كلمة رئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة في افتتاح مسرح نسيب عزيز شاهين، 16 كانون الأول 2015

الأخُ الدكتور حنا ناصر، رئيسَ مجلسِ أمناء الجامعة المحترم،
الأخواتُ والإخوةُ أعضاءَ مجلسِ الأمناءِ المحترمين،
الحضورُ الكريم،
في العادة، تكتسبُ المباني الضوءَ من النوافذِ التي تتسللُ منها الشمسُ لتفرضَ حضورَها.
اليومَ، نحن في مبنىً بلا نوافذ، لكنه سيكونُ منارةً للفنِّ والأدبِ والجمال، وسيعزز قيمًا نبيلةً تضاف إلى إرثٍ تاريخي بدأ منذُ نهاياتِ القرنِ التاسعَ عشر، وكرّس حضوره في القرن العشرين، رغم النكسات والنكبات المتتالية، التي لحقت بهذا الشعب.
على هذه الخشبة، ستقدمُ فرقٌ فلسطينيةٌ وعالميةٌ عروضًا موسيقيةً ومسرحيةً، وسيحضرُها مهتمون من المجتمعِ المحلي، ومن طلبةِ الجامعة، في مسعىً نراه من ضمن أولوياتِ الجامعة، وهو الانتصارُ للثقافةِ، وإعلاءُ أعمدتها، فهي تساهمُ في تشكيلِ وعيٍ منفتحٍ على مختلفِ الثقافات، ليصيغَ ثقافتَه الخاصة، المنتصرةَ لحقِّه في الحرية والاستقلال.
إن هذا التوجهَ من جامعةِ بيرزيت، مجلسَ أمناء، وأكاديميين، وطلابًا، يحتاجُ دومًا إلى تضافرِ الجهودِ مع أصدقاءِ الجامعة، الذين يُعطون ولا يبخلون، ويمُدون يدَ العونِ كلَّ مرة، لتتطورَ الجامعةُ أكثرَ وأكثر، قناعةً منهم بعِظَمِ الرسالةِ التي ترفعُها الجامعة، ودورِها المهمِ على أكاديميًّا ومجتمعيًّا.

الضيوفُ الكرام،
إن عائلةَ شاهين، عائلةٌ معطاءة، بدأتْ دعمَها للجامعةِ عامَ 1998، عندما تبرعَ ابنُ رام الله عزيز شاهين بإنشاءِ عيادةِ الجامعة. كما أن الراحلَ نسيب عزيز شاهين تبرع بإنشاء مبنى الدراسات العليا في الجامعة. وتبرع شوقي شاهين، شقيقُ الراحلِ نسيب عامَ 2007 بإنشاءِ مبنى كليةِ الآداب.
واليوم، نحتفلُ بافتتاحِ مسرحِ نسيب عزيز شاهين، الذي أنشئِ بتبرعٍ كريمٍ من وقفيةِ الدكتور نسيب شاهين، الذي رحلَ عن دنيانا عام 2009، وما زالت روحُه شاهدةً على هذا الإسهامِ النوعيٍّ في صياغةِ الوعيِ الجمعي والثقافةِ الفلسطينية، والاحتفاءِ بالفنِ كقيمةٍ عليا، لم تمنعْ سنواتُ الاغترابِ الراحلَ نسيب شاهين من دعمِها، وظلت فلسطين حاضرةً في ذاكرتِه، وها هي اليومَ تخلدُه برفعِ اسمِه على هذا الصرح، امتنانًا وعرفانًا بدورِه الكبير.
كما ساهمَ في تمويلِ إنشاءِ المسرحِ وتجهيزِه السيد شوقي شاهين، الأخُ الأكبرُ للدكتور نسيب، والسيد عبد المحسن القطان، و"دار الهندسة– شاعر ومشاركوه" في الأردن، وجمعيةُ أصدقاءِ جامعةِ بيرزيت في الولاياتِ المتحدةِ الأميركية، والسيد سليم إده من شركة ميوريكس بلبنان، ومؤسسةُ منى وباسم حشمة في الولايات المتحدة الأميركية.

الحفلُ الكريم،
لقد كانت للراحلِ نسيب عزيز شاهين إسهاماتٌ في عالمِ الأدب، إذ ألّف كتابًا مصورًا عن مدينةِ رام الله، التي ظل فؤادُه معلقًا فيها، بينما كان يدرسُ الأدبَ الإنجليزيَ في جامعةِ ممفيس بأميركا، ويأتي دعمُ إنشاءِ المسرحِ في سياقِ إدراكٍ واعٍ لدورِ الفنِّ كرافعةٍ حقيقيةٍ للشعوب، التي لن يمنعَها الاحتلالُ والبؤسُ الشديد، من البحثِ عن الفرحِ والسعادة، وحضورِ المسرحياتِ والعروضِ الموسيقية، التي سنعملُ جاهدين على إقامتها.
ولا بدَّ من الإشادةِ بكلِّ أصدقاءِ جامعةِ بيرزيت، الذين لا يترددونَ في دعمِها، إيمانًا منهم بدورها، وحرصًا منهم على استمرارِها منارةً للعلمِ والثقافةِ والأدبِ والفكرِ الحر والمتنوع.
الرحمةُ للراحلِ الدكتور نسيب عزيز شاهين، ولعله من المناسب أن نتذكرَ أن الموتَ الذي يهزمُ الأجساد، بالإمكانِ أن ننازلَه ونهزمَه. ألم يقلْ محمود درويش: "هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها؟".

شكرًا لحضوركم، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته.