جائزة ياسر عرفات 2018.. إنجاز آخر تسجله جامعة بيرزيت

واصلت جامعة بيرزيت حصد نتائج إنجازاتها الأكاديمية ومساهماتها المجتمعية، بفوزها بوسام ياسر عرفات للإنجاز، الجائزة التي تقدمها مؤسسة الرئيس الراحل ياسر عرفات، في الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيله.

ويأتي هذا الفوز تكريماً لماضي الجامعة الذي ينير دربها لتحافظ على مكانتها العالمية بعد أن صنفت بين أفضل 3% من جامعات العالم، وفقاً لـ"QS" أحد أهم تصنيفات الجامعات حول العالم.

 

من نبيهة ناصر إلى عرفات

غرست نبيهة ناصر جذور مدرسة بيرزيت الإبتدائية للبنات سنة 1924 لتجمع تحت ظلها فتيات قرية بيرزيت ومحيطها. نمت زيتونة بيرزيت وتوسع ظلها وتجمعت تحتها أعداد أكبر، وأصبحت المدرسة الابتدائية ثانوية. واصلت الشجرة النمو والازدهار وضربت جذورها في التربة الخصبة حتى طرحت أول فوج من خريجي البكالوريوس في جامعة بيرزيت عام 1976.

في الثمانينيات، أصبحت الشجرةُ حقلاً، ومبنى المدرسة في بلدة بييرزيت صار حرماً جامعياً ضخماً، تُولد فيه كل يوم شجرة وفكرة. بدخول الألفية الجديدة، بدأت الجامعة وخريجوها حصد نتاج الزرع الطيب، إنجازات ثقافية ووطنية واجتماعية تلقى تقديراً محلياً ودولياً، وتبقي خريجي الجامعة الأربعين ألفاً في دائرة الضوء والتميز أينما حلّوا.

وحتى اليوم، تواصل جامعة بيرزيت التقدم، في طريق مدروس، تقودها إستراتيجية للأعوام 2017-2022، أريد منها أن تعزز بيرزيت مكانتها كجامعة فلسطينية تنافس صفوة الجامعات العالمية؛ رغم كل ما يعترض طريقها من حواجز أكبرها محاولات الاحتلال طمسها، لكنها أصبحت أكثر بريقاً بتتويجها بجائزة عرفات للإنجاز.

 

بيرزيت ضمن أفضل 3% من جامعات العالم

يدرس على مقاعد الجامعة اليوم أكثر من 14  ألف طالب وطالبة في تسع كليات، موزعين على 111 برامجاً أكاديمياً نوعياً، منها 75 للبكالوريوس، و32  برنامجاً تؤدي إلى درجة الماجستير، إلى جانب برنامج دكتوراة في العلوم الاجتماعية، وبرنامجي دبلوم، وآخر للدراسات العربية والفلسطينية للطلبة الأجانب.

يُدرّس في هذه التخصصات 446 أستاذاً، منهم 32% إناث، يؤدون دوراً مركزياً في ريادة الجامعة لقوائم التصنيف العالمية، ومنها تصدر بيرزيت الجامعات الفلسطينية في القائمة التصنيفية لموقع Webometrics  في حزيران 2018، الذي يستند لعدد الاقتباسات التي تحصل عليها المنشورات العلمية لأساتذة الجامعة على منصة (Google Scholar)  في مؤشر على جودة وتأثير هذه المنشورات.

وفي هذه السنة، حَمت بيرزيت موقعها بين أفضل 3% من جامعات العالم للعام الثاني على التوالي، بحسب القائمة العالمية لتصنيف QS 2019 الصادر عن شركة (Quacquarelli Symonds) البريطانية المختصة بالتعليم العالي سنوياً، بعد أن أصبحت أول جامعة فلسطينية تبلغ التصنيف. وأيضاً في النسخة العربية من QS، بقيت الجامعة من بين أفضل 50 جامعة عربية، وفي صدارة الجامعات المحلية للعام الخامس على التوالي.

كما يحقق طلبة وخريجو الجامعة انجازات نوعية، بمبادراتهم المجتمعية وأبحاثهم العلمية ومهاراتهم الفنية والرياضية، هذه النجاحات تدعمها البيئة المستنيرة المستقلة، وتقويها حرية الفكر والتعبير والحرص على ممارسة الديمقراطية والحوار، ويحفزها التميز والإبداع والابتكار في التعليم والتعلم والبحث، في سبيل إنتاج كفاءات تقود التغيير وتساهم في رقي الوطن وتقدمه.

كما تحرص جامعة بيرزيت على إطلاق المزيد من البرامج الأكاديمية النوعية والكليات الجديدة، فقد بدأت أعمال بناء كلية الفنون التي ستضم تخصصات نوعية فريدة، منها برنامج الموسيقى العربية؛ الأول من نوعه في فلسطين، وهو تخصص نادر في المنطقة العربية، يهدف إلى خلق حالة ثقافية في الوطن، وسيساعد على تطوير الذوق الفني والأدائي في الموسيقى.

وأطلقت مكتبة جامعة بيرزيت، في العام 2016، المستودع المعلوماتي الرقمي لجامعة بيرزيت "فضا Fada"، الذي يهدف إلى حفظ الإنتاج الفكري والمعلوماتي للمؤسسة وكوادرها. وأسست الجامعة منظومة القضاء والتشريع في فلسطين (المقتفي) كأول بنك معلومات قانوني من نوعه في فلسطين، وبرنامج الأرشيف الرقمي، الهادف لتحرير الوثائق والحفاظ عليها على المدى البعيد، ويشكل أرشيفاً ومصدراً موثوقاً عن الشعب الفلسطيني.

وإدراكاً لدورها الذي يتجاوز الأكاديميا، فقد أسست بعض المرافق الداعمة لحضورها في مختلف مفاصل الحياة الفلسطينية، التكنولوجية والطبية والعلمية والفنية، حيث بدأت مؤخراً إنشاء الحديقة التكنولوجية الفلسطينية-  الهندية، التي تطمح إلى توفير فرص عمل في قطاع التكنولوجيا لتنويع الاقتصاد الفلسطيني. 

ومعهد سميح دروزة للصيدلة الصناعية الذي افتتح عام 2015، يهدف إلى تطوير الصناعات الدوائية في فلسطين، ويسعى لنقل التكنولوجيا الحديثة في التصنيع الدوائي وتطبيق معايير الجودة لفلسطين لتلبية احتياجات الصناعة الدوائية.

كما تضم الجامعة المرصد الفلكي (مرصد ميشيل وسنية حكيم)، الهادف إلى نشر الثقافة الفلكية بين قطاعات المجتمع كافة، خاصة الطلبة منهم، من أجل رصد السماء الفلسطينية ووضع فلسطين على خارطة الأبحاث الفلكية.

جامعة تؤمن بدورها المجتمعي

ترسخ جامعة بيرزيت قيمة الديمقراطية وتعتبر مثالاً يحتذى، ليس في مؤسسات التعليم العالي فقط، وإنما في الحياة السياسية الفلسطينية برمتها، حيث تبدأ ديمقراطية الجامعة بين الأساتذة والطلبة داخل الصفوف، وتنتقل إلى نقابة العاملين المنتخبة من أعضائها، وإلى الطلبة وهم ينتخبون مجلسهم الطلابي كل عام، ويتناظرون مقدمين آراءهم السياسية ووعوداتهم الانتخابية بأجواء تنافسية يرقبها المجتمع والإعلام الدولي ويعتبرها مؤشراً على توجهات الرأي العام الفلسطيني.

واستمراراً لدور الجامعة في توفير فرص تعليم متساوية لجميع شرائح المجتمع، تعتمد بيرزيت مبدأ المشاركة في تكاليف التعليم، حيث تشكّل الرسوم التي يدفعها الطلبة 40% من التكلفة الحقيقية لتعليمهم، وتلتزم الجامعة بتوفير المبالغ المتبقية عن طريق برامج متعددة لتوفير المنح والمساعدات الطلابية، ونتاجاً لذلك حصل 40% من الطلبة على منح ومساعدات مالية بقيمة 5.4 مليون دولار خلال العام الدراسي  2017/2018.

واستشعاراً من جامعة بيرزيت لدورها الوطني، فإنها أعادت الاعتبار للسجن، والمقبرة، والمخيم، عبر المساق الفريد "فلسطين: الهوية والقضية"، الذي تم تثبيته كمتطلب جامعي عام 2014. وقد تفرعت عن هذا المساق سلسلة من المساقات التي تتميز بالتخصص في موضوعاتها، لتغطي مساحات تخصصية في السردية الفلسطينية، وهذه المساقات هي: "دفاتر السجن: الحركة الفلسطينية الأسيرة"، و"دفاتر الفداء: الحركة الفلسطينية الشهيدة"، و"دفاتر العودة: الحركة الفلسطينية اللاجئة".

واعتمدت جامعة بيرزيت منذ عام 1972  برنامج العمل التطوعي كأحد متطلبات التخرج في الجامعة، إذ يلزم كل طالب وطالبة بإنهاء120  ساعة عمل تعاوني خلال سنوات دراسته. ووسّعت الجامعة من نطاق عملها، مستهدفة المجتمع المحلي، بإنشاء 11 مراكزاً ومعهداً متخصصاً، أسست لشراكات فاعلة مع الخريجين والمهنيين بشكل مباشر، ومع مختلف مؤسسات فلسطين العامة والخاصة، ومدّتها بحصيلة خبرة الجامعة التي تكاد لا تخلو مؤسسة في الوطن من أثرها.

ولا يمضِ يوم في الجامعة دون انعقاد ندوة متخصصة أو مؤتمر أو معرض فني أو نشاط مجتمعي أو ثقافي في متحف ومسرح وقاعات وساحات الجامعة. وتتوج هذه الفعاليات سنوياً بمهرجان ليالي بيرزيت، الذي تحييه فرقة الجامعة إلى جانب العديد من الفرق الفنية.

ولا تكتفي الجامعة بجهودها المحلية، ولكن تسعى عبر مكتب العلاقات الخارجية الأكاديمية لتعزيز مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي، حتى نجحت في توسيع قنوات التعاون مع 160 جامعة في اتحاد الجامعات المتوسطية، وساهمت مع جامعات إقليمية وعالمية في إيجاد فرص ودعم التبادل للهيئة الأكاديمية والطلبة، والمشاركة في النشاطات الأكاديمية والمؤتمرات الدولية.

وتتطلع جامعة بيرزيت إلى أن تظل الجامعة الفلسطينية الأولى، المعترف لها بالتميز في التعليم والتربية والأبحاث وخدمة المجتمع، وقبلة لأفضل الطلبة والأكاديميين من كافة أرجاء الوطن وحاضنة لصنع القادة في كافة مناحي الحياة، وأن تصبح على المدى المتوسط من أفضل الجامعات في المنطقة العربية، وعلى المدى الأبعد جامعة من مستوى عالمي.