دائرة الهندسة المعمارية يوم الثلاثاء 28 آذار 2017 محاضرة عامة بعنوان "التغيرات المعمارية والحضرية في مدينة غزة 1920- 1948"  ألقاها أستاذ علم الإجتماع في الجامعة د. أباهر السقا، وذلك ضمن سلسلة اللقاءات العامة التي تنظمها الدائرة.

وقال د. السقا أن مصطلح "الإنتداب" يحمل بطياته إشكاليات كبيرة وشدد على أهمية إستعمال مصطلح "الإستعمار" بدلا منه، وأوضح أن مدينة غزة تعتبر واحدة من أقدم المدن في المنطقة وهذا ما  أثبته علماء الآثار من خلال إكتشاف العديد من المعالم الآثرية أسفل المباني المقامة حاليا.

وكشف أن مدينة غزة كانت على علاقة متينة مع الأنفاق منذ زمن بعيد وذلك بسبب الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة، حيث اعتمد الإسكندر الأكبر على بناء الأنفاق حول المدينة لإغراقها بالمياه بهدف هدم أسوارها وذلك بعدما عصت عليه لفترة طويلة، وبيّن أن غزة تمتلك سمات المدن الكبرى بحيث شكلت تاريخيا مملكة منفصلة.

وأضاف د. السقا أن الفترة الذهبية للمدينة تمثلت بالعصر المملوكي وما تزال آثاره بارزة إلى يومنا هذا، وبيّن أن دخول الإستعمار البريطاني عام 1917 رافقه ثلاث معارك على حدود مدينة غزة كلفت الجيش البريطاني ما بين 6-8 آلاف قتيل، وهو أكبر رقم خسره الجيش البريطاني خلال المواجهات المباشرة في المنطقة، وأكد أن قرار العثمانيين بتحويل مدينة غزة لخط حربي كان له الأثر الأبرز بتغيير خارطة المدينة حضريا.

وأوضح أن هذا القرار أسفر عن هجرة آلاف العائلات الفلسطينية، وأشار إلى أن الإستعمار تسبب بهدم عشرات المعالم الآثرية وهذا يفسر غياب الإرث المعماري القديم عن المدينة الحالية، مبيناً أن إنبهار الفلسطينيين بالنظام المعماري الغربي ساهم بتغيير معالم القطاع حيث بدأ الجيش البريطاني بوضع مخططات عمرانية جديدة ركزت على التخطيط الفراغي الخارجي، وذلك لتسهيل حركة مرور الجيش والمركبات العسكرية.

وكشف د. السقا أن البريطانيين لم يطوروا ميناء غزة البحري، وذلك بسبب تكلفة بناءه المرتفعة والمسافة البحرية القريبة بين غزة وميناء يافا، وأكد أن الإستعمار البريطاني اكتفى ببناء بعض السكك الحديدية لربط المدينة بغيرها من المدن، أما المشاريع الداخلية فتركت مهمتها للبلدية حيث شهدت تلك الفترة نشاط تجاري وإقتصادي كبير وما يدل على ذلك هو الريع الضريبي الضخم الذي كانت تدفعه البلدية للمستعمر البريطاني.

وأشار إلى أن الإستعمار عمد على تقليص حجم المدينة وتوسيعها بحسب رؤيته ومصالحه الخاصة، وأكد أن عودة آلاف العائلات المهجرة إلى المدينة ساهم بشكل كبير بتوسيع حدودها تدريجيا، مما دفع البلدية لبناء ضواحي جديدة حول المدينة الأصلية، وأوضح أن البلدية بدأت بتحديث المدينة من الأعلى إلى الأسفل حيث شرعت بالبداية بإدخال الكهرباء وتعزيز البنية التحتية وقطاع الصرف الصحي، وأكد أن الحاكم البريطاني تدخل طيلة فترة حكمه بالقوانين الداخلية للمدينة، حيث كان يحدد نوعية الممارسات والمخالفات والأنشطة المختلفة.