قبل فوات الأوان

فاقم الإنخفاض الأخير في سعر صرف الدينار مقابل الشيقل خلال الأشهر الأخيرة من الأزمة المالية التي تعيشها الجامعة أصلا. ويملي الشعور بالمسؤولية الجماعية علينا جميعا التفكير باستمرار في السبل العديدة الممكنة من أجل الحد من هذه الأزمة، أولا بسبب العلاقة الوثيقة بين وضع الجامعة المالي وبين مستواها الأكاديمي، وثانيا لأن تفاقم الأزمة يعيد الجامعة إلى تراكم دائرة الدين المتصاعدة، والتي قد تحد من إمكانية الجامعة في الإيفاء ببعض التزاماتها الأساسية مستقبلاً.

ولا يعقل أن يقتصر النقاش العام بين أعضاء مجتمع الجامعة حول قضاياها المصيرية على فترات الأزمات، التي تكون فيها أحيانا مواقفنا أكثر عصبية وأقل عقلانية، ولا يعقل أيضا أن يقتصر حمل هموم الجامعة، وأهمها المالية، على الأشخاص الذين يشغلون مناصب إدارية، فالمسؤولية عن الأزمة عامة، وتبعاتها قد تصبح طامّة.

ونعرف جميعنا أن للأزمة المالية في الجامعة أسبابا عديدة، بعضها يتعلق ببعض جوانب الإيرادات، والبعض الآخر يتعلق بنواح من جانب النفقات في الموازنة، ولا شك أن الجهود يجب أن تستمر من أجل تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات قدر الإمكان.

ولكن هناك بعد آخر للأزمة المالية يشكل سببا رئيسيا لعدم الاستقرار المالي هو المفارقة الناتجة عن أن الجامعة تجبي الأقساط والرسوم، والتي تشكل حوالي 80% من موازنتها، بعملة الدينار/الدولار (على اعتبار أن الدينار مثبت على سعر محدد للدولار بدون تذبذب)، في حين تصرف ما يقارب من 80% من نفقاتها، المتمثلة بالرواتب بالشيقل، وإن كان على شكل دينار (على اعتبار ان الرواتب تدفع بالدينار لكن على سعر مثبت للدينار هو 5,6).

فإذا علمنا ان حوالي 95% من أهالي طلبة جامعة بيرزيت يتلقون مداخيلهم بالشيقل، فلماذا لا يدفعوا أقساط ابنائهم الطلبة بنفس العملية؟ أو بالدينار على حسب سعر صرفه في السوق في حينه؟

وبالمناسبة، فقد أدى إنخفاض سعر صرف الدينار في الأشهر الستة الأخيرة إلى تخفيض القيمة الحقيقية للقسط الذي يدفعه الطالب بنسبة حوالي 6%!.    

لقد شكل تثبيت رواتب العاملين على سعر صرف ثابت للدينار على الشيقل حماية لنا من تذبذب أسعار العملات، مما كان له أثر حميد في الإستقرار المالي للعاملين، وسيشكل دفع الأقساط من قبل الطلبة بالشيقل، أو بالدينار على سعر الصرف في السوق في حينة استقرارا ماليا للجامعة، يحميها من تذبذب أسعار العملية التي لها وقع مالي قاس عليها، دون أن يؤثر سلبا على الطلبة لأن دخل أولياء أمورهم بالشيقل أصلا.

لا أدري ما هو رأيكم، ولكني أرى الوقت مناسب لإنهاء هذه المفارقة وتوحيد سياستي جباية الأقساط ودفع الرواتب، الأمر الذي لن يؤذي أحدا، وسيساهم في الحد من الأزمة قبل فوات الأوان.

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.