ندوة تحليلية حول الهبة الشعبية في مصر

  عقدت دائرة العلوم السياسية ونادي العلوم السياسية  اليوم الأربعاء 2 شباط 2011، ندوة عامة حول "الهبة الشعبية في مصر"، شارك فيها عميد كلية الحقوق والإدارة العامة د. صالح عبد الجواد والمحاضر في دائرة العلوم السياسية د. عبد الرحمن الحاج إبراهيم ، حضرها حشد من طلبة وأساتذة الجامعة.

وأوضح د. عبد الجواد في مستهل محاضرته أن الهبة الشعبية في مصر الآن تختلف عن الهبات المصرية السابقة والتي كان آخرها عام 1977، فهي لم تكن من اجل لقمة العيش بل طوق للحرية والعزة الوطنية والكرامة الشخصية، فالشعب المصري يشعر بالذل وإهدار للسيادة الوطنية كغيره من الشعوب العربية.

وأشار د. عبد الجواد أن ما يفسر السقوط السريع للرئيس مبارك ليس حركة الشارع فقط، وإنما إنهيار النظام الحاكم من داخله، فمصر تعاني من الفساد السياسي سواء من حيث توريث الحكام لأبنائهم و تزوير الإنتخابات  وتعطيل تداول السلطة بمختلف الوسائل الشرعية وغير الشرعية، وانتشار الزبائنية.

واستعرض الأسباب التي كانت وراء اشعال فتيل الهبة الشعبية، كانسداد الآفاق لقطاعات واسعة من الشباب وخاصة فئة الجامعيين، ونهب آراضي الدولة وتقسيمها على رجال الأعمال والضباط كما في عهد الإقطاعيين، ومزاحمة السلالة الحاكمة للمستثمريين وتجريد الاقتصاد من مقوماته، إضافة إلى شعور الشعب بالخوف من المديونية العالية وتآكل الميزانيات، فمصر من أكثر الدول مديونية بعد المكسيك.

وأضاف: لطالما عمل مبارك على تضخيم أنظمة الأمن وابتلاعها لجزء كبير من الميزانية، إلا انه لم يكن معولاً على الجيش، فقد عمل على زيادة عدد قوات الأمن المركزي ليصل عددهم إلى مليون ونصف على حساب أعداد الجيش التي وصلت إلى 400 الف جندي فقط. كما أنه في الوقت الذي يتم فيه تعبئة الجيش لحماية الأمن الوطني، يتم تعبئة الأمن الداخلي لقمع الشعب.

وقال أن مصر تعاني ممن الإنفجار السكاني وترييف المدن، فالقاهرة مثلاً يقطنها في الليل 18 مليون شخص، 8 مليون منهم يعيشون في العشوائيات، كما لم تعد البنى التحتية قادرة على الإستجابة لهذا العدد من السكان.

وأكد د. عبد الجواد أن الإسلاميين لم يشعلوا فتيل التحرك، بل أن الشباب ومن مختلف الفئات الإجتماعية كانوا قادة هذه الهبة، فكان هناك تحالف بين قوى الشعب العامل، مشيراَ أن مبارك حاول في بادىء الأمر أن يبرهن أن الثورة تعني الفوضى خاصة بعد انسحاب رجال الأمن، لكن كان هناك وعي سريع لدى الشعب قادته قيادة لامركزية خلقت روح جديدة. داعياً إلى مراعاة الشعب طبيعة الشعارات التي يحملونها، سواء عن امريكا أو اسرائيل فأي نظام قادم مضطر مثلاً للتعامل مع كامب ديفيد.

من ناحيته استعرض د. إبراهيم تاريخ تأسيس ونشأة الجيش المصري، موضحاً أنه لحين قيام ثوة الضباط الأحرار في 22 يوليو 1952 وقدوم جمال عبد الناصر لسدة الحكم، لم يتول مصر أي زعيم من أصول عربية.

وأوضح أن الجيش المصري وبعد توقيع كامب ديفيد لم يعد جيش عقائدي عروبي، وإنما بدأ بالتحول إلى حماية الشرعية والممثلة بشخص الرئيس داخل القطر المصري.

واكد د. إبراهيم أنه لا يمكن توصيف الوضع القائم على انه ثورة، فالملايين الموجودة في الشوارع ما زالت ليست صاحبة السيادة الشعبية.

وقال ان الجيش الأن في موقف لا يحسد عليه، رغم الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه فالجيش المصري هو الجيش العاشر في العالم يقوم على 400 الف جندي منتظم و250 الف جندي احتياط، عدا عما يتمتع به من القدرة على التعبئة العالية التي تصل إلى 6 دقائق، فهو جيش محترف ولديه استراتيجية.

وأضاف: الموضوع ابعد من أن يحسم الجيش الموقف، فهو ما زال مرتبط بالنظام الحاكم كما أن معظم الرموز الموجودة في نظام الحكم تنتمي للجهاز العسكري.