ندوة إلكترونية تناقش مساهمة معهد دراسات المرأة في قانون حماية الأسرة من العنف

عقد معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت مساء يوم الاثنين 27 تشرين الأول 2020، ندوة إلكترونية عبر منصة زوم (Zoom) لنقاش مساهمة المعهد حول قانون حماية الأسرة من العنف. وكان المعهد قد أصدر ورقةً تشكّل مساهمة في النقاش المجتمعي الدائر حول مسوّدة حماية الأسرة من العنف وحول العنف الأسري في المجتمع الفلسطيني.

شارك في الندوة كلٌّ من د. إصلاح جاد، أستاذة مشاركة في قضايا النوع الاجتماعي وفي العلوم السياسية في معهد دراسات المرأة وفي دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية بالإضافة إلى برنامج الدكتوراه في العلوم الاجتماعية؛ ود. ريما حمامي، أستاذة مشاركة في الأنثروبولوجيا وفي قضايا النوع الاجتماعي في معهد دراسات المرأة بالإضافة إلى برنامج الدكتوراه في العلوم الاجتماعية؛ ود. تحرير الأعرج، عضوة الائتلاف الوطني لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف والمديرة التنفيذية لمؤسسة "مفتاح" كما أنها محاضِرة غير متفرّغة في جامعة بيرزيت؛ ود. نادرة كيفوركيان، مختصّة في علم الإجرام وتتمحور أبحاثها حول علم النفس الاجتماعي والقانون والمجتمع والعنف المبني على النوع الاجتماعي وغيرها من القضايا. وقد أدارت اللقاء الأستاذة رلى أبو دحو وهي مديرة معهد دراسات المرأة ومحاضِرة في دراسات المرأة.

في بداية اللقاء عبّرت د. إصلاح جاد عن تقدير المعهد لكل الجهود التي بذلتها المؤسسات النسوية والاجتماعية المختلفة والشرطة ومؤسسات السلطة لإقرار أو محاولة إخراج قانون حماية الأسرة من العنف، مشيرةً إلى أن الورقة قد قامت بناء على مراجعة كل المواقف المؤيدة والمعارضة للقانون. وقالت جاد إن الورقة حاولت البحث في "الفرضيات النظرية التي يمكن أن تؤدي إلى تصلّب في المواقف التي قد تمنع أو تعيق الحوار من أجل إيجاد أرضية مشتركة كحد أدنى في هذا الخصوص." فالمعهد يرى أن الإشكالية في مقاربة قضية العنف ألأسري في فلسطين تكمن في التركيز على فكرة "الثقافة الأبوية" والتفسيرات الدينية المجتزأة، أي التركيز على الثقافة بدلا من محاولة فهم وتفسير العنف الأسري ضمن سياق العلاقات السياسية الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، بمعنى تناول موضوع العنف انطلاقا من أسباب ثقافية وليس من أسباب اجتماعية سياسية واقتصادية وغيرها وفي أنه قد يتم تناول العنف بشكل منفصل عن سياق العنف العام في المجتمع. هذا إضافةً إلى مشكلة التعامل مع السلطة باعتبارها ذات سيادة وقادرة على إنفاذ القوانين بمجرد وضعها وكأن المشكلة تكمن فقط في غياب النص القانوني. ثم استعرضت جاد أهم التوصيات التي خرجت بها ورقة المعهد والتي من ضمنها: ضرورة الخروج من الثنائيات الثابتة من قبيل "رجل معتدٍ/امرأة ضحية"، العادات والتقاليد والثقافة "المتخلّفة"/ حداثة تقديمة وغيرها؛ والدعوة للنظر للرجال كشركاء في مواجهة أشكال العنف المتنوعة؛ مع التركيز على أهمية الخروج من أسر الخطاب المبني على المواثيق الدولية والانطلاق من الواقع الفلسطيني، وغيرها من التوصيات.  

أما د. نادرة كيفوركيان فقد أشارت في مداخلتها إلى أنها ستنطلق من محورين أساسيين: الأول هو "المسؤولية الأخلاقية للمجتمع والمصلحة الفُضلى للضحية، فقانون حماية الأسرة من العنف يتمحور حول الضحية وهو لحماية المجتمع من العنف، وليس فقط المرأة، وهنالك حاجة لمنطلق أخلاقي على أرضية توافقية، ولذلك عند طرح القانون يجب أن يكون المعيار الأخلاقي واضحاً ومتفقاً عليه ضمن إطار تربوي أخلاقي تدعمه المجتمعات ومبنيّاً على زمرة من السياسات لإنفاذ القانون." وتساءلت كيفوركيان حول "كيف نطور البوصلة الأخلاقية من أجل إيجاد إطار قانوني ثقافي ديني نسوي سياسي يحمي أُسرنا من العنف". وتحدثت حول المحور الثاني المتمثل في الجانب السياسي التنازعي التأويلي للقانون، وتساءلت في ختام مداخلتها "هل هناك منظومة قانونية اجتماعية أخلاقية ثابتة، وكيف بإمكاننا إرساء ردع للعنف إذا كانت ردة الفعل تجاه القانون في كثير من الأحيان فيها الكثير من العنف وكيف يمكننا طرح قانون إذا كان أسلوب طرحه يتضمن عنفاً."

من جهتها، تحدثت د. تحرير الأعرج عن أهم القضايا التي يجب أن تتضمنها مسودة قانون حماية الأسرة التي "بُنيت على سلسلة من المشاورات منذ عام 2004 حتى 2020 بين المؤسسات والأطر نسوية والوزارات ذات الاختصاص وفي البداية كان المطلب حماية المرأة من العنف وانتهى بنا الأمر إلى تبنّي مسودة قانون حماية الأسرة من العنف." ركّزت مداخلة د. الأعرج على تفنيد بعض الفرضيات الإشكالية التي تقوم عليها المسودة المذكورة في ورقة المعهد، مُشيرةً إلى أنه لا يمكن تحميل المسودة وزر التعامل مع عنف السلطة والاحتلال، كما أن قضايا الفقر والبطالة يمكن محاربتها من خلال سياسات اقتصادية عادلة تقلل من هيمنة السوق ومن السياسات النيوليبرالية والتمكين الاقتصادي للفئات الأكثر تهميشاً وليس من خلال مسودة قانون حماية الأسرة من العنف.  وفي المقابل، لا تقتصر مسودة القانون المقترح على معالجة العنف ضد المرأة وإنما تشمل العنف الذي يطال أفراد الأسرة من الذكور، مؤكّدةً على أن المسودة تستند فقط إلى القانون الأساسي وإعلان الاستقلال. وهذه المسودة تأتي لمعالجة القصور الحاصل في قانون العقوبات تجاه هذه الجرائم والانتهاكات سواء في غزة أو في الضفة الغربية. اختتمت الأعرج مداخلتها بالمطالبة بتضافر الجهود المجتمعية في هذا المضمار وتحميل الأحزاب السياسية مسؤولية أخلاقية في أخذ موقف واضح وصريح من هذه المسودة.

وأخيرا تم فتح باب النقاش وكانت المداخلات الكثيرة والمتشابكة منقسمة بين مدافِعة عن مسودة قانون حماية الأسرة من العنف ورافضة لها مفنّدةً أسباب رفضها لها.

جدير بالذكر أن عدداً كبيرا من ممثلات المؤسسات النسوية والمجتمعية بالإضافة إلى شخصيات في الشرطة وفي المؤسسات الحكومية قد شاركوا في الندوة وفي النقاشات بفعالية عالية.