لماذا غابت الجامعات الفلسطينية عن تصنيف QS لأفضل خمسين جامعة عربية؟

تداولت بعض وسائل الإعلام المحلية خلال الأيام الأخيرة خبراً مفاده بأن تصنيف QS المعروف عالميا قد صدرت عنه قائمة بأفضل خمسين جامعة عربية، وبأن القائمة خلت من أي جامعة فلسطينية، واسترسل بعضها في انتقاد الجامعات المحلية وإلقاء اللوم عليها بسبب ذلك. ومع أن الإنتقاد قد يكون له مسوغات في بعض الشؤون، إلا أنه في هذا الشأن بالذات ليس مبررا كونه اتسم بالتسرع، وافتقر للتدقيق في تفاصيل التصنيف المذكور، وقفز بالتالي لاستنتاج مغلوط. فخلو القائمة من الجامعات الفلسطينية هو أمر مرتبط في المكان الأول باستثناء فلسطين –إلى جانب دول عربية أخرى- من هذا التقييم, ولم يتأتى من مقارنة الجامعات الفلسطينية مع مثيلاتها العربية.استناداً لما يورده موقع QS حول ملابسات التصنيف وتفاصيله (http://www.iu.qs.com/arab-region-rankings) فإن عملية التصنيف للجامعات العربية الوارد ذكرها قد تمت لأول مرة خلال العام الحالي بشكل مصغر وتجريبي واشتملت على اثنتي عشرة دولة عربية ليست فلسطين بينها، بعد استشارة ما يزيد على مئة من الاكاديميين في المنطقة العربية الذين حضروا اجتماعاً تم تنظيمه في أبو ظبي خلال شهر أيار الماضي. وقد تم تقرير مواقع الجامعات في هذا التصنيف بناءً على تسعة معايير، يتوقع أن يضاف إليها معيار عاشر -يتعلق بالمنشورات باللغة العربية- مستقبلاً. أما المعايير التسعة التي تم الاستناد إليها ووزن كل منها فهي (http://www.iu.qs.com/arab-region-ranking-methodology):السمعة الأكاديمية (30%) ، والذي يتقرر تبعا لبيانات مسحية يشترك فيها شخصيات أكاديمية.سمعة المستخدم (20%) ، وهذا أيضا يتقرر تبعا لبيانات مسحية يشترك فيها أرباب عمل.نسبة الأساتذة للطلبة (20%).تأثير الموقع الإلكتروني استناداً لمعطيات ويبومتركس (10%).نسبة المدرسين الأجانب (2.5%).نسبة الطلبة الأجانب (2.5%).نسبة حملة الدكتوراة من الكادر التدريسي (5%).معدل الإقتباسات للمقالة الواحدة (5%).معدل المقالات المنشورة لعضو الكادر الأكاديمي (5%).بالنسبة للمعيارين الأول والثاني، وهما الأهم والأكثر وزنا، فإن تحديدهما يعتمد على مسح عالمي يورد الموقع بعض تفاصيله، ولكن من الملاحظ أن فلسطين ليست في قائمة الدول التي يشملها المسح، مما يعني أن يغيب تلقائياً عن الجامعات الفلسطينية خمسين بالمئة من الوزن الكلي للتصنيف نتيجة لذلك، وهو ما يترتب عليه غياب هذه الجامعات من التصنيف. وفي هذا المضمار فهناك حاجة للبحث -ربما من طرف جهة مركزية حكومية- في أسباب غياب فلسطين عن قائمة الدول المشمولة بالمسح، إلى جانب ما يمكن أن تقوم به الجامعات المعنية من استفسارات وأنشطة من وراء الكواليس.أما فيما يتعلق بالبنود من الثالث وحتى السابع، فالمعلومات ذات الصلة من السهل توفيرها وإتاحتها، ولا يوجد ما يسوغ استثناء الجامعات المحلية في هذه الجزئيات.بالنسبة للبند الثامن، وبناء على معطيات موقع SCImagoJR فإنه وبالرغم من كون فلسطين تقبع في مراكز متأخرة من ناحية العدد الكلي للمقالات العلمية المنشورة، إلا أنها تحتل المرتبة الخامسة عربيا في معدل الإقتباسات للمقالة الواحدة، مما يعني أن الجامعات الفلسطينية حاضرة في هذا الجانب، علما بأن القائمين على التصنيف في مؤسسة QS يعتمدون على المعطيات المتوفرة من طرف قاعدة معلومات SCOPUS وهي الجهة التي تطلق SCImagoJR.أما فيما يخص البند التاسع فلا توجد إحصائيات دقيقة وشاملة على مستوى الجامعات المحلية حوله، ولكن المعطيات التقريبية تشير إلى أن المعدل السنوي قد لا يتعدى واحد بالعشرة في أفضل الحالات، وهذا رقم متواضع جدا قياسا بالمعطيات العالمية، ولكنه ليس من الواضح مدى قرب أو بعد هذا الرقم عن ما هو موجود في الجامعات العربية في ظل عدم توفر معطيات مقارنة بين تلك الجامعات.ختاما، من الممكن المحاججة في دقة هذا التصنيف وأوزان معاييره وبوجه عام فإن هذا التصنيف وما شاكله لا يجب أن يكون مقصودا لذاته، سيما وأن الأمر يشوبه شيء من الجانب الدعائي الذي قد لا يعكس بالكامل الوضع الحقيقي للجامعات العربية، خصوصا الثرية منها. إلا أن مثل ذلك لا يستدعي اسقاط مثل هذه التقييمات والتصنيفات من الحساب، بل يستوجب الحرص على تطوير الأداء على صعيدي جودة التعليم والبحث العلمي، على مستوى العضو الأكاديمي، ومستوى الجامعة، والمستوى الحكومي، كل حسب دوره وموقعه. ولعل من أبجديات تطوير الأداء هو بلورة قواعد بيانات ومعلومات محلية تخص موجودات البنية التحتية، والإنتاج العلمي والبحثي من أجل تشخيص الواقع المحلي بشكل مهني كمقدمة للعمل على الإرتقاء به.د. طلال شهوانعميد الدراسات العليا - جامعة بيرزيت