معهد الحقوق يعقد لقاءً قانونياً حول "مشاريع الضم: الأبعاد السياسيّة والقانونيّة"

عقد معهد الحقوق يوم الأربعاء الموافق 10 تموز 2020، وبدعم من مؤسسة كونراد أديناور، لقاءً قانونياً بعنوان "مشاريع الضم: الأبعاد السياسيّة والقانونيّة"، وذلك عبر برنامج زووم. تحدث فيه كل من: مديرة وحدة الأرض والتخطيط في مركز عدالة المحاميّة سهاد بشارة، ومنسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان والأستاذ جمال جُمعة، ومدير مركز عدالة ولمحامي حسن جبّارين، وذلك ضمن سلسلة لقاءات بيرزيت القانونية التي يعقدها المعهد في الضفة الغربية وقطاع غزة.

قدمت بشارة في مداخلتها تحليلاً للأبعاد القانونيّة لعمليّة الضم المتوقعة، مشدّدة على فكرة أنّ المقولة السائدة التي يكثر تداولها بأنّ الضم لن يغير من واقع الحال في الضفة الغربيّة، ذلك لأن الضم هو جوهر المشروع الصهيوني، وهو سياسة وعمليّة قديمة ومستمرّة ولا يوجد أي جديد فيها، وإن كانت صحيحة إلا أنّها غير دقيقة. فالضم الذي سيتم، بغض النظر عن حجم المساحة التي سيتم ضمها، سيحمل معه جعبة كبيرة من القوانين العنصريّة، ويمدّ تطبيقها إلى الأجزاء التي سيتم ضمها، ومن السهل على الفلسطينيين تصوّر ما سينتج عن تطبيق هذه القوانين من تهجير على نطاق واسع وإفقار للشعب الفلسطيني.

وفي سياقٍ متصل ركزّت بشارة على ضرورة إيلاء أهميّة قصوى لما يُمثلّه خطاب الضم، على مستوى القانون الدولي. فخرق إسرائيل لمنظومة القانون الدولي في الضفة الغربيّة هو أمر اعتدنا عليه، لكن السير نحو الضم بهذا الشكل العلني، حتى وإنْ لم يُنفّذ هذا المشروع فعلاً خلال الفترة القريبة القادمة، يجب أن يطرح تساؤلات جديّة حول كيفيّة التعامل مع النظام الإسرائيلي، وكيفيّة تأطير وتحليل وطرح مُمارسات إسرائيل في الضفة الغربيّة، وكيفيّة تعريفنا مع هذه المنظومة ككل. فبخلاف ما يتم طرحه عادةً من خروقات عينيّة للقانون الدولي، فإنّ الحديث عن مخطط للضم، يجعل من الاستيطان فعلاً ممنهجاً مستمرّاً تسير فيه الحكومة الإسرائيليّة في خطٍ مستقيم دون رجعة.

أمّا الأستاذ جمال جُمعة فعرض في مداخلته خارطة من إعداد "يان دي يونغ" الذي يُعد من أهم خبراء الخرائط الجغرافيّة، حيث تم إعداد هذه الخارطة منذ مطلع هذا العام، بالاستناد إلى خرائط الرئيس ترامب والملفات التي تم نشرها في الآوانة الأخيرة، كما قدّم الأستاذ جمال شرحاً للواقع الجغرافي للمشروع الاستعماري في الضفة الغربيّة، الذي بدأ منذ احتلال الضفة الغربيّة عام 1967، مبينًا في ذات الوقت المناطق المستهدفة بالضم، والأضرار الاقتصاديّة الكبيرة التي ستلحق بالفلسطينيّين بحال تم الضم فعلاً.

أمّا المحامي حسن جبّارين فقد بدأ مداخلته بالتأكيد على ما سبق وذكرته المحامية سُهاد بشارة في مداخلتها، من أنّ مسألة الضم على أرض الواقع (De Facto)، هي أمر موجود. موضحاً أن الأمر المستجد في هذه المرحلة، هو أنّ الضم الذي يجري الحديث حوله، هو ضم استناداً لقانون، أي تبني خطوة قانونيّة واضحة بهذا الخصوص. لذا فإنّ جل النقاش الدائر يتمحور حول هل ستقدم إسرائيل على سن قانون واضح وصريح تعلن من خلاله على الملأ، أنّ أجزاءً من الضفة الغربيّة قد أصبحت جزءاً من دولة إسرائيل، ولها سيادة عليها؟ هذه هي النقطة التي تُثير كل هذا الجدل والصخب.

كما تطرق الأستاذ جبارين في مداخلته إلى طبيعة الثقافة القانونيّة الإسرائيليّة، معتبرًا أن خطوة الضم ستتناقض مع الثقافة القانونيّة بشكل جوهري، وقد تكون نذيراً بتغيّر شكل المنظومة القانونيّة الإسرائيليّة. لذلك جلّ الحديث الدائر حاليّاً هو حديث حول قانون: هل سيتم الضم بقانون أو بدون قانون؟ وإن تم بقانون هل يعني ذلك أنْ إسرائيل تحولت لتصُبح مثلها مثل دولة الأبرتهايد في جنوب إفريقيا وتتجه نحو "قوننة العنصريّة"؟ أم أنّها ستستمر في الثقافة "البنغوريونيّة" – إفعل ولا تعلن ذلك، لا تُدخِل القانون في الأمور الإثنيّة؟

ويخلُص الأستاذ حسن في مداخلته إلى أنّه سيكون هناك معارضة جديّة، داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، لمشروع الضم. أمّا الجانب الدولي، إذا ما استثنينا الولايات المتحدّة الأمريكيّة التي تؤيد الضم، فيرى فيه إسقاط للمشروع الأوروبي؛ المبني على مبدأ واحد "دولتان لشعبين". وعلى صعيد الموقف الفلسطيني، فيتوقع الأستاذ حسن، أنّ الضم إنْ حدث سيُحدث تغييراً في الخطاب الفلسطيني؛ فالضم من شأنه أنْ يُعيد الأمور إلى ما كانت عليه في ستينيّات القرن الماضي – لا وجود لدولة فلسطينيّة.