في اليوم العاشر للأزمة جامعة بيرزيت لا تزال تبحث عن الحل!

ها قد انقضى اليوم التاسع للأزمة، دون أن يحمل في طياته أي أفق لحل منظور؛ ولا تزال إدارة جامعة بيرزيت وقيادة الحركة الطلابية على طرفي نقيض، دون أي تقارب يذكر، وذلك على الرغم من البرامج التلفزيونية والإذاعية الساعية إلى تجميع الفرقاء على طاولة الحوار من أجل تقريب وجهات النظر، علّها تحمل بذوراً لفرج قريب. ولكن الغريب في الأمر، هو محاولة الجميع التوافق على حل للأزمة، قبل الاتفاق على حقيقة المشكلة الرئيسية التي قادت إلى تلك الأزمة، فالمشكلة من وجهة نظر إدارة الجامعة تكمن في إغلاق الجامعة بالجنازير ومنع الطلبة والموظفين من دخولها؛ في حين أن المشكلة عند إدارة الحركة الطلابية تكمن في قيام إدارة الجامعة بتثبيت سعر صرف الدينار، ما زاد من الأعباء المالية الملقاة على كاهل الطلبة وذويهم. وانطلاقاً من المثل الشعبي القائل إن كل مشكلة ولها حل، فإن المنطق يقول إنه وفي ظل عدم الاتفاق على المشكلة، فمن المستحيل أن يتم الاتفاق على الحل، وهذا ما يفاقم الأزمة ويطيل أمدها. مما لا شك فيه أن أزمة الجامعة، التي باتت تتكرّر سنوياً، تأتي انعكاساً للأزمات الحاصلة خارجها، وبالتالي فهي بالأساس أزمة مجتمعية لا جامعية؛ ولن نستطيع التخلص من هذا الكابوس السنوي إلى الأبد ما لم نعالج تلك الأزمة المجتمعية من جذورها. واللافت هنا أننا دائماً ما نشهد تدخلاً خجولاً ومتأخراً لمحاولة التوسط في حل الأزمة من قبل القطاعات الفلسطينية المختلفة؛ وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على غياب الاهتمام المجتمعي بالتعليم العالي ومؤسساته، إضافة إلى الإهمال الحكومي الذي يمكننا أن نحدّث عنه ولا حرج، كما أن ذلك مؤشرٌ خطير على اللامبالاة بالوقت الضائع سدى على أهم شريحة في المجتمع، وهم طلبة الجامعات. إن أول إجراء لحل هذه الأزمة جذرياً يتمثل بإعلاء شأن التعليم الجامعي مجتمعياً، فعلاً لا قولاً، بشكل لا يقبل معه المجتمع بكل أطيافه وقطاعاته جنزرة أي جامعة ولو لساعة واحدة، انطلاقاً من أن هذا الفعل يوازي إقفال ما بقي مفتوحاً من العقل الفلسطيني، وتعزيز لمنطق القوة على حساب قوّة المنطق في التعاطي مع الأزمات؛ إضافة إلى تعزيز ثقافة الكسل الجسدي والفكري لدى مجتمع الجامعة من طلبة وأساتذة. ثانياً، لا بد من وقف هدر المال الفلسطيني العام وترشيد إنفاقه في الأوجه السليمة حتى في داخل المؤسسات التعليمية؛ إذ لا يعقل أن تنفق الكتل الطلابية في الجامعة مئات آلاف الشواكل على حملات انتخابية لمجالس الطلبة، في حين أن هذه المبالغ قد تساهم بشكل فعّال في حل أزمة العديد من الطلبة المحتاجين. أما ثالثاً، فهو مطلب قديم جديد، وهو أن تعمل الحكومة على زيادة مخصصات التعليم العالي، وإن كان على حساب القطاعات الأخرى، لاسيما وأن رئيس الوزراء الحالي، د. رامي الحمدالله، هو الرئيس السابق لواحدة من أكبر جامعات الوطن، وهو أعلم من غيره بالمشاكل المالية التي تعصف بالجامعات؛ فالأجدر به إعطاء الأولوية لتلك القضية على غيرها. في النهاية، فقد أعلنت إدارة جامعة بيرزيت أن خسائر الجامعة تعادل الـ71 ألف دينار عن كل يوم إغلاق، وهنا يكون مجموع الخسائر في هذا اليوم، العاشر للإغلاق، قد بلغ 710 آلاف دينار؛ وبالتالي تحتاج الجامعة إلى قرابة الأربع سنوات من الدعم الحكومي في حجمه الحالي لسد هذا المبلغ فقط؛ وهكذا يكون إغلاق الجامعة وصفة سحرية لإهدار المال الفلسطيني. nbsp; رائد اشنيورمنسق برنامج تركيز الهجرة القسرية واللاجئين في معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية جامعة بيرزيت

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.