معرض فني في متحف الجامعة يوثق مذبحة كفر قاسم

ستة عشر لوحة فنية تسرد بقوالبها الفنية المختلفة مذبحة جرت في عام 1956 في قرية كفر قاسم الواقعة داخل الخط الأخضر "فلسطين 48"، للفنانة التشكيلية الفلسطينية سامية حلبي في معرضها الذي يحتضنه متحف جامعة بيرزيت، حيث تحيي الفنانة بألوانها وفرشاتها شجون أبناء هذه القرية التي لم تبددها ستة عقود من الزمان.

اعتمدت الفنانة في معرضها الذي افتتح يوم الأربعاء 22 شباط 2017 ويستمر حتى نهاية أيار المقبل، على ما جرى في قرية كفر قاسم من قتل لتسعة وأربعين فلسطينيا، وتكتب إلى جانب كل لوحة تفصيلا لما جرى من حيث أسماء الشهداء والمصابين والناجين وكيف حدث كل ذلك، وكل اللوحات مرسومة بالقلم الرصاص وعدد قليل منها بالفحم وأخرى بأقلام الشمع الملونة.

وقالت الفنانة الفلسطينية "بدأت العمل على هذا المشروع منذ العام 1999، وزرت كفر قاسم واستمعت إلى العديد من الشهادات عما حدث وقرأت الكثير مما كتب حول هذه المجزرة"، مشيرة إلى أن الرسومات لوحدها بدون الكلمات ليس لها قوة.. وقوة الرسومات تأتي من الكلمات والشهادات التي سمعتها من الناس.

وأضافت "كل الرسومات لها تأثير، ولكن ربما تلك اللوحة التي تروي حكاية قتل مجموعة من النساء، تركت أثرا كبيرا في نفسي". حيث  تظهر في اللوحة المرسومة بالفحم، والتي توثق مقتل 13 سيدة، مجموعة من النساء يقفن إلى جانب بعضهن ومن ضمنهن سيدة حامل بعنوان "موجة القتل التاسعة".

وقسمت سامية عمليات القتل التي شهدتها كفر قاسم إلى تسع مجموعات، ووثقت بعض المجموعات في أكثر من لوحة. وأوضحت أنها اعتمدت في رواية الأحداث على نمط السرد الذي استخدم سابقا من قبل إميل حبيبي في كتابه "في الذكرى العشرين لمجزرة كفر قاسم.. كفر قاسم المجزرة السياسية".

وتوظّف الفنانة حلبي الرسم التوضيحي كطريقة لتوثيق حدث تاريخي بارز في مسار القضية الفلسطينية، ضمن بحث لسنوات اعتمدت خلاله على قصص الناجين الذين سجّلت شهاداتهم، إضافة إلى مواد صحافية وأرشيفية أرخّت للمجزرة. وتقدّم حلبي هذه اللوحات كعنصر في توثيق الحدث، لا بوصفه جزءاً من إنتاجها الفني، ما يشير إلى مفهوم تتبّناه الفنانة وتفصل فيه بين ما هو فنّ وما تعتبره توثيقاً، وفق تجربتها التي كرّستها للعمل الفني والنشاط السياسي بشكل متوازٍ، بحسب البيان الصحافي حول المعرض والذي وزعه متحف جامعة بيرزيت على الحضور.

ويتضمّن المعرض ثلاثة أعمال بالأكريليك من لوحات الفنانة المنجزة حديثاً، من مجموعة "فضاءات مضيئة"، كما أطلقت  كتابها "رسم مذبحة كفر قاسم"، الذي صدر مؤخرا عن دار شيلت في أمستردام، ويحتوي كافّة الشهادات والوثائق والرسوم مع شروحاتها التي اشتغلت عليها خلال بحثها البصري والتأريخي.

وقال نائب رئيس الجامعة للشؤون المجتمعية د. عاصم خليل خلال افتتاح المعرض، إن إفتتاح هذا المعرض  يقدم فرصة استثنائية أمام الطلبة لنقاش مفاهيم الهوية، والتاريخ والذاكرة  في فضاء ثقافي مهم كمتحف جامعة بيرزيت والذي يمثل أهم توجهات المتحف.

وأضاف: "نفخر بالعلاقة التاريخية والمميزة التي جمعتنا بسامية حلبي عبر سنوات، ونشعر بالامتنان لدورها الهام في إثراء مجموعة جامعة بيرزيت الفنية، سواء أكان ذلك بتبرعها  بأعمالها الفنية القيمة،أو لاسهامها في جمع أعمال فنية من فنانين آخريين".

وكانت حلبي قد التقت قبل افتتاح معرضها برئيس الجامعة د. عبد اللطيف أبو حجلة وأهدت مجموعة جديدة من  أعمالها لجامعة بيرزيت إيماناً منها بضرورة جعل أعمالها متاحة لجمهور أكبر من الطلبة،  ولتبقى أعمالها حول كفر قاسم تحديداً حاضرة في وجدان الأجيال القادمة.

وقدم د. أبو حجلة شكره للفنانة حلبي على عطائها الدائم، متمنياً لها كل التوفيق في تقديم رسالتها الإنسانية والفنية لفلسطين والعالم.

يُذكر أن سامية حلبي تقيم في الولايات المتحدة، وتتوزّع تجربتها بين الرسم والبحث والتدريس الأكاديمي، وصدر لها أبحاث عديدة؛ من بينها: "فن تحرير فلسطين: الرسم والنحت الفلسطيني في النصف الثاني من القرن العشرين".