لقاء قانوني في معهد الحقوق حول الإطار القانوني الناظم للعمل التعاوني في فلسطين

عقد معهد الحقوق في جامعة بيرزيت، الإثنين 9 كانون الأول 2019، وبدعم من مؤسسة "كونراد أديناور"، وبالتعاون مع برنامج ماجستير القانون في كلية الحقوق والإدارة العامة، لقاءً قانونياً بعنوان "الإطار القانوني الناظم للعمل التعاوني في فلسطين" ضمن سلسلة لقاءات بيرزيت القانونية التي يعقدها المعهد في الضفة الغربية وقطاع غزة.

واستضاف اللقاء المستشار القانوني في هيئة العمل التعاوني د. كمال الشافعي، والمساعد القانوني في هيئة العمل التعاوني بنان طنطور، ورئيس دائرة العلوم الاجتماعية والسلوكية في جامعة بيرزيت د. علاء العزة.

وأوضح الباحث القانوني في معهد الحقوق جميل سالم في افتتاح اللقاء أنه يأتي ضمن سلسلة لقاءات يعقدها معهد الحقوق ضمن مشروع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن العديد من دول العالم تعتمد بنسبة كبيرة على العمل التعاوني في تنمية اقتصادها.

بدوره أشار رئيس برنامج ماجستير القانون في كلية الحقوق والإدارة العامة د. محمد القيسي إلى أن العمل التعاوني يمثل رافعة حقيقية وأساسية للاقتصاد الوطني، مؤكداً على أن العمل التعاوني في فلسطين يشهد في الآونة الأخيرة تقدماً كبيراً، حيث أنشئت العديد من الجمعيات التعاونية، لذا كان من الضروري تسليط الضوء على الإطار القانوني الناظم للعمل التعاوني في فلسطين.

أما د. كمال الشافعي فتحدث في مداخلته عن مفهوم العمل التعاوني، مشيراً إلى أن العمل التعاوني يعتبر ثالث أهم قطاع في الدولة بعد القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وأن تجارب الدول في العمل التعاوني أثبتت أهمية هذا القطاع وتأثيره الكبير على اقتصاد الدول. ولفت إلى أن العمل التعاوني هو نوع من أنواع التشارك بين عدد من الأشخاص، وأن هذا التشارك بحاجة إلى إطار منظم يتمثل في جمعية منحها القانون الشخصية الاعتبارية، وتضم هذه الجمعية في عضويتها كل الأشخاص الذين لديهم احتياج أو طموح مشترك، سواء اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي، مشيراً إلى أن هذه الجمعية تكون مملوكة على الشيوع بين أعضاء الجمعية، وتدار بصورة ديمقراطية، وتمول ذاتياً من قبل أعضائها.

وأكد الشافعي أن هناك ثلاث وثائق دولية تمثل المحور الأساسي في الجمعيات التعاونية، أهمها وثيقة الحلف التعاوني الدولي، وهي أول وثيقة وضعت تعريفاً محدداً للجمعية التعاونية، والمبادئ التعاونية، ومن هذه المبادئ، المساعدة ذاتية، المسؤولية ذاتية، الديمقراطية، المساواة، الإنصاف، التضامن، والمسؤولية الاجتماعية.

ومن ثم انتقل الشافعي للحديث عن الإطار القانوني الناظم للعمل التعاوني في فلسطين، مشيراً إلى أن المداولات حول إصدار قانون ينظم العمل التعاوني في فلسطين بدأت منذ العام 1996، إلا أن إصدار القانون كان في العام 2017 حيث صدر القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 بشأن الجمعيات التعاونية، والذي نص على إنشاء هيئة العمل التعاوني. ويرى الشافعي أن التجربة الفلسطينية في إدارة هيئة العمل التعاوني هي تجربة فريدة، فهي إدارة مشتركة بين الحكومة والهيئة والجمعيات نفسها.

من جانبها قامت الأستاذة بنان طنطور باستعراض القرار بقانون بشأن الجمعيات التعاونية، حيث أشارت إلى أن القرار بقانون ركز بشكل أساسي على ثلاثة محاور، أهمها تعريف العمل التعاوني، والمبادئ العامة للعمل التعاوني، إنشاء هيئة العمل التعاوني وتنظيمها، وإدارتها، والمهام المناطة بها. بالإضافة إلى معالجته الأحكام الخاصة بإنشاء الجمعيات التعاونية، وإدارتها، وعضويتها، والرقابة عليها، وتصفيتها.

بعد ذلك، تناول الشافعي إشكاليات العمل التعاوني في فلسطين، مؤكداً على أن هناك إشكاليات تتعلق بالقانون الناظم للعمل التعاوني، فالقرار بقانون بشأن الجمعيات التعاونية نص على إلغاء كافة القوانين واللوائح التي كانت تنظم العمل التعاوني في فلسطين، فأصبح هذا القانون هو الإطار القانوني الوحيد الناظم للعمل التعاوني، مما ترك فراغاً قانونياً في بعض المسائل ذات العلاقة التي أحال القرار بقانون تنظيمها للائحة أو نظام يصدر عن مجلس الوزراء. هذا فضلاً عن وجود تعارض بين نصوص القانون نفسها. وفي نهاية مداخلته، أكد الدكتور كمال أن الإشكالية الأساسية في العمل التعاوني في فلسطين تتمثل في التمويل الخارجي، فالعمل التعاوني يعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي ورغبة الممول، الأمر الذي دفع ببعض الجمعيات إلى العمل في مجالات تختلف عن الأهداف المحددة لها.

وفي نهاية اللقاء، أكد د. علاء العزة على أن القرار بقانون بشأن الجمعيات التعاونية لم يُعطَ بُعد محلي يتناسب مع الوضع الفلسطيني وحالة الاحتلال المفروضة عليه، مشيراً إلى أن تحديد نمط الجمعيات التعاونية في فلسطين يجب أن يكون من خلال تحديد الاحتياجات الأساسية في المجتمع الفلسطيني، وربط العمل التعاوني في مواجهة الحالة الاستعمارية في فلسطين، فالأصل أن التفكير في أي إطار قانوني ناظم لأي مسألة يجب أن ينطلق ابتداءً من تحديد احتياجات المجتمع وصولاً إلى وضع إطار قانوني ناظم للعمل التعاوني في فلسطين.

وفي الختام، تم فتح باب النقاش الذي تخلله العديد من الأسئلة والمداخلات.